رام الله- شكّلت خطوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعلان حل المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات خلال ستة أشهر ضربة قاصمة لجهود المصالحة الفلسطينية التي دخلت روسيا مؤخرا على خطها. وترى دوائر سياسية عربية أن خطوة عباس تأتي ردا غير مباشر على تحركات موسكو لإنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس، حيث إن الرئيس الفلسطيني الذي يتحرج من إبداء موقف رافض للجهود الروسية عمد لاتخاذ هذه الخطوة التي من شأنها أن تجذر الانقسام وتعزز انفصال الضفة الغربية عن قطاع غزة. وأعلن الرئيس الفلسطيني السبت أنّ المحكمة الدستورية قضت “بحلّ المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات تشريعية خلال ستة شهور”، مؤكّداً أنّه سيلتزم “تنفيذ هذا القرار فوراً”. وقال عباس إنه نظراً لأن المجلس التشريعي المنتخب في مطلع 2006 لم يعد يعمل منذ 12 سنة، كان لا بد من إجراء قانوني، وهكذا رفعت القضية إلى المحكمة الدستورية. وبسبب الخلافات بين حركتي فتح وحماس تعطّلت أعمال المجلس التشريعي منذ العام 2007 عقب سيطرة حماس على غزة. وتتولى مصر إدارة ملف المصالحة، ورغم الجهود التي بذلتها بيد أنها فشلت في تحقيق أي خرق في ظل تعنت كل من عباس وحركة حماس ورفض تقديم أي تنازلات. ومثلت رغبة موسكو في التدخل على هذا الخط عبر دعوتها لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية لزيارتها مطلع العام المقبل، وقبلها استقبلت وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي (الأسبوع الماضي)، دفعة جديدة لإمكانية حدوث انفراجة، إلا أنه من الواضح أنّ عباس مازال يصر على الهروب إلى الأمام رفضا لإنهاء هذا الوضع الشاذ الذي يشكل حجر عثرة أمام أي جهد لمواجهة الخطط التي ترسم للقضية الفلسطينية.وأعلنت حركة حماس الأحد رفضها قرار المحكمة الدستورية واعتبرت أن “ليس له أي قيمة دستورية أو قانونية”. وليست حماس فقط من تعارض خطوة حل المجلس التشريعي الذي تملك أغلبية فيه بل أيضا باقي الفصائل على غرار حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فضلا عن التيار الإصلاحي في حركة فتح، الذي وإن كان يتبنى فكرة إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بيد أنه يرى أن خطة حل التشريعي في هذا التوقيت هو تعزيز للانقسام. وأكد رئيس التيار الإصلاحي في فتح محمد دحلان في وقت سابق لـ”العرب” “أنه وفقا للقانون لا يملك عباس صلاحية حل المجلس التشريعي، إلا إذا أعاد منصبه المغتصب (يقصد انتهاء الولاية القانونية له منذ عام 2009) إلى الشعب الفلسطيني ليقرر الشعب اختيار قياداته الجديدة عبر انتخابات ديمقراطية جديدة”. واعتبر القيادي الفلسطيني أن خطوة حل المجلس التشريعي تزيد من عزلة أبومازن نفسه وتضيف عبئا جديدا على ملفات الخلاف والانقسام، مشيرا إلى أن مقاومته هذا التوجه ليست خشية من أنه سيؤدي إلى عزله أو إضعافه، إنما لأنه توجه غير قانوني مثل كل قرارات وإجراءات أبومازن، خاصة بعد انتهاء صلاحيته منذ تسعة أعوام. وحمّل محمد دحلان حركة حماس والرئيس عباس المسؤولية في حالة الانقسام التي تشهدها الساحة الفلسطينية، مشيرا إلى أن الأخير يتحمل المسؤولية الأكبر لأنه ببساطة لا يريد غزة ومسؤولياتها، فالشروط والمطالب التي وضعها أبومازن تعجيزية تماما ولا يمكن لقيادة حماس قبولها وهو يعلم ذلك ويتعمّد التعجيز. ويتساءل سياسيون فلسطينيون لماذا لا ينفذ عباس توصيات وقرارات المجلس الوطني الفلسطيني لجهة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل؟. ويرى مراقبون أن الرئيس الفلسطيني يخدم بشكل غير مباشر إسرائيل التي تسعى لإبقاء الانقسام، كما أنّه يقدم هدية لحماس حيث إن هذه الخطوة تظهر أن السلطة الفلسطينية هي من ترفض المصالحة، فضلا عن أنها ستدفع باقي الفصائل للالتفاف حول حماس، وبالتالي زيادة عزلة عباس، وتآكل رصيده الشعبي. واستبعد دحلان في حواره مع “العرب” “انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية لأن الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح لها بالانهيار بحكم احتياجاته الأمنية وتجنبه التورط مجددا بإدارة الشؤون اليومية للناس، ولكن إذا كان السؤال هل السلطة أداة تعزيز لصمود شعبنا ومقاومته للمحتل؟ فالجواب قطعا لا”.
مشاركة :