لندن – كشفت مصادر رسمية إيرانية أن شركتي كارغيل وبنجي وعدد آخر من كبار شركات التجارة العالمية أوقفت صفقات إمدادات الأغذية مع إيران لأن العقوبات الأميركية الجديدة أصابت الأنظمة المصرفية اللازمة لتأمين المدفوعات بالشلل. وجاء ذلك رغم أن الغذاء والأدوية والإمدادات الإنسانية معفاة من العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي. وأكد مصدر أوروبي عدم وجود “فرصة حقيقية للحصول على التمويل باستخدام الآليات المطبقة حاليا وأن الكثير من التجار الدوليين عاجزون عن القيام بصفقات جديدة حاليا”. وذكرت مصادر تجارية غربية وإيرانية أن مجموعتي كارغيل وبنجي الأميركيتين وأولام السنغافورية من بين الشركات التي لم تتمكن من إبرام صفقات تصدير جديدة للقمح والذرة والسكر لأن البنوك الغربية لا يمكنها تحويل مدفوعات الصفقات مع إيران. وبدأ سريان العقوبات الأميركية بشكل كامل في 5 نوفمبر غير أن واشنطن أعفت بشكل مؤقت بعض حلفائها الذي يعتمدون على واردات النفط الإيراني. وتعتمد إيران كثيرا على المواد الغذائية الأساسية المستوردة ولديها سنوات من الخبرة في الالتفاف على العقوبات الأميركية والغربية الأخرى التي أصبحت أكثر صرامة تدريجيا بين عامي 2012 و2015 إلى أن توصلت طهران لاتفاق بشأن برنامجها النووي. وتم رفع عقوبات كثيرة في يناير 2016.وفي ظل جولات العقوبات السابقة لجأت إيران إلى عدد قليل من البنوك الأجنبية التي ظلت تعمل بمثابة همزة وصل للمدفوعات في سبيل استمرار واردات الغذاء وأشكال أخرى من التجارة. لكن الكثير من هذه القنوات المتمثلة في البنوك الأجنبية أغلقت في ظل هذه الجولة. ونسبت رويترز إلى 3 مسؤولين إيرانيين قولهم إن مسائل مصرفية هي السبب في وقف تجارة الأغذية وغيرها. وأكد مسؤول في قطاع الصناعة والتعدين والتجارة في إيران أن “حفنة من البنوك الأوروبية الصغيرة” والتي ليست لها تعاملات تذكر مع الولايات المتحدة ما زالت تعمل مع إيران ولا تتعامل إلا في صفقات على نطاق ضيق. وأضاف “نجري محادثات مع الأوروبيين لتوسيع هذه الشبكة من البنوك والمؤسسات المالية. لكن شركات كثيرة بينها كارغيل وبنجي أبلغتنا في الوقت الحالي بوجود صعوبات مصرفية ستجبرها على وقف تعاملاتها مع إيران”. وأدرجت واشنطن البنك التجاري الأوروبي الإيراني ومقره ألمانيا على قائمة سوداء في نوفمبر لتغلق بذلك المؤسسة، والتي قالت مصادر مالية إنها تعاملت مع إيران على نطاق محدود بين عامي 2012 و2016. وفي يونيو، قال مصرف أوبر بنك النمساوي، أحد أوائل البنوك الأوروبية التي بحثت إبرام تعاملات جديدة مع إيران، إنه أوقف تعاملاته معها. وحذت بنوك أخرى حذوه بما في ذلك بنك دانسكه الدنماركي وبنك دي.زد الألماني. وقال بنك أي.بي.أن أمرو الهولندي إنه قام بتسهيل تحويلات لها علاقة بالغذاء والرعاية الصحية والمعدات الطبية والزراعة على نطاق محدود ومع زبائن محددين. لكنه قال لرويترز أيضا إن “الإجراءات التقييدية الأخيرة على البنوك الإيرانية تمثل تحديا”. وأكد مصرفيون أن البنوك الأجنبية أصبحت تفضل إنهاء أي نشاط إيراني بدلا من محاولة الخوض في القواعد الخاصة بالعقوبات الأميركية والمخاطرة بارتكاب خطأ ومواجهة غرامات.وذكر مصدر أوروبي شارك في السابق في معاملات إيرانية أن “هناك حذرا كبيرا الآن” وأن القواعد التي تخص الأغذية والتعاملات الإنسانية الأخرى معقدة. وأضاف “مثلا إذا تم شحن بضائع لموزع إيراني، يبيعها بدوره لجهة تجارية أخرى، فإن البنوك ستعتبر على نحو متزايد أن تلك العملية تجارية وليست إنسانية”. وكان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين قد أشار في نوفمبر إلى إمكانية استخدام خدمة سويفت للتراسل المالي في الصفقات الإنسانية، لكنه أضاف أن “على البنوك توخي الحذر الشديد من أنها ليست معاملات خفية وإلا فقد تكون معرضة لعقوبات معينة”. ويقول الاتحاد الأوروبي، المعارض لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي إن جهوده لوضع آلية لتسهيل التجارة والالتفاف على العقوبات الأميركية قد تؤتي ثمارها بحلول نهاية العام. لكن دبلوماسيين أوروبيين أكدوا أن الآلية قد تركز على السلع الإنسانية وليس تجارة النفط. بسبب عزوف معظم الشركات الكبرى طوعا عن التعامل مع طهران. وقال مصدر أوروبي له أنشطة تجارية في إيران “حتى الصفقات التي تم إبرامها بالفعل تأثرت وحتى السفن التي تنقل بضائع لا تستطيع تفريغ شحناتها لأنه لا يمكن إجراء المعاملات الخاصة بالمدفوعات أو لأن الأمر يستغرق وقتا طويلا”. وأظهرت بيانات على منصة معلومات الشحن مارين ترافيك أن 16 سفينة تنتظر إفراغ حمولتها من سلع تشمل مواد غذائية، منذ أسبوعين على الأقل عند ميناءي بندر عباس وبندر الإمام الخميني في إيران وأن 4 منها تنتظر منذ أكتوبر.
مشاركة :