إعداد: إبراهيم باهو اعتمد الإنسان على الطب الشعبي؛ لمداواة أمراضه قديماً، إلا أن الأمر اختلف كلياً منذ نهاية القرن ال16، عندما تمكن العالم البريطاني إدوارد جينر، من اكتشاف أول لقاح لمرض الجدري في عام 1796، ثم تطور العلم بشكل كبير، واكتشف العالم الإسكتلندي ألكسندر فلمنج، «البنسلين» أول مضاد حيوي في التاريخ سنة 1928، وذلك عن طريق الصدفة، عند عودته من إجازته الصيفية مع العائلة، ليكتشف أن البكتيريا العنقودية التي تركها في مختبره غير المرتب تذوب حول الفطريات في المزرعة التي أعدها في المعمل، واستنتج أن هذه الفطريات تنتج مادة قاتلة لهذا النوع من البكتيريا.يعود تاريخ هذا الاكتشاف الذي أنقد حياة الملايين من البشر إلى الحرب العالمية الأولى، عندما كان فلمنج شاهداً على مقتل العديد من الجنود بسبب البكتيريا الناجمة عن الجروح في أجسادهم؛ حيث لاحظ أن المطهرات التي كانت تستخدم في ذلك الوقت لعلاج الجروح، كان تؤدي إلى سوء حالتها.وفي مقالة نشرها في دورية «The Lancet» الطبية، أوضح أن المطهرات تقتل الجنود أكثر من العدوى نفسها، وأنها تعمل على إيواء البكتيريا اللاهوائية في الجروح العميقة، لكن وعلى الرغم من هذا استمر الأطباء باستخدام نفس المطهرات خلال الحرب.بعدها كثف فلمنج أبحاثة لاكتشاف مادة طبية يمكنها القضاء على البكتيريا، من مستشفى سانت ماري بالعاصمة لندن، وهناك اكتشف أنزيماً يدعى «ليزوزيم» أو«ليسوزيم»، وهي مادة يفرزها الجسم البشري، خليط من اللعاب والدموع، تقضي على بعض الميكروبات، إلا أنها لا تقضي على الميكروبات الضارة في الإنسان.وفي سبتمبر/‏ أيلول 1927 ولقرابة أكثر من 7 شهور اهتم فلمنج بدراسة «المكورات العنقودية» وهي جنس من البكتيريا، إلا أنه ترك أبحاثه في زاوية من مختبره غير المرتب، وراح يقضي إجازة عائلية لشهر بأكمله، وعندما عاد اكتشف أن «المكورات العنقودية» القريبة من جنس من الفطور يدعى «Penicillium chrysogenum» قد ماتت، أما البعيدة عنها فكانت في حالتها الطبيعية، وهكذا اكتشف أن المادة العفنة التي ينتجها هذا الجنس من الفطور تقضي على البكتيريا بشكل فعال.بعد اكتشافه هذه قال جملة شهيرة جداً: «أحياناً يجد المرء شيئاً لا يبحث عنه، فعندما استيقظت بعد الفجر يوم 28 سبتمبر/‏ أيلول 1928، لم أخطط بالتأكيد لإحداث ثورة عالم الطب من خلال اكتشاف أول «قاتل للبكتيريا» أول مضاد حيوي في العالم، إلا أنني أعتقد بأن هذا ما فعلته بالضبط».اليوم تشير تقارير صحية عالمية إلى أن استهلاك العالم من المضادات الحيوية قفز منذ 15 عاماً.