قبل أشهر من تنازله عن العرش، أعرب إمبراطور اليابان أكيهيتو عن «ارتياح عميق» لأن الفترة التي كان فيها امبراطوراً لم تشهد حروباً، مشيراً إلى ضحايا الحرب العالمية الثانية. وقدّم 82 ألف شخص أمنياتهم الطيبة للامبراطور الذي أتم عامه الخامس والثمانين أمس، في آخر احتفال بعيد ميلاده في القصر قبل تنازله عن العرش. وفي خطاب سُجل مسبقاً لمناسبة عيد ميلاده، أشاد الإمبراطور بالشعب الياباني وبالإمبراطورة ميشيكو التي بقيت إلى جانبه 60 سنة في القصر الإمبراطوري. وبصوت يرتجف تحدث عن الحرب العالمية الثانية و«عدد الضحايا الذي لا يُحصى» خلال النزاع الذي شاركت فيه اليابان خلال عهد والده هيروهيتو الذي توفي عام 1989. واضاف: «أعتقد بأهمية ألا ننسى أن عدداً لا يُحصى من الأرواح زُهقت خلال الحرب العالمية الثانية، وأن السلام والازدهار تحققا في اليابان ما بعد الحرب، بفضل التضحيات والجهود التي بذلها شعبها، وبوجوب نقل هذا التاريخ بدقة إلى الأجيال التي وُلدت بعد الحرب». وتابع: «أشعر بارتياح كبير لأن العهد الإمبراطوري الحالي يشارف على نهايته في اليابان من دون حروب». وقال الامبراطور: «قلبي مع مَن فقدوا أفراداً من أسرهم أو أحباء لهم أو من تكبّدوا خسائر ويعانون الآن في حياتهم». ويشير بذلك الى كوارث طبيعية شهدتها اليابان السنة الماضية، اذ سبّبت زلازل وعواصف عاتية وموجات حرارة شديدة مقتل مئات وتدمير منازل وعرقلة سلاسل الإمداد. وأشار اكيهيتو أيضاً الى العمال الأجانب، معرباً عن أمله بأن «يتمكّن الشعب الياباني من الترحيب بحفاوة بمَن يأتون الى اليابان للعمل، بصفتهم أعضاء في مجتمعنا». وسنّت اليابان قانوناً هذا الشهر يسمح بالاستعانة بمزيد من العمال الأجانب، لمواجهة نقص كبير في الأيدي العاملة، على رغم انتقادات وصفت القانون بأنه صيغ على عجل ويهدد بتعريض العمال للاستغلال. وطيلة فترة الحكم الإمبراطوري مرّر أكيهيتو بانتظام رسائل سلام، معرباً عن الندم لعواقب السياسة التوسعية التي انتهجتها اليابان خلال النصف الأول من حكم والده. وعلى رغم عدم تحليه بأي سلطة سياسية، أثار الإمبراطور الشعبي جداً استياء اليمين المتطرف الياباني الذي يرفض التمعّن كثيراً في سلوك اليابان في الماضي. ولفت خبراء الى ان اكيهيتو اثار وعياً أعمق بماضي اليابان خلال الحرب، من خلال دوره الرمزي. ويتناقض موقفه التصالحي مع إشارات صدرت عن رئيس الوزراء شينزو آبي الذي تبنّى لغة خطاب لا تتضمّن كثيراً من الاعتذار على الاعتداءات العسكرية لليابان. وسيعتلي ناروهيتو، الابن البكر للامبراطور أكيهيتو، عرش اليابان خلفاً لوالده في الأول من أيار (مايو) المقبل. وأكد أكيهيتو أن حكمه اتخذ شكل سعي الى تحديد دور الإمبراطور بوصفه «رمزاً للدولة»، بموجب الدستور السلمي للبلاد. أكيهيتو الذي وُلد في 23 كانون الأول (ديسمبر) 1933، أول إمبراطور اعتلى العرش بموجب دستور 1947 الذي أملته الولايات المتحدة، بعد هزيمة اليابان. وشكر الإمبراطور زوجته ميشيكو التي كانت «من عامة الشعب واختارت هذه المسيرة إلى جانبي وطيلة 60 سنة خدمت بإخلاص العائلة الإمبراطورية وشعب اليابان». وخضع الامبراطور لجراحة في القلب ولعلاج من سرطان البروستاتا. وكان قال عام 2016 إنه يخشى من أن تقدّمه في السنّ يجعل من الصعب عليه اداء مهماته. وآخر مرة تخلّى فيها امبراطور ياباني عن العرش، كانت عام 1817. وأعلن البلاط الامبراطوري أن القصر شهد أمس احتشاد 82850 شخصاً، وهذا أكبر عدد يحضر عيد ميلاد اكيهيتو، المعروف بعهد «تحقيق السلام». ويتجاوز هذا الرقم عدد المهنئين الذين احتفلوا معه بعيد ميلاده الرابع والثمانين العام الماضي، وبلغ 52300 شخص. وقالت كازويو توياما (46 سنة): «أودّ أن أشكره لمساندته لنا، الشعب الياباني، وأودّ أن يستريح ويستمتع بوقته».
مشاركة :