الماء والجليد والأكسجين «كنوز» على الكواكب

  • 12/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: عبير حسينما الذي يبحث عنه الإنسان في الكون الشاسع؟ سؤال أزلي يتردد كل عام عند رصد أهم المحطات، التي تعد علامة فارقة في الرحلة؛ لاكتشاف الفضاء، بعضهم يعد التواصل مع الحضارات الذكية هدفاً لإعلان البشرية عن ذاتها وحضارتها، ويدلل أنصار ذلك الرأي على أن المسبارين «فوياجر 1 و2» حينما غادرا «درب التبانة» واختفيا في الفضاء «البنجمي»؛ أي ( بين النجوم) كانا يحملان تسجيلات لأصوات وصور وعبارات ترحيب بعدة لغات، تعكس تنوع الحياة والثقافات على الأرض؛ بهدف التواصل مع الكائنات الفضائية المحتملة، التي قد يقابلها المسباران. فريق آخر يرى أن المنافع الاقتصادية والعلمية هي المحرك الأول للبشرية، الباحثة عن كيفية استغلال الثروات السابحة حول الكوكب الأزرق المتعطش للمياه والتعدين والانتقال لاستعمار الكواكب الأخرى، ويدلل هذا الفريق على ذلك، بالاهتمام الكبير بالجليد والمياه، اللذين يعدان أهم الاكتشافات على سطح أي كوكب. في كل عام، ومع تقدم التقنيات العلمية، وزيادة عدد المسبارات الفضائية، تتكشف كواكب ومجرات جديدة، ونتأكد من وجود الجليد والمياه والمعادن على سطح كل من: المريخ والقمر والمشتري وتيتان وغيرها، ونحاول هنا استعراض أهم الاكتشافات، التي سجلها 2018. «ناسا» تؤكد وجود مياه على قطبي القمر بعد جدل علمي طويل حول طبيعة المسطحات، التي تمتد أسفل سطح القمر، أكدت وكالة «ناسا» منتصف أغسطس الماضي، وجود مياه متجمدة على القطبين الشمالي والجنوبي، وقالت في بيان حاز اهتماماً عالمياً «مع وجود ما يكفي من الجليد على السطح، يمكن استخدام هذه المياه كمصدر للمهمات المستقبلية؛ لاستكشاف القمر واستيطانه». وأعتبر ذلك التأكيد مقدمة مهمة لعودة الولايات المتحدة إلى القمر خلال السنوات القادمة، ليس لمجرد استكشافه واعتباره منصة للانطلاق إلى المريخ؛ لكن لاستيطانه. وكان اكتشاف مساحات هائلة من الجليد على سطح المشتري أحد أهم اكتشافات البحث عن الحياة في الفضاء لهذا العام، وجاءت الإشارة إلى الماء في البقعة الحمراء للكوكب في دراسة أجراها جوردون بيوراكر عالم الفيزياء الفلكية في مركز «جودارد لرحلات الفضاء»، التابع ل «ناسا»، التي أكدت أن الأقمار، التي تدور حول الكوكب؛ تعد أقماراً جليدية مائية، تحوي وفرة من المياه. وتساءل العلماء «لماذا لا يكون المشتري بجاذبيته الهائلة الكفيلة بالتقاط كل شيء، غنياً بالماء أيضاً؟». جمع بيوراكر وفريق العمل بيانات الإشعاعات الصادرة من المشتري؛ باستخدام تلسكوبين خاصين في قمة ماونا كيا بهاواي، إضافة إلى البيانات المرسلة من المركبة «جونو»، التي رصدت بصمات كيميائية للماء أعلى السحب في منطقة «الجحيم المضطرب». ستيفن ليفين، الباحث المشارك في مشروع «جونو» في مختبر الدفع النفاث، وقال:«ستخبرنا وفرة الماء على المشتري بالكثير عن كيفية تشكل الكوكب العملاق؛ لكن فقط إذا استطعنا معرفة كمية الماء الموجودة على الكوكب بأكمله».وحتى اليوم يعكف العلماء في مشروع المركبة «كاسيني» المختصة بدراسة زحل على دراسة أحدث الصور، التي أرسلتها قبل انتهاء مهمتها وارتطامها بسطح الكوكب العام الماضي. وتشير الدراسات الأولية لآخر الصور، التي بثتها المركبة، التي تعد الأكثر وضوحاً للقطب الشمالي للقمر «تيتان» العملاق أكبر أقمار زحل إلى وجود العديد من الجزر والبحيرات الغامضة، المملوءة بالميثان السائل والايثان.هذا العام اختلفت الاكتشافات الباحثة عن المياه على سطح المريخ عن المعتاد كل عام؛ بعدما أكدت العام الماضي وكالة «ناسا» وجود مسطحات مياه ضخمة على سطح الكوكب الأحمر؛ لكن الاكتشاف المذهل هذا العام، كان وجود الماء الغني بالأكسجين، وهو ما توصلت إليه دراسة علمية أجراها فريق من مختبر الدفع النفاث بوكالة «ناسا»، بالتعاون مع جامعة «jpl»، التي توصلت إلى أن الماء على سطح المريخ يحمل كمية من الأكسجين أكبر مما كان يعتقد سابقاً، وهي نسبة كافية لدعم حدوث التنفس الهوائي. وتتعارض هذه النتيجة مع السائد علمياً في الوقت الحاضر، التي تشير إلى أن الغلاف الجوي للكوكب يتكون من ثاني أكسيد الكربون.ويعد نجاح رصد أماكن وجود الجليد على سطح الكويكب القزم «سيريس» اكتشافاً لافتاً لهذا العام؛ إذ كان سبباً في تحديد سمات مشتركة لأماكن وجود الجليد على أسطح الكواكب. الباحثة هانا ج سايزمور من «معهد العلوم الكوكبية» في كاليفورنيا، والمهتمة بدراسة «سيريس»، أشارت في دراسة حديثة لها إلى أن فوهة هولاني على الكويكب تشبه تلك التي تم رصدها على المريخ وفيستا، وثبت بعد ذلك أن سبب تشكلهما هو التبخر السريع للماء هناك. وقالت سايزمور: «دائماً كنا نتساءل حين نرسل مركبة فضائية في النظام الشمسي عن وجود الماء أو الجليد. واليوم يمكننا اعتماد التضاريس على سطح الكواكب كدليل على وجودهما».سارة شيجر أستاذة علم الكواكب في معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا»، ونائب مدير لمهمة «TESS»؛ (القمر الصناعي المتخصص بمسح الكواكب الخارجية العابرة) قالت: «علينا الاستعداد لمفاجآت كبرى فهناك العديد من الكواكب المائية تسبح حولنا». رصد «إيكاروس» إنجاز فريدالعثور على «الأخ الضائع» لمجرة درب التبانة اكتشف العلماء في جامعة میتشیجان أن مجرة المرأة المسلسلة (Andromeda galaxy) جارنا الأقرب، قد فككت ومزقت مجرة أخرى ضخمة قبل ملیاري عام. وعلى الرغم من تمزق المجرة إلا أنها تركت للعلماء إرثاً عظيماً من الدلائل لدراستها منها هالة نجمیة غیر مرئية تقريباً أكبر من مجرة المرأة المسلسلة نفسها، وتدفق نجمي هائل مراوغ، ومجرة M32 المستقلة والمبهمة.الباحثان ريتشارد دسوزا وإيريك بيل من قسم الفلك في جامعة ميتشيجان نشرا نتائج دراستهما منتصف العام في مجلة Nature Astronomy وأكدا فيها إن M32p تعد «أخاً ضائعاً» لمجرتنا درب التبانة.قال إيريك بيل: «منذ فترة طويلة يدرس علماء الفلك مجموعتنا المجریة المحلیة التي تضم درب التبانة، والمرأة المسلسلة، ومجرات أخرى، لذلك صدمنا عندما أدركنا أنه كان لدرب التبانة أخ أكبر لم نعلم بوجوده من قبل». وأضاف: «على الرغم من التهام المرأة المسلسلة للكثير من المجرات، ولكنا تمكنا باستخدام محاكاة حاسوبية جديدة من فهم أن الهالة النجمية الباهتة المحيطة بالمرأة المسلسلة ناتجة عن تمزق مجرة واحدة كبيرة». ويعتقد العلماء إن هذا البحث قد يتمكن من كشف سر قديم، وهو النشأة الغامضة لمجرة M32 معتقدين أنها في الحقيقة مركز مجرة أخ درب التبانة. وفي منتصف العام وبعد أسابيع قليلة من الإعلان عن رصد «الأخ الضائع لمجرتنا»، أعلنت «ناسا»، رصد تليسكوب الفضاء «هابل» لأبعد نجم يرصده الإنسان حتى الآن ويقع على بعد 9.3 مليار سنة ضوئية، واطلق عليه «إيكاروس» الشخصية الأسطورية اليونانية القديمة. يقع النجم في مجرة حلزونية بعيدة، ويبعد حوالي 100 مرة عن أي نجم تم رصده في السابق، ويعتبر رصد «إيكاروس» إنجازاً فريداً نظراً لأنه أول رصد لنجم مفرد وليس لمجرات. وينتمي النجم إلى فئة النجوم الزرقاء العملاقة، ويفوق ضوؤه الشمس بمليون مرة، وتزيد حرارته عنها بمرتين. باتريك كيلي، وهو أستاذ الفلك والفيزياء في جامعة مينيسوتا، أشار إلى أنهم تمكنوا من رؤية النجم فقط عن طريق عدسة الجاذبية، حيث تم نشر صورتين لمكان وجود النجم، الأولى عام 2011 ولا يظهر فيها «إيكاروس»، والأخرى 2016 ويظهر فيها النجم. وعليه يكون الأول الذي يتم رصده بواسطة تقنية عدسة الجاذبية. وقال: «سيكون باستطاعتنا الآن دراسة تفاصيل شكل الكون عند نشأته، وكيفية تطور النجوم وما طبيعتها؟ والتعرف إلى الأجيال الأولى منها». سعى لتفسير بعض تعقيدات الأرض والفضاء العالم  يودع هوكينج عن عمر ناهز 76 عاماً ودع العالم مارس /آذار الماضي عالم الفيزياء والفلك الشهير ستيفن هوكينج الذي سعى لتفسير بعض من أكثر الأسئلة تعقيدا عن الحياة والأرض والفضاء. عمل هوكينج في موضوعات عدة بدءا من أصل الكون وحتى احتمال الانتقال عبر الزمن إلى الغموض الذي يكتنف الثقوب السوداء.كانت أهم نصائحه للبشرية «تذكر أن تنظر إلى النجوم وليس إلى قدميك. لا تتخل أبداً عن العمل، فهو يعطيك مغزى والحياة من دونه خاوية». وأيضا «مهما بدت الحياة عصيبة، هناك دائما ما يمكنك القيام به والنجاح فيه. عندما تكون هناك حياة، هناك أمل». وفي مايو/آيار الماضي نشرت مجلة Journal of High Energy Physics آخر نظرية لهوكينج حول أصل الكون، بالتعاون مع البروفيسور توماس هيرتوج من جامعة KU Leuven.وتعتمد الدراسة على نظرية الأوتار String Theory، وتتنبأ بأن الكون محدود وأبسط بكثير من العديد من النظريات الحالية حول الانفجار العظيم Big Bang. وقال هوكينج في مقابلة أجريت معه قبل رحيله «إن النظرية المعتادة للتضخم الأبدي تتنبأ بأن عالمنا يشبه الكسيريات اللانهائية، مع فسيفساء من أكوان جيبية مختلفة، ومفصولة بمحيط متضخم، ويمكن أن تختلف القوانين الفيزيائية والكيميائية المحلية من كون جيبي إلى آخر، التي تشكل معًا أكوانًا متعددة Multiverse، لكنني لم أكن معجبًا أبدًا بالأكوان المتعددة». وأضاف«لم نقلص في طرحنا العدد النهائي للأكوان المتعددة إلى كون وحيد، لكن استنتاجاتنا تشير إلى انخفاض كبير في عدد الأكوان المحتملة».البروفيسور هيرتوج قال«قادتنا كافة النماذج المنطقية للانفجار العظيم إلى الأكوان المتعددة، وإن صحت تلك النماذج، ووجدت فعلًا أعداد لا نهائية منها، عندها لن تفضي نماذجنا إلى معلومات مفيدة عن كوننا، ولن تعدو نظريات نشأة الكون أن تكون نظريات علمية لا طائل منها.» وأضاف«أراد هوكينج اختبار نظرية تمكن الباحثين من السيطرة على الأكوان المتعددة، وهذا ما قدمه في ورقته الجديدة"مخرج سلس من التضخم الأبدي"، والمقصود بالسيطرة هنا أي حصر الأعداد اللانهائية للأكوان المتعددة ضمن طرح يفترض عددًا محدودًا منها. صاروخ يصل إلى القمر والمريخ«سبيس إكس»  تحوّل الحلم إلى حقيقة نجحت شركة «سبيس إكس» هذا العام في تحويل كثير من الأحلام إلى حقيقة، فقبل عدة أشهر وقف العالم مشدوهاً يتابع إطلاق «تيسلا رودستار» على متن أكبر صاروخ فضاء في العالم، مسافرة في الفضاء الواسع لتصبح أول سيارة في العالم تبدأ رحلة الدوران حول الأرض، قبل انطلاقها لتدور حول المريخ، وربما تستمر رحلتها إلى ما لا نهاية إذا نجحت في عبور حزام الكويكبات بعد تجاوزها الكوكب الأحمر. وفي رسالة لا تخطئها العين، ثبت مجسم لرائد فضاء في مقعد السائق، وكتب على لوحة أمامه عبارة «لا تفزع»، وخلال الرحلة تبث السيارة أغنية space oddity للفنان David Bowie، وكتب على لوحتها «البشر صنعوها على الأرض»، بهدف التعريف بالحضارة الأرضية إذا عثرت الكائنات الفضائية عليها. وبعد النجاح الكبير في إعادة استخدام الصاروخ «فالكون9» عدة مرات، وإعادته إلى منصة مائية ( في المحيط الهادي) بعد تنفيذ مهماته المتعددة، وأهمها إيصال المركبة «دراجون» بحمولاتها المتعددة إلى مدارها في رحلتها باتجاه المحطة الفضائية الدولية، حصلت «سبيس إكس»على الضوء الأخضر من السلطات الأمريكية لتضع في مدار الأرض مجموعة من 11943 قمراً اصطناعياً، الهدف منها توفير شبكة إنترنت عالية السرعة للأرض بحلول 2020.وعلى سبيل المقارنة، أطلق ما يزيد بقليل على 8 آلاف جهاز في الفضاء، منذ القمر «سبوتنيك» في العام 1957، وفق مكتب شؤون الفضاء الخارجي التابع للأمم المتحدة. وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة أيضاً لا يزال 4880 قمراً يسبح في مدار الأرض، غير أن سجلات الجيش الأمريكي تظهر أن أقل من 2000 قمر لا تزال قيد الخدمة. غير أنه من الصعب الحفاظ على الأقمار في هذا المستوى. كما أن صلاحية هذه الأقمار الصغيرة لا تتخطى غالباً عدة سنوات. ومع إعلان إيلون موسك عن اختيار الملياردير الياباني يوساكو مايزاو كأول سائح يسافر في رحلة خاصة إلى القمر بحلول عام 2024، كشف كذلك عن تصميم صاروخ جديد للشركة يحمل اسم (BFR) المقرر إطلاقه نحو المريخ، كشفت عن حجمه الضخم مع زعانف في المنتصف، وتنوي الشركة إطلاقه للمرة الأولى بحلول عام 2022. الصين تبتكر «شمساً اصطناعية» أعلن فريق من معاهد هيفي للعلوم الفيزيائية في الصين بمنتصف الشهر الماضي، نجاح مفاعل «توكماك» التجريبي المتقدم EAST ( عبارة عن شمس اصطناعية تم تصميمها لتقليد العملية التي تستخدمها شمسنا الطبيعية لإنتاج الطاقة) في تحقيق درجة حرارة بلغت 100 مليون درجة سيليسيوس أي ما يعادل 180 مليون درجة فهرنهايت. وللمقارنة تبلغ درجة حرارة الشمس 27 مليون درجة فهرنهايت فقط، وهذا يعني إن مفاعل EAST أكثر سخونة ب 6 مرات منها. وتعد عملية الاندماج النووي ( ذرتي هيدروجين) أندر وأقوى عملية في عالم الطاقة، وهي الطريقة التي تنتج بها الشمس الضوء والحرارة، ويعد نجاح الصين إنجازاً استثنائياً يمنح البشر مصدراً غير محدود تقريباً من الطاقة النظيفة.

مشاركة :