أكد خبراء اقتصاديون أن اقتصاد الإمارات قادر على امتصاص ارتفاع أسعار الفائدة وتجاوز تداعياتها، لمحدودية تأثير قرارات ارتفاع أسعار الفائدة بنسبة 1% خلال العام الجاري. وقال الخبراء الاقتصاديون لـ«البيان الاقتصادي»: إن النظام المالي والمصرفي في الإمارات تجاوز بنجاح تداعيات حالات ارتفاع أسعار الفائدة الثلاثة خلال الأشهر التسعة من العام الجاري وواصل نشاطه الإقراضي بقوة كما زادت ودائعه وأصوله واحتياطاته فضلاً عن تجاوزه صدمات وأزمات عالمية كبرى مثل الأزمة المالية العالمية لعام 2008. وطالب الخبراء الاقتصاديون بعدم تحميل المستثمرين وعملاء البنوك آثار ارتفاع أسعار الفائدة مشددين على ضرورة خفض البنوك أسعار فوائدها، بعد أن حققت أرباحاً جيدة خلال العام الجاري. ورفع مصرف الإمارات المركزي خلال العام الجاري أسعار الفائدة المطبقة على شهادات الإيداع التي يصدرها أربع مرات في 22 مارس و14 يونيو و27 سبتمبر و20 ديسمبر بمعدل 25 نقطة أساس لكل مرة وبإجمالي 100 نقطة أساس أي 1% وذلك تماشياً مع ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي إثر قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بـ100 نقطة أساس. كما رفع المصرف المركزي سعر إعادة الشراء (ريبو) الذي ينطبق على إقراض السيولة قصيرة الأجل من المصرف المركزي بضمان شهادات الإيداع بـ100 نقطة أساس. وتمثل شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي للبنوك العاملة في الدولة أداة السياسة النقدية التي يتم من خلالها نقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي في الدولة. اقتصاد متين وقوي وأكد نجيب الشامسي الخبير الاقتصادي المستشار الاقتصادي لغرفة تجارة وصناعة أبوظبي أن اقتصاد الإمارات سيتجاوز بسهولة تداعيات ارتفاع أسعار الفائدة مشيراً إلى أن اقتصاد الإمارات متين وقوي ويعد ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة ولديه سيولة ضخمة وصناديق عدة للثروة السيادية إضافة إلى استثمارات أجنبية متزايدة. وذكر أن المؤشرات الأخيرة للمصرف المركزي تؤكد امتصاص القطاع المالي والمصرفي تداعيات عمليات الرفع الثلاث لأسعار الفائدة خلال العام الجاري، لافتاً إلى ارتفاع الاحتياطيات الدولية للإمارات من 321 ملياراً و698 مليوناً بنهاية ديسمبر 2017 إلى 390 ملياراً و537 مليون درهم بنهاية أكتوبر بارتفاع قدره 68 ملياراً و839 مليون درهم بنسبة نمو 21.4%. وعلى صعيد الإقراض الذي يعبر بوضوح عن تأثر القطاع المصرفي بارتفاع سعر الفائدة فقد ارتفع ولم ينخفض إجمالي الائتمان الموجه للقطاعين الحكومي والخاص وغير المقيمين من تريليون و580 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2017 إلى تريليون و653.5 مليون درهم بنهاية نوفمبر بزيادة قدرها 73.2 مليار درهم وبنسبة 4.6%. وعلى أساس سنوي بنسبة 3.7%، وارتفعت قروض البنوك للقطاع الخاص من تريليون و86 مليار درهم بنهاية ديسمبر إلى تريليون و113.9 مليار درهم بنهاية نوفمبر بارتفاع 45.5 مليار درهم وبنسبة نمو 4.2% وعلى أساس سنوي 4.4%، حتى القروض الشخصية للأفراد ارتفعت من 337.5 مليار درهم إلى 338.6 مليار درهم بنهاية نوفمبر بارتفاع قدره 1.5 مليار درهم وبنسبة نمو 0.3% . وعلى أساس سنوي 0.4%، كما ارتفعت أصول القطاع المصرفي من تريليونين و693 ملياراً و800 مليون إلى تريليونين و854 ملياراً و300 مليون درهم بنهاية نوفمبر بزيادة قدرها 160.5 مليار درهم وبنسبة نمو 6% وعلى أساس سنوي 6.2%، وهي كلها مؤشرات قوية جداً. حماية الدرهم ويرى الدكتور ناصر السعيدي الخبير الاقتصادي رئيس شركة ناصر السعيدي وشركاه في دبي أن الارتباط بين الدرهم والدولار يفرض على الإمارات رفع سعر الفائدة لحماية العملة الوطنية ومنع المضاربات عليها، مشدداً أن آثار ارتفاع أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي خلال العام الجاري في اقتصاد الإمارات ستكون محدودة. وسيمتص اقتصاد الإمارات تداعيات عملية الرفع الرابعة بسهولة جداً وخاصة أنه تعرض سابقاً لثلاث مرات رفع إضافة إلى تعرضه لصدمات قوية مثل تداعيات الأزمة المالية العالمية . 2008 وهي أكبر من ارتفاع سعر الفائدة بكثير وخرج منها قوياً، وخلال السنوات الماضية تنوع الاقتصاد بشكل كبير ولعب القطاع الخاص دوراً أكبر ما أدى إلى تزايد مشاريعه ولبى القطاع المصرفي احتياجاته من القروض، كما لبى احتياجات الأفراد من القروض أيضاً. وأكد السعيدي أن حالة الاقتصاد الإماراتي مختلفة تماماً عن حالة الاقتصاد الأمريكي، واقتصاد الإمارات لا يعاني من المشكلات والصعوبات التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي ودفعت بمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية بمائة نقطة أساس أي 1% خلال العام الجاري. لكن والكلام للدكتور ناصر السعيدي فإن السياسة النقدية في الإمارات غير مستقلة نظراً لارتباطها بالدولار الأمريكي وبلا شك فإن الأمريكيين سيستمرون في رفع أسعار الفائدة خلال العام المقبل وعام 2020 لمعالجة اختلالات في اقتصادهم ولن يمثل ارتفاع أسعار الفائدة تأثيراً حقيقياً كبيراً في اقتصاد الإمارات ولا شك في أن سعر الفائدة الحالي مقبول وغير مرتفع نظراً لتضخم الأسعار. رفع محير وأفاد الخبير الاقتصادي الدكتور علي الصادق بأن رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة أربع مرات هذا العام يعد أمراً محيراً لكبار الاقتصاديين في العالم وخاصة مع حالة التحسن التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي والعالمي، متوقعاً ألا يتضرر اقتصاد الإمارات بشكل حقيقي بهذا الارتفاع، والضرر الحقيقي سيقع على عملاء البنوك والمستثمرين حيث سترتفع تكلفة القروض ما يدفع بعضهم لتقليل نفقاته. وأشار إلى وجود مؤشرات قوية تعكس قدرة اقتصاد الإمارات على امتصاص آثار رفع أسعار الفائدة وأبرزها على سبيل المثال ارتفاع السيولة الإجمالية في الدولة سواء كانت سيولة في البنوك أو في الأسواق إلى مستويات كبيرة. وقال لقد اطلعت على تقارير المصرف المركزي أمس وتأكدت أن السيولة في القطاع المصرفي حققت بنهاية نوفمبر الماضي مستوى تاريخياً حيث بلغت تريليوناً و593 ملياراً و500 مليون درهم، كما أن شهور العام الماضي شهدت نمواً في الإقراض وخاصة في إقراض القطاع الخاص فضلاً عن ارتفاع أصول البنوك واحتياطاتها . وكذلك الاحتياطات المالية للدولة وقوة الملاءة المالية للبنوك وكلها مؤشرات تؤكد أن الاقتصاد سيواصل نموه خلال العام المقبل وسيكون قادراً على امتصاص تداعيات أسعار الفائدة. ونوه الدكتور علي الصادق إلى أن مؤشر ارتفاع السيولة الإجمالية في القطاع المصرفي يعكس بقوة الوضع الكلي لاقتصاد الإمارات حيث تؤكد كل الشواهد أن الاقتصاد أصبح اليوم أكثر متانة ويتجه إلى متانة أكبر وأكبر، وهذا المؤشر يتناغم مع مؤشر إجمالي أصول القطاع المصرفي التي تحقق زيادة كبيرة. كما أن هناك مؤشرات أخرى تؤكد قوة القطاع المالي والاقتصادي وعلى رأسها زيادة الودائع الحكومية وهذه الزيادة تؤكد أن لدى الحكومة فوائض مالية كبيرة، كذلك فهناك الارتفاع المستمر في الودائع مقابل القروض حيث لا توجد أية مخاطرة ونسبة القروض للودائع في الإمارات صحية جداً كما أن نسبة الملاءة المالية لرؤوس أموال القطاع المصرفي الإماراتي جيدة وتشير إلى قوة الاقتصاد ومتانته. وطالب الدكتور علي الصادق البنوك بعدم تحميل ارتفاع أسعار الفائدة على العملاء والمستثمرين مشيراً إلى ضرورة أن تتخذ البنوك والمصارف سياسات جديدة لامتصاص ارتفاع سعر الفائدة، ويقول هناك بنوك تحدد سعر الفائدة على القروض بنحو 7% والمطلوب أن تتراجع إلى 5% أو 4.5%. والمهم ألا تنظر المصارف إلى المزيد من الربحية لأن أرباحها كبيرة، وعليها أن تنظر إلى تحفيز الاقتصاد والأعمال وزيادة الاستثمارات والإنفاق وهذا لن يحدث إلا بزيادة الإقراض بمعدلات فائدة متدنية ولا بد من أن يكون الإقراض في الوقت الحالي جذاباً سواء كان إقراضاً للاستثمار أو الإنفاق. مناخ متميز قال نجيب الشامسي: إن ارتفاع أسعار الفائدة يمثل تأثيراً سلبياً في العديد من الاقتصادات العالمية والمجاورة، إلا أن اقتصادنا قادر بقوة على امتصاص أثر هذا الارتفاع، خاصة أن لدينا مناخاً استثمارياً متميزاً، كما تقود القطاعات غير النفطية وخاصة السياحة والصناعة عجلة الاقتصاد. وأضاف: على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة فما زالت الاستثمارات الأجنبية تتدفق لأن العائد لها أكبر بكثير. غير أنه طالب البنوك بأداء دور إيجابي وقوي في دعم عمليات التنمية. طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :