الصومال يتحوّل إلى ساحة حرب بين القاعدة وداعش

  • 12/26/2018
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

مقديشو - تحوّل الصومال في السنوات الثلاث الأخيرة إلى ساحة حرب معلنة بين حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة وبين عناصر تنظيم داعش، ليعلن الطرفان دخولهما في حرب مفتوحة عبر تبادلهما المتكرر لبيانات التهديد. واحتدمت المعركة المتواصلة بين الجماعات المتطرفة والتي تثير مخاوف الصوماليين، بعدما تصاعدت وتيرة الاقتتال بينهما مؤخرا في مناطق تابعة لـ”عيل عدي” بإقليم غدو جنوب غرب الصومال. وأسفرت مواجهات الأسبوع الماضي بين حركة الشباب ومسلحي تنظيم داعش عن مصرع نحو 10 من الطرفين وذكر شهود عيان أن مواجهات متكررة دارت بين مقاتلي الجماعتين. ويأتي القتال بعد إعلان حركة الشباب الخميس الماضي بدء حرب لا هوادة فيها ضد مسلحي داعش متوعدة بالقضاء عليهم بعد إعلان المسلحين اغتيال 14 من مقاتلي حركة الشباب في إقليم بري بولاية بونتلاند شمال شرق الصومال. ويعتبر العديد من المراقبين والخبراء العسكريين أن هذه المعارك كانت منتظرة بسبب توفّر العديد من الممهدات والأسباب والتي على رأسها عجز الحكومة الاتحادية رغم الدعم الدولي والأممي لمكافحة الإرهاب في تسطير تصورات تخرج الصومال وشعبه من وطأة التطرف. من أهم النقاط التي حذر منها خبراء في وقت سابق، أن نجاح الحكومة في قطع الطريق أمام القيادي المنشق عن حركة الشباب أبومنصور مختار روبو خلال الانتخابات المحلية في ولاية جنوب غرب الصومال وفرض عبدالعزيز حسن محمد لفتاغرين ستكون له تداعيات أمنية خطيرة ستدفع إلى تنامي أنشطة حركة الشباب المتطرفة.وكان لاعتقال روبو بحسب المحللين، دور في إثارة نقمة حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة ما جعلها تكثف هجماتها في منطقة غرب الصومال المحاذية للشريط الحدودي مع إثيوبيا في محاولة للسيطرة على كافة مفاصل الصومال وهو ما دفعها أيضا للدخول في صراع ميداني مع مقاتلي تنظيم داعش. وبعد سنوات من عمليات القتل والكر والفر المتبادلة، تحّول الصراع بين حركة الشباب وتنظيم داعش فرع الصومال إلى حرب معلنة في مناطق سيطرتهما شمال شرقي وجنوبي البلد العربي. وأعلنت حركة الشباب، في بيان الخميس، الحرب ضد داعش، لتتحول تخمينات وتحليلات سياسية حول فرضية الصراع بينهما إلى حقيقة. وتزيد هذه الحرب من تعقيدات الوضع الأمني في الصومال على الأقل خلال السنوات القليلة المقبلة، حسب محلليين صوماليين. وتنظيم داعش بالصومال لا يزال في طور التكوين بعد مرور 3 سنوات على إعلان تواجده هناك من جانب القيادي المنشق عن الشباب، شيخ عبدالقادر مؤمن، الذي بايع زعيم داعش، أبوبكر البغدادي. وقال ياسين محمد، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، للأناضول، إن “عوامل جغرافية واجتماعية فرضت على تنظيم داعش فرع الصومال أن يقتصر نفوذه في أقصى جبال غلغالا (شمال شرق)”. ورأى أن “أفكار داعش أكثر راديكالية من حركة الشباب، ولا يمكن تسويقها في مناطق جنوب ووسط الصومال، التي عانت من تبني هذه الأفكار المتطرفة، وهو ما يشكل تحديًا أمام توسع مناطق نفوذه”. وبحسب تقارير أممية، فإن عناصر داعش في الصومال بدأ يزداد عددها يوما بعد آخر، نتيجة استقطاب مقاتلين جدد؛ حيث يقدر عدد مقاتلي التنظيم بالمئات، ويتمركز معظمهم في المناطق الجبلية شمال شرق الصومال. أما حركة الشباب فينحصر نفوذها في إقليم جوبا الوسطى وقرى وبلدات جنوب ووسط الصومال، بعد أن خسرت توازنها العسكري تدريجيا، تحت وطأة عمليات القوات الحكومية، بدعم من القوات الأفريقية (أميصوم)، إضافة إلى الغارات الجوية الأميركية. ورغم انحسار نفوذها أمام القوات الأفريقية والصومالية، إلا أن حركة الشباب ما تزال تشن هجمات دموية في مناطق كثيرة لإثبات وجودها ورفع معنويات مقاتليها، بعد أن خسرت مناطق كثيرة كانت تشكل مصدر تمويل لها. وتتضارب التقديرات بشأن عدد مقاتلي حركة الشباب؛ حيث يتراوح بين 4 آلاف و5 آلاف ونصف من أصل 8 أو 9 آلاف مقاتل قبل 3 سنوات. إقليميا، يجمع المحللون على أن قوى خارجية راهنت على الجماعات الإرهابية لتنفيذ مخططاتها في منطقة القرن الأفريقي.أدت هذه المراهنة وفق العديد من التقارير الدولية على دعم التنظيمات الإرهابية إلى زيادة نفوذها في الصومال لأهمية موقع هذا البلد الاستراتيجية بالنسبة لمنطقة الخليج.ومنذ سنوات، حذّرت العديد من الهيئات الدولية والتقارير الإعلامية من أنّ الصوماليين سيدفعون أيضا ثمن لعب السلطة في الصومال بأمن البلاد عبر الاصطفاف إلى جانب محاور ساهمت في دعم وإسناد المجموعات الإرهابية للتغلغل في البلاد. وبخصوص الأسباب الحقيقية التي أدت اليوم إلى احتدام الصراع بين حركة الشباب وداعش في الصومال، فيجمع العديد من المحللين أن عواملها متمحورة بالأساس حول الهيمنة والمحافظة على مصادر التمويل والإسناد المالي واللوجستي. ويقول أحمد نور، محلل سياسي صومالي، إن “الصراع بين داعش وحركة الشباب ليس إلا نسخة طبق الأصل من الصراع بين تنظيم داعش الأم وتنظيم القاعدة في ميادين كثيرة، وخاصة في العراق وسوريا؛ حيث يتمحور حول الهيمنة ومصادر التمويل”. وأضاف أحمد، أن “فرض داعش الإتاوات المالية على التجار الصوماليين يعزز نظرية أن الصراع بين الجانبين لا يرتبط بالأيديولوجية الفكرية، وإنما يتركز على الهيمنة ومصادر التمويل”. وأوضح أن “مناطق نفوذ داعش هي المنطقة الجبلية، ولذا دفع التنظيم المتطرف ببعض مقاتليه، خاصة من انشقوا حديثا عن حركة الشباب، إلى المدن الكبرى، بما فيها العاصمة، بحثا عن مصادر مالية واقتصادية تمكنه من استيعاب مقاتلين جدد”. وشدد على أن “حركة الشباب تعمل في المقابل على الدفاع عن مصادر تمويلها وحمايتها من داعش”. وجعلت ظروف الصومال السياسية والأمنية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي وسواحله الشاسعة، مطمعا للإرهاب، الأمر الذي يلقي بظلاله على دول الجوار العربية والأفريقية لما يشكله لها من تهديد. ويتوقف حجم الخطر على الاحتمالات المتوقعة لفترة تواجده وتمدده في الصومال وحجم الإمكانيات المادية والبشرية للتنظيم. وقال محمد مري، محلل سياسي صومالي، إن “الصراع بين الحركة والتنظيم يصعق المواطنين المتطلعين إلى استقرار بلدهم”. وشدد مري، على أن “هذا الصراع من المتوقع أن يصل إلى أبعد نقطة محتملة، ناهيك عن الحروب الفكرية”، لكنه قلل من تبعاته؛ نظرا لـ”البعد الجغرافي في مناطق نفوذ داعش المتمركز فقط في جبال غلغالا، وحركة الشباب الناشطة في جنوب ووسط الصومال”.

مشاركة :