أفادت مصادر أمنية وسياسية متطابقة ببدء تنظيم داعش سلسلة هجمات في المناطق الغربية والشمالية الغربية من العراق بعد مرور أكثر من سنة على إعلان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي النصر العسكري على هذا التنظيم الإرهابي. ففي الوقت الذي أدى فيه انفجار سيارة مفخخة في قضاء تلعفر بمحافظة نينوى إلى مقتل وجرح العشرات، فإن «داعش» تمكن وعلى أثر هجوم على إحدى قرى محافظة كركوك من اختطاف 14 مدنياً.وطبقاً لبيان لمركز الإعلام الأمني، فإن «سيارة مفخخة انفجرت أمام مقهى شعبي في سوق تلعفر وسط القضاء الواقع غرب محافظة نينوى». وأضاف البيان أن «العملية أدت إلى استشهاد مواطنين اثنين وجرح 11 آخرين».وفي كركوك، أعلن مصدر أمني أمس أن «عناصر (داعش) اختطفوا 14 مدنياً من قرية المبدد ومختار قرية ضباع الجديدة التابعتين لناحية الرشاد جنوب كركوك». وأضاف المصدر أن «(داعش) اقتاد المختطفين إلى وادي زغيتون». وكان مصدر أمني أفاد مساء أول من أمس بأن عناصر من «داعش» هاجموا قرية في طوزخرماتو شرق محافظة صلاح الدين دون الإعلان عن أي تفاصيل بشأن الهجوم.إلى ذلك، أكد مصدر سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أن «الصراع السياسي بين أبناء الطبقة السياسية الذين ينتمون أو يعملون في تلك المناطق يعد السمة الأساسية لمرحلة ما بعد هزيمة تنظيم داعش عسكرياً»، مبيناً أنه «في مرحلة ما قبل تحرير المحافظات الغربية، كان الفساد الذي استشرى بين كثير من القيادات في المؤسسة العسكرية والذي مهد فيما بعد لاحتلال (داعش) تلك المحافظات يغطي على الصراع داخل المجتمع المحلي، سواء كان هذا الصراع عشائرياً أم سياسياً، بيد أن الأمر اختلف بعد عمليات التحرير، وبالأخص بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة». وأوضح المصدر السياسي أن «الساحة في تلك المحافظات انفتحت أمام جهات مختلفة تريد أن تبين أنها وحدها تمثل أبناء تلك المحافظات، وهو ما انسحب على البرلمان وعلى الحكومة، إذ إن من بين أبرز تجليات هذا الصراع اليوم هو بين قيادات سنية بارزة انقسمت بين كتلتين؛ إحداهما الإصلاح والأخرى البناء، وقد بدأ النزاع بينهما يتجلى حول المناصب الوزارية، وتالياً يمكن أن ينسحب على مجالس المحافظات وعلى الهيئات والوكالات، وهو ما بدأ يترك بصماته على الحياة السياسية والأمنية هناك ويوفر بيئة آمنة للتنظيمات الإرهابية، مستفيدة مما يخلفه هذا الصراع من فراغ».بدوره، أكد الخبير الأمني سعيد الجياشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذي يجري في تلعفر هو فرض نفوذ وما حصل من اختطاف أكراد في كركوك إنما هو إرهاب مغلف بغطاء سياسي»، مبيناً أن «تنظيم داعش بدأ منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي ينمو إعلامياً، وبدءاً من شهر أغسطس (آب) الماضي بدأ يعتمد في عملياته على مفارز أمنية لتنفيذ عمليات إرهابية». وأوضح الجياشي أن «القوات المسلحة العراقية باتت تملك الاقتدار العالي في مواجهة (داعش) وقد هزمته هزيمة منكرة، لكن ما يجري من عمليات الآن لا يمكن أن يعالج بالقوات المسلحة بل يحتاج إلى معالجات سياسية ومجتمعية بالدرجة الأساس».وفي السياق نفسه، أكد نائب رئيس الجبهة التركمانية وعضو البرلمان العراقي حسن توران في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حول تفجير تلعفر، أن «قضاء تلعفر قضاء تركماني مهم جداً، وهو داخل نينوى ويعد من المناطق الحساسة حيث يقع قرب الحدود السورية». وأضاف أن تنظيم داعش «يحاول استعادة نفوذه إلى هذا القضاء بكل الطرق، الأمر الذي يتطلب سلسلة من الإجراءات التي يجب اتخاذها منها إعادة النظر بالخطة الأمنية، وكذلك إعادة إعمار البنى التحتية في القضاء، حتى نتمكن من إرجاع كل المواطنين النازحين إليه لكي يتحقق الأمن بشكل حقيقي».من جهته، يقول الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إن «طريقي كركوك - صلاح الدين وكركوك - بغداد تلقيان اهتماماً كبيراً من قبل الإعلام والقيادة المشتركة العراقية، لكن هناك مناطق جنوب نينوى وغرب الأنبار وشمال شرقي ديالى وجنوب غربي كركوك وغرب صلاح الدين وجزيرة سامراء هي بحاجة إلى اهتمام وقرارات حاسمة وضربات شديدة». ويضيف الهاشمي: «قد تكون هناك ضربات أمنية تقليدية مسلم بها، لكنها لا تحمل دلالة أو قرائن استتباب الأمن في تلك المناطق». وأوضح الهاشمي أن «من بين أهم ما ينبغي اتخاذه على صعيد الخطوات الاستباقية هو التركيز في البحث عن مراكز التحكم لـ(داعش) وليس تسكين وتهدئة تعرضاتها الإرهابية، بل ضرب مواطن القوة الداعشية في تلال حمرين ومطيبيحة وصحراء البعاج وجزيرة الحضر ووادي حوران، بحيث يمكن إجبار قيادات (داعش) وفلوله على التراجع ومغادرة العراق».
مشاركة :