تولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً للتراث والموروث الشعبي، وذلك لأهميته، ليس في الحفاظ على العادات والتقاليد أو التاريخ أو إظهار منجزات الآباء والأجداد فحسب، وإنما لأنه يعزز قيم الولاء والانتماء إلى الوطن، ويمثل حافزاً لبذل المزيد من الجهد في سبيل مواصلة طريق السابقين والمضي قدماً في تحقيق ما تصبو إليه الدولة من رقي وتطور. ولهذا تولي القيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اهتماماً خاصاً للموروث الشعبي، وترعاه وتدعم كل الجهود للمحافظة عليه. وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، خلال استقباله، أول أمس، لجنة تحكيم برنامج «المنكوس»، الذي تنتجه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، حيث تبادل سموه وأعضاء اللجنة الحديث حول أهمية تعريف الأجيال بالموروث الشعبي والتراث الثقافي الغني والمحافظة عليه، وتعزيز دوره في ترسيخ الهوية الوطنية والقيم الإماراتية الأصيلة. إن الاهتمام بالموروث الشعبي والتراث عموماً أمرٌ ليس جديداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، بل كان دائماً وأبداً حاضراً أمام القيادة حتى قبل تأسيس الدولة وقيام الاتحاد، حيث أولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هذا الأمر اهتماماً خاصاً، وكان شديد الحرص على حفظه، فكان يهتم بالأدباء والشعراء والمثقفين، بل كان واحداً منهم، وكثيراً ما كان يحظى هذا الموروث بنصيب مهم من مجالسه، وقد سارت القيادة الرشيدة من بعده على النهج نفسه، فأولت الموروث الشعبي كل الرعاية والدعم، كما وفرت للمنخرطين أو القائمين عليه، سواء من مسؤولين أو مبدعين أو مثقفين كل ما يحتاجونه من أجل تطوير هذا الموروث وتعزيزه داخل الدولة وخارجها، ودائماً ما تطرح المبادرات وترعى وتتابع البرامج والأنشطة الخاصة بهذا الشأن بشكل مباشر. إن اهتمام الدولة بالمورث الشعبي ليس من قبيل الترف، ولكنه اهتمام أساسي، حيث يمثل هذا الموروث عنصراً رئيسياً في تكوين وطبيعة الإنسان الإماراتي، كما أنه جزء لا يتجزأ، بل ومكون من مكونات المجتمع والدولة على حد سواء، وخاصة أن الإمارات تتمتع بالفعل بموروث ثقافي غني ومتنوع وأصيل. كما ينطلق الاهتمام بالموروث الشعبي أيضاً من شعور عميق بأهمية التراث الثقافي في حياة الشعوب والأمم، وخاصة تلك التي تطمح إلى أن تكون في مصاف الدول المتقدمة في كل المجالات، كما هي حال دولة الإمارات العربية المتحدة، فالتراث يمثل مصدر إلهام طبيعي وحيوي لأبناء المجتمع، وخاصة الشباب منهم، يدفعهم إلى العمل بجد، ويحفزهم على مزيد من العطاء من أجل مواصلة ما بدأه الأجداد والآباء، والمساهم بفاعلية في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة. وتؤمن قيادتنا الرشيدة، بأن التقدم إلى الأمام يجب ألا ينطوي على إهمال الموروث الشعبي أو التراث الثقافي أو ثقافة وتقاليد وقيم المجتمع الأصيلة، وإنما لابد من إعطاء اهتمام أكبر لهذه الأمور، والعمل على حفظ وحماية تراثنا العريق من الاندثار لأنه يمثل مصدر إلهام للأجيال للإبداع والابتكار، ويسهم في الوقت نفسه، في تماسك المجتمع، كما أنه مصدر مهم للقوة ومواصلة السير قدماً على الطريق نحو القمة وضمان مستقبل مشرق يجعل الإمارات في المقدمة وفي الطليعة على الدوام. كما تحرص الدولة على إبقاء التراث الثقافي حاضراً في عقول وقلوب الأجيال الجديدة، وذلك من أجل تحصينها في مواجهة التيارات الهدامة التي تريد أن تنال من هويتها الثقافية أو تهدد خصوصيتها الحضارية، ولكي تستطيع أن تتعامل مع المستجدات المختلفة في العالم والتفاعل معها بإيجابية وهي تقف على أرضية ثقافية متجذرة في أعماق التاريخ. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :