الشارقة - الإضاءة المدروسة والرقصات المصممة والموسيقى القوية والحركة المنسقة للمجاميع كلها عناصر قوة مسرحية “أرتف” من تأليف سلطان بن دافون وإخراج محمد جمعة لفرقة جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح، التي عرضت مؤخرا على خشبة قصر الثقافة في الشارقة في رابع أيام الدورة الرابعة عشرة من مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الذي تنظمه جمعية المسرحيين في الإمارات. تستعير المسرحية جانبا من تاريخ الفرعون توت عنخ آمون الذي حكم مصر وهو في التاسعة من عمره وتوفي وهو في الثامنة عشرة، واكتشفت مقبرته بكنوزها كاملة لم يتغير منها شيء، ما أفضى إلى نسج “أسطورة لعنة الفراعنة” حوله. وفي مسرحية “أرتف” يسمى الفرعون الصبي “أرتف” وعندما يتولى الحكم يكون همه الأساسي حينها هو إقامة مدينة للألعاب، لكنّ وزيره يعارض ذلك، وينصحه بأن يترك عنه تلك الفكرة، ويعكف على ما هو أهم منها، وهو توطيد ملكه وتثبيت أركان الدولة، لكن الصبي المهووس باللعب يصم آذانه عن النصيحة، ويستبعد الوزير من دائرة القرار، ويتخذ من صديقه في اللعب مستشارا، ويبدآن تنفيذ مشروعهما العملاق “مدينة للّعب” يجد فيها الأطفال كل أنواع الألعاب، بيد أن ما هو موجود من المال لا يفي بالغرض، فلا بد إذن من وسيلة أخرى لتحصيل المال. هنا يخبر الصديق الملك بأن القصر فيه غرفة سرية بها كنوز الفراعنة، ولا يمكن أن يصل إليها إلا خاصة الخاصة، وأن مفتاحها عند الكاهنة حارسة الكنز، فيتجه إليها الملك صحبة صديقه، وهناك تخبرهما الكاهنة أن الغرفة مغلقة، ولا يمكن الوصول إليها، لأن شيفرتها لا تعرفها إلا المومياء، والمومياء سرقت، ولا يدرون أين توجد، ويجوب الملك وصديقه وجنوده القصر بحثا عن المومياء، وأخيرا يعثرون عليها، مخبأة عند حرّاس تابعين للوزير الذي كان يعتزم الاستيلاء على المال، ثم قتل الملك، والاستيلاء على الحكم، ويعيدونها إلى مكانها، لتتواصل معها الكاهنة، فتعطيها شيفرة فتح الخزانة. ويعاقب الملك وزيره على فعلته، وينتهي العرض بخاطب للملك يشكر فيه حاشيته وأعوانه الذين ساعدوه للوصول إلى المومياء، ويخبرهم بأنه اكتشف قيمة التعاون بين الناس، وأنه بالتضامن والاتحاد يصل الناس إلى مبتغاهم، وبالتضامن تسري المحبة والمودة بينهم. على الرغم من أن النص افتقر إلى عناصر الصراع، وذهب إلى الحلول البسيطة في بنائه الدرامي، إلا أن المخرج محمد جمعة سعى في هذا العرض على الاشتغال على عدة عناصر مسرحية سينوغرافية وأدائية من أجل تقديم عرضه في صورة لائقة، ولفت انتباه الجمهور وبلورة دلالة قابلة للتأويل، كان الاحتفاء بألوان الإضاءة باهرا، وصنع بهرجة جميلة غلفت العرض على طوله بأجواء أسطورية مدهشة. في مقدمة تلك العناصر أيضا تأتي الأغاني الراقصة التي اتخذت كلماتها من صميم الحدث لتعززه، واعتمدت على الموسيقى القوية النافذة، والرقصات الجماعية المتناسقة، وكانت بارزة تظهر مدى الجهد والتركيز الذي بذل فيها، وكانت الأزياء الفرعونية علامة بارزة، دالة بشكل مباشر على الأجواء والتاريخ الذي تجري فيه الحكاية. أما العرض فقد كان في مجمله مقبولا، ومثّل الأدوار الرئيسية كل من إبراهيم المنصوري وجوهر سكيد وعبير الجسمي وعيسى مراد وعبدالعزيز الجداع وعادل سبيت وشعبان سبيت وعيسى علي.
مشاركة :