تواجه المجموعة الصينية الضخمة «هواوي» خلال الأشهر الماضية، قرارات بالعدول عن استخدام أجهزتها في الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وفرنسا وألمانيا ويشير مسؤولون غربيون بالاتهام إلى «هواوي»، أحد المزودين الرئيسيين في العالم للتجهيزات والخدمات في مجال تكنولوجيا الأجهزة الجوالة، للاشتباه بارتباطها بأجهزة الاستخبارات الصينية، فيما تنفي الشركة والحكومة الصينية، أي تعاون بينهما بهدف التجسس، في الوقت الذي تطمح لأن تصبح رائدة عالمية في عملية نشر الجيل الخامس «جي 5» من شبكات الاتصالات. وفي المقابل دافعت التشيك عن الشركة الصينية، وقال رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس، إن تحذير الوكالة التشيكية للأمن الإلكتروني، من الأجهزة التي تصنعها أكبر شركة لصناعة معدات الاتصالات في العالم «هواوي»، لا يمثل رأي حكومات بلاد أوروبا الشرقية. وأصدرت بياناً ترحب بالشركات الصينية وغيرها من الشركات الأجنبية للقيام بأعمال تجارية أو الاستثمار هناك.تعرضت شركة تصنيع الهواتف الصينية مرارًا وتكرارًا لمشاكل من قبل المشرعين والمسؤولين الحكوميين في الولايات المتحدة الذين يتهمونها بارتباطها بالحكومة الصينية، وقد نفت الشركة بشكل مستمر أن تكون منتجاتها تشكل مخاطر أمنية، ولكنها ظلت بعيدة عن السوق الأمريكية، مع إصرارها على أنها شركة خاصة يملكها موظفوها. ثم تفجرت في الأول من الشهر الجاري قضية اعتقال المديرة المالية مينج وانتشو، ابنة مؤسس الشركة التي اعتقلت في كندا بناء على طلب أمريكي للاشتباه بخرقها العقوبات الأمريكية ضد إيران. وجددت بريطانيا أمس الخميس، اعتراضاتها على مشاركة «هواوي»، وأعرب وزير الدفاع البريطاني جافين ويليامسون عن «قلقه الشديد» لمشاركة الشركة الصينية في نشر تقنية الجيل الخامس في المملكة المتحدة، حسب ما أوردت الصحافة البريطانية أمس. وقال الوزير خلال زيارة إلى أوكرانيا «لديّ مخاوف كبيرة بشأن توفير «هواوي» شبكة الجيل الخامس في بريطانيا، إنه أمر سيترتب علينا النظر فيه عن كثب جداً»، بحسب ما نقلت صحيفة «تايمز».وقال جافين «لا بد لنا من الإقرار، بأن الدولة الصينية تتصرف أحياناً بشكل سيئ النية».وفي يوليو/ تموز الماضي، صدر تحذير أمني بريطاني من خطر منتجات «هواوي»، ووضع كبار مسؤولي الأمن القومي في بريطانيا، الشركة الصينية تحت المجهر على مدى السنوات الماضية بسبب مخاوف أمنية محتملة، وقُدّم تقرير صادر عن لجنة حكومية تحمل اسم «مركز تقييم الأمن السيبراني المتخصص في مراقبة استخدام معدات البنية التحتية للشبكات المحمولة في بريطانيا، بعض النتائج غير الحاسمة إلى حد ما.وحذرت اللجنة عبر تقريرها، من أنّ أوجه القصور في العمليات الهندسية لشركة «هواوي» قد كشفت عن مخاطر جديدة في شبكات الاتصالات في بريطانيا والتحديات طويلة الأجل في مجال التخفيف والإدارة، وأكد التقرير أنه يمكن لمجلس الرقابة أن يقدم ضماناً محدوداً فقط بأن أي مخاطر على الأمن القومي البريطاني من تورط «هواوي» في الشبكات الحيوية في بريطانيا قد تم تخفيفها بدرجة كافية.وكان رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية «إم آي 6» أليكس يانجر انتقد في مطلع ديسمبر/كانون الأول، مشاركة «هواوي» في نشر تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات في بريطانيا، فيما أعلنت مجموعة «بي تي» البريطانية للاتصالات مؤخراً تخليها عن أجهزة «هواوي» في شبكتها للهواتف الجوالة.وقال يونجر، إن ظهور تقنيات الجيل الخامس، سيجعل مراقبة مجموعة «هواوي» غاية في الصعوبة، وهو تهديد يصبح أكثر خطراً في ظل التحول السريع في القوة والهيمنة السياسية وحركة الاستثمارات إلى آسيا. ولم تمض سوى أيام قليلة، وأعلنت «هواوي» موافقتها على مطالب مقدمة من مسؤولين أمنيين بريطانيين بالمركز الوطني للأمن المعلوماتي التابع لمكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، في لقاء جرى بين الجانبين.وأصدرت «هواوي» بياناً لكافة شركائها ومورّديها حول العالم لطمأنتهم بأنها تمتثل للقوانين ذات الصلة وتحافظ على علاقاتها التجارية في كافة أنحاء العالم من دون تغيير.أمّا عن الوقف التشيكي، قال رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس، إن تحذير الوكالة التشيكية للأمن الإلكتروني من الأجهزة التي تصنعها أكبر شركة لصناعة معدات الاتصالات في العالم «هواوي» والتي مقرها في الصين لا يمثل رأي حكومات بلاد أوروبا الشرقية. وقد عكس مجلس الأمن القومي التشيكي القرار في اجتماع عقد الجمعة الماضية، قائلاً إن تحذير «التهديد الأمني» ليس له أي أساس تقني. وقال المجلس إن الجمهورية التشيكية ترحب بكافة أنواع الاستثمارات الأجنبية، بغض النظر عن مصدرها. ونفى مجلس الأمن القومى التحذير الذي تم الإعلان عنه مسبقاً، بخصوص حظر أجهزة «هواوي»، وذلك وفقاً لما تم ذكره من قبل بابيس للسفير الصينى تشانج جيان مين فى براج أمس. كما نشرت السفارة في موقعها على الإنترنت، أن الجمهورية التشيكية ترحب بالشركات الصينية وغيرها من الشركات الأجنبية للقيام بأعمال تجارية أو الاستثمار هناك. يذكر أن «كين هو» رئيس مجلس إدارة «هواوي» بالتناوب، كان قد رفض خلال اجتماعه مع نخبة من وسائل الإعلام العالمية في المنطقة الجديدة للشركة في مدينة دونجوان الأسبوع الماضي، الادّعاءات والشكوك المتعلقة بالأمن السيبراني التي أثيرت مؤخراً قائلاً: «لم يتم حتى اليوم تقديم أي دليل لدعم هذه المزاعم، ولا يمكن بالتأكيد لأي أحد أن يتحسن ويمشي قدماً في مسيرة التطوير عن طريق وضع حد للمنافسة الخارجية». كما أشار كين إلى أن جميع عملاء الشبكات تقريبًا عبروا عن رغبتهم بالعمل مع «هواوي» التي يعتبرونها الرائدة في السوق حاليًا من خلال توفيرها لأفضل المعدات الابتكارية المتقدمة، ووعد بأن الشركة ستحافظ على مركزها الريادي وستبقى كذلك خلال ال 12 إلى 18 شهرًا القادمين على الأقل، وذلك على صعيد عمليات الترقية الأسرع والأكثر فعالية من حيث التكلفة للجيل الخامس. وكان كين متفائلاً جداً بإظهار الثقة في نمو وتطور أعمال «هواوي»، حيث أشار إلى ثقة مئات مشغلي الشبكات وما يقرب من نصف الشركات المدرجة في قائمة فورتشن 500 لأفضل شركة في العالم، ومئات الملايين من المستهلكين. وقال إن إيرادات «هواوي» في 2018 من المتوقع أن تتجاوز 100 مليار دولار بنهاية 2018. (وكالات) «هواوي» : بعض المخاوف مشروعة رحبت «هواوي» بمساندة الحكومة التشيكية و قال لي جيان، رئيس أعمال «هواوي» في أوروبا، «إنه يثق بالعلاقات مع الحكومة والشركات التشيكية ويعتقد أن تعاون الشركة مع الشركاء التشيكيين لن يتأثر. وعبر عن أمله بألا تتضرر «هواوي» بسبب إثارة اتهامات لا أساس لها من الصحة مرة أخرى».وردت الشركة في وقت سابق علي بعض منتقديها وأكدت أن بعض المخاوف التي وجهت إليها بخصوص المسائل الأمنية المرتبطة بتقنية الجيل الخامس مشروعة، ولكن الجيد بالأمر- كما قال مصدر بالشركة - أنها كانت تدور في فلك المراجعة والتصحيح من خلال التعاون الوثيق والمنفتح والحوار البناء مع المشغلين والحكومات».
مشاركة :