نزهة فلسفية في غابة "آيريس مردوخ" الأدبية

  • 12/28/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يرى نقاد أن الروائية البريطانية آيريس مردوخ (1919- 1999) واحدة من أفضل الكتاب في القرن العشرين، امتازت كتاباتها بنزعة سيكولوجية «تحتوي على عناصر فلسفية مشوبة بنكهة هزلية ترتكز على جوانب الخير والشر ونظم الأخلاقيات»، وبذلك لا تقل أهمية عن الفلاسفة الكبار الذين برزوا في القرن العشرين إلا أن ميزة مردوخ هي في ذلك القالب القصصي الروائي الشيّق الذي تسكب فلسفتها الكونية والإنسانية فيه حتى قورنت «بهنري جيمس»، و«مارسيل بروست»، و«تولستوي»، وظلت أعمالها محط اهتمام القراء والنقاد حتى بعد مرور ما يقارب 20 عاماً على وفاتها. لم تقرأ أيريس في فترة دراستها غير أعمال سارتر وهذا سبب تعلقها بالفلسفة، حيث التحقت بقسم الفلسفة في جامعة كمبريدج، وقضت أياماً دراسية وصفتها بالذهبية، من ثم جامعة أكسفورد، وفي 1953 صدر أول كتبها بعنوان: «سارتر، الرومنطيقي العقلاني»، وفي الأدب صدرت روايتها الأولى التي لاقت صدى كبيراً في أوساط القراء والنقاد تحت عنوان «في المصيدة». توالت بعدها الإصدارات التي وضعتها في قائمة الكتاب الأكثر مبيعاً ونجومية، وحصدت بها العديد من الجوائز والأوسمة. مؤخراً، صدر عن دار المدى للنشر حواراتها التي كان أجراها معها الفيلسوف البريطاني بيريان ماغي على التلفزيون البريطاني عام 1978 تحت عنوان «نزهة فلسفية في غابة الأدب» ترجمتها إلى العربية وقدمت لها الروائية العراقية لطفية الدليمي، التي أشارت إلى أن هذه الحوارات تناقش العلاقة بين الفلسفة والأدب، وهي العلاقة التي ظلت حقلا إشكالياً منذ العصر الإغريقي وحتى يومنا هذا. ومن خلال حواراتها تلفت آيريس مردوخ إلى أن الفلسفة لا تسعى إلى بلوغ أي نوع من الكمال الشكليّ كغاية في ذاته بينما الأدب يكافح وسط لجّة المعضلات المعقدة للشكل الجمالي المطلوب في محاولة إنتاج نوع من الاكتمال الأدبي والفني، وثمة عنصر من اللمسة الحسية بالأشياء في كل شكل أدبي، بينما الأعمال الفلسفية أمر مختلف تمام الاختلاف، وقد يحصل في أحايين قليلة للغاية أن يكون عمل فلسفي ما عملاً فنياً. وبمقارنة الفلسفة بالأدب، وفقاً لمردوخ، تبدو الفلسفة مادة التفافية كثيرة التفريعات وعديمة الشكل حتى عندما يحاول الفيلسوف توضيح موضوعة محددة مفرطة في تعقيدها الشكليّ، والفلسفة بهذا المفهوم تبدو مسألة تختصّ بالحصول على موطئ قدم مناسب عند بحث معضلة فلسفية محددة ومن ثم الثبات على ذلك الموطئ في كل مرة يحاول فيها الفيلسوف تجريب حلول وصياغات مستحدثة مختلفة عن سابقاتها. إن قدرة المجالدة الصبورة على استكشاف معضلة ما هي ما يميّز الفيلسوف، في حين أن الرغبة الحارقة لبلوغ الحداثة وتخليق أنماط غير معهودة هي ما يميّز الفنّان والكاتب في العادة.

مشاركة :