غامر مذيع ونجم ال«سي.إن.إن» (جيم كلانسي) بأن غرد بكلمات «أن إسرائيل تحرض الفرنسيين على المسلمين» فأجبر على الاستقالة وهي ليست المرة الأولى التي يمتد ذراع إسرائيل إلى عقوبة أي وسيلة إعلام في بلد الحرية أمريكا أو غيرها وحين نتحدث عن مفهوم الحرية فهي توضع بمقاسات وظروف وليست قوانين يخضع لها الجميع باستثناء إسرائيل من أي نقد، ولذلك تبقى الحرية تؤخذ كاملة بنشر الكراهية وخاصة لأنبياء الديانتين الإسلامية والمسيحية، لكن لا يجرؤ ناشر وكاتب ورسام أن يمارس حريته تجاه الديانة اليهودية أو الحديث عن «الهلوكوست» وإلا فالعقاب يأتي من إحياء روح النازية والمحرقة وتوابعها.. نحن هنا لا نطالب بالتعامل المتساوي مع غير المسلمين وخاصة اليهود ولكن الإبقاء على قيم المجتمعات وعدم استفزازها، والمشهد الأخير بتحدي مليار وثلاث مئة مليون مسلم غالبيتهم مسالمون ويرفضون مبادئ الإرهاب والعنصرية وعدم احترام الأديان، ولا يستطيعون، بسبب عقوبات دينهم واحترامه لأنبياء الديانتين المسيحية واليهودية، أن يقوموا بعمل مماثل، وهذا تأصيل أخلاقي حتى عند ملحديهم، لأن الخوف يأتي من محيطهم، لا من خارجهم، ثم إن تحريك سيرورة الغضب تصب في صالح التطرف، حيث إن دعوتهم لحرب الكفار وهم يرون كل العالم الإسلامي يستنكر ويتظاهر، يعطيهم زخماً آخر، وهذه ليست فرضية بل حقيقة، ومثلما خرجت جماعات متطرفة أوروبية وقبلها أمريكية تدعو إلى طرد المسلمين في ظاهرة غير مسبوقة، فإن متطرفي المسلمين يبنون أفكارهم وقناعاتهم التي يروجون لها على تلك النوعيات ونزعتها الباقية منذ الحروب الصليبية وتبعاتها.. نحن نعلم أن الاستعمار الأوروبي للعالم، كان يسبقه مبشرون ودعاة من الكنائس وكان يترافق الهدف المادي مع الديني ولا تزال هذه الروح متوفرة، حيث ترى الدول المسيحية أن ثقافة كل الشعوب التي يتبعون ديانتها، هي ثقافتهم، وهي امتداد لتراثهم، وهذا ليس عيباً فيهم، وإنما تبقى المشاعر حتى عند اللادينيين حاضرة في الوجدان وكامنة في المشاعر.. لا ندري ما هو المعنى للفصل العنصري عن الفصل الديني، إذا كان في كلا الأمرين ما يدخل العالم في إشكالات حادة، بل إن قداسة الدين تعلو على العرق في المجتمع الإسلامي، ولا أحد يستطيع تعليل الفائدة من الإضرار بالأنبياء إذا كان السعي للسلم العالمي وإطفاء الأحقاد والكراهية تسعى له كل الشعوب ودساتيرها ومبادئها، وما يخالفها تحرمه وتخضع لمن يمارسه للمحاكمات والملاحقات القانونية.. هل العالم يمر بحرب أديان أسلحتها الإعلام، وهل يمكن فهم ما تؤول إليه النتائج في إذكاء هذه الروح بذريعة ممارسة الحرية، أم هي عودة جديدة لكبرياء مزيفة تعيدنا إلى القول «الشرق والغرب لن يلتقيا»؟! لمراسلة الكاتب: yalkowaileet@alriyadh.net
مشاركة :