العمل الطبي لا يقوم به إلا شخص مرخص له قانونا، وهو عمل يتواءم مع القواعد الراسخة في المجال الطبي ويتجه في ذاته إلى شفاء المريض، أما الأخطاء الطبية فليست بالموضوع الجديد، غير أنه يلاحَظ مؤخراً زيادة معدلات تلك الأخطاء في العالم، وإن كان المعدل الحقيقي غير معروف في أكثر الدول بسبب التقصير في الإبلاغ عن تلك الأخطاء من قبل العاملين في القطاع الصحي والمراجعين، والتهاون في الإبلاغ عن ذلك له أسباب عديدة منها خوف العاملين بالقطاع من العقاب أو تحمل المسؤولية. ومن الضروري التفرقة بين المضاعفات المرضية، والخطأ الطبي الذي قد ينشأ عن عمل الطبيب في غير تخصصه، إلى جانب الإهمال الناجم عن عدم اتخاذ الإجراءات التي كان يجب اتخاذها لعلاج الحالة، أو أن يترك المريض دون إسعافه، أما المضاعفات التي قد تحدث بعد أي جراحة فتتراوح نسبتها من 65 و70 في المئة، والطبيب يجب ألا يحاسب عليها. الأخطاء قد تكون ناتجة عن عدم اتباع الأنظمة والإجراءات والتوجيهات الطبية، أو التشخيص الخاطئ، أو الفشل في الأجهزة، أو الأخطاء التقنية، أو النقص في الإمكانيات الطبية، ولتفادي تلك الأخطاء يجب وضع هذه القضية ضمن أولويات المسؤولين، ليكون التعامل معها بموضوعية، والبحث عن الأسباب والحلول، لا توجيه أصابع الاتهام إلى الطبيب معتقدين أنه بعقاب المخطئ نكون حللنا المشكلة، واليقين بأن الخطأ الطبي ليس مسؤولية فرد، ولكنه مسؤولية مشتركة، كما يجب إنشاء برنامج مستمر لتقليص تلك الأخطاء والتوعية المستمرة، وتحليل الأخطاء لمعرفة سبب المشكلة وإنشاء برنامج لعدم تكرارها، واتباع معايير عالية للأجهزة الطبية، ووضع إجراءات وقائية، وتهيئة بيئة العمل للعاملين بالقطاع الصحي، من تقليل ساعات العمل وإعادة النظر في نظام المناوبات ومراعاة عدد المرضى للطبيب الواحد، وزيادة وعي المرضى، وتشجيعهم للتفاعل الإيجابي، والتعاون بين المنشآت الصحية لإنشاء منظمات متخصصة لتقليل الأخطاء. لا شك أن البحث الأكاديمي لدراسة هذه المشكلة سيسهم في رفع نسبة الوعي لدى الطبيب والمريض، مما سيعمل على تقليل الأخطاء الطبية.
مشاركة :