تواترت في الآونة الأخيرة في الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن تضخم حسابات ما يطلق عليهم مشاهير التواصل الاجتماعي، وسرت إشاعات وأقوال وآراء حول ثروات هؤلاء، حتى عزت بعض الآراء هذا التضخم في الثروات إلى عملية غسل أموال، وأن ما ينشر في بعض مواقع التواصل الاجتماعي ما هو إلا عبارة عن غطاء لهذه الجريمة. وقبل الخوض في تفسير ذلك وتفنيد الآراء حوله، دعونا نلقي نظرة على القانون وموقفه من ذلك. يعرف القانون رقم 8 لسنة 2016 بشأن تنظيم الإعلام الإلكتروني الموقع بأنه الصفحة أو الرابط أو التطبيق الإلكتروني الذي يصدر باسم معين وله عنوان ونطاق إلكتروني محدد، ويُنشأ أو يُستضاف أو يتم النفاذ إليه من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، أو أي شبكة اتصالات أخرى، ويكون المحتوى النصي أو السمعي أو المرئي الثابت أو المتحرك، والمتعدد الوسائط الذي يشمل – أي تركيبته – مما ذكر والذي يتم تطويره أو إنتاجه أو تحديثه أو تداوله بوسائل إلكترونية، أو أي نوع من المحتوى تم تحويله إلى إلكتروني، والذي ينشر ويتم النفاذ إليه من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أو أي شبكة اتصالات أخرى.الترويج لأي أعمال أو خدمات أو منتجات أو أشخاص وعرف القانون الخدمات الإعلامية أو الإعلانية التجارية الإلكترونية بأنه المحتوى المتضمن الترويج لأعمال أو خدمات أو منتجات أو لأشخاص من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أو أي شبكة اتصالات أخرى. وصاحب الموقع أو الوسيلة الإعلامية الإلكترونية هو الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي تثبت نسبة الموقع أو الوسيلة الإعلامية الإلكترونية إليه، والمدير هو الشخص الطبيعي الذي يعينه صاحب الموقع أو الوسيلة الإعلامية الإلكترونية، ويكون مسؤولاً أمام الجهات الإدارية والقضائية عن محتوى الموقع أو الوسيلة الإعلامية الإلكترونية، ولا يجوز أن يكون المدير شخصاً اعتبارياً لكون الأخير لا تجوز مساءلته جزائياً، حيث إن المشرع قد نص على عقوبات لخرق هذا القانون ومخالفته. ويسري قانون تنظيم الإعلام الإلكتروني على جميع الوسائل الإلكترونية، بما في ذلك المواقع والحسابات الإلكترونية في كل وسائل التواصل الاجتماعي الشخصية. ويشترط القانون في مادته السادسة على صاحب الموقع أو الحساب الحصول على ترخيص من وزارة الإعلام لإنشاء أي من المواقع والحسابات والوسائل الإلكترونية التي تقوم بتقديم خدمات إعلامية وإعلانية تجارية، لذلك يجب مراعاة أنه وإن كان القانون قد استثنى المواقع والوسائل والحسابات الإلكترونية الشخصية من نطاق تطبيق القانون، فإنه اشترط في نهاية المادة 5 المتعلّقة بنطاق تطبيق القانون أن تكون الحسابات الإلكترونية الشخصية لا يتصف مستخدموها بالمهنية المتخصصة. فإذا كان مستخدم الحساب الشخصي يقوم بالترويج للبضائع أو المنتجات التجارية ويقدم إعلانات تجارية مستغلاً شهرته الفنية أو المهنية أو يقوم بتقديم برامج توعوية وآراء وتحليلات سياسية واقتصادية وغيرها من الأعمال المهنية المتخصصة، فإنه يجب عليه الحصول على ترخيص من وزارة الإعلام كما سبق القول. إذا كان مصدر الأموال خدمات أو إعلانات غير مرخصة، فإنهم يخالفون بذلك قانون الإعلام الإلكتروني. وبالعودة إلى صلب الموضوع وهو تضخم الحسابات البنكية لمشاهير التواصل الاجتماعي، فإن كان مصدر هذه الأموال خدمات أو إعلانات يقومون بها من خلال حساباتهم الشخصية غير المرخصة، فإنهم بذلك يرتكبون مخالفة لقانون الإعلام الإلكتروني. أما إذا كانت مصادر هذه الأموال غير معروفة، فإن ذلك يدخل في اختصاص جهات التحقيق والتي لها أن تتحقق من مدى سلامة وشرعية مصدر هذه الأموال، حيث إن ذلك يدخل في نطاق تطبيق قانون آخر قد يكون المكسب غير المشروع وغسل الأموال. ومن المعلوم أن الجرائم الواردة بتلك القوانين لا تقتصر على مستخدمي حسابات ومواقع التواصل الاجتماعي. ولا يغيب عن البال أن المشرع أصدر القانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وأفرد فيه عقوبات تصل إلى الحبس لكل من أنشأ موقعاً أو نشر معلومات أو بيانات بقصد الاستغلال أو التوزيع أو العرض على الغير عن طريق الشبكة المعلوماتية، وكان ذلك من شأنه المساس بالآداب العامة، ناهيك عن أنه لا يجوز قانوناً المساس بالأديان والدستور والذات الأميرية وشق صف الوحدة الوطنية بأي حال من الأحوال. المحامي عبدالرزاق عبدالله abdulrazzaq@arazzaqlaw.com
مشاركة :