بعد 20 عاما على إطلاقه .. اليورو "عملاق مكبل" يفتقر للتضامن الأوروبي

  • 12/29/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

"الاقتصادية" من الرياض نجح اليورو خلال 20 عاما منذ تأسيسه في فرض نفسه كعملة قوية في الأسواق والمحفظات ونجا من أزمات كبرى، غير أنه سيبقى عملاقا مكبلا ما لم يستند إلى تضامن أوروبي متزايد. وأطلق اليورو لأول مرة في 1 كانون الثاني(يناير) 1999، كعملة افتراضية تستخدم في المحاسبة والتعاملات المالية فقط. وبحسب "الألمانية"، أصبح اليورو حقيقة ملموسة للأوروبيين بعد ثلاثة أعوام، والآن تستخدم عملته المعدنية والورقية من جانب أكثر من 340 مليون شخص في 19 دولة أوروبية. ولم يدخل اليورو القلوب على الفور، إذ لام البعض عليه التسبّب في ارتفاع الأسعار، ففي ألمانيا أطلق عليه مسمى "تورو" في تحريف لكلمة ألمانية تعني غالي الثمن. لكن سهولة السفر وإجراء الأعمال عبر الحدود دون قلق إزاء خسارة الأموال نتيجة تقلبات أسعار الصرف سرعان ما حقق له قبولا. والآن، يحظى اليورو بشعبية كبيرة غير مسبوقة رغم تصاعد النزعات المشككة في الاتحاد الأوروبي والحركات الشعبوية في عدد من بلدان التكتل. وأظهر استطلاع للمصرف المركزي الأوروبي في تشرين الثاني(نوفمبر) الفائت، أن 74 في المائة من المواطنين الأوروبيين يرون أنّ اليورو أفاد الاتحاد الأوروبي، فيما يعتقد 64 في المائة منهم إنّه أفاد بلادهم. وقال نيكولاس فيرون الباحث في مركز بروجيل للأبحاث في بروكسل ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن أن "اليورو بات راسخا لدى السكان حتى الأحزاب المناهضة للمؤسسات أقرت بذلك". وبات اليورو ثاني أهم عملة في العالم، إلا أنه يبقى بعيدا عن تحدي هيمنة الدولار الأمريكي. وواجهت العملة الأوروبية الموحدة لحظة حاسمة بعد أن أدت تداعيات الأزمة المالية في العام 2008 إلى أزمة ديون ضخمة في منطقة اليورو بلغت ذروتها بتقديم صفقات إنقاذ لعدة دول، ما دفع التكتل النقدي إلى نقطة الانهيار وشكل اختبارا قاسيا لوحدة صفوفه. لكن خبراء قالوا إنّ ذلك الوقت المضطرب كشف الثغرات الحقيقية لمشروع اليورو، ومن بينها افتقاره للتضامن النقدي ووجود مقرضين كملاذ أخير. كما أبرزت الأزمة التفاوت الاقتصادي الكبير بين أعضاء منطقة اليورو، خصوصا بين الشمال الحذر ماليا والجنوب الغارق في الديون. ويحسب لماريو دراجي رئيس المصرف المركزي الأوروبي إنقاذ الاتحاد الأوروبي في عام 2012 حين أرسى مبدأ أساسيا، مفاده أنّ المؤسسة التي تشرف على السياسة النقدية الأوروبية من مقرها في فرانكفورت ستقوم "بكل ما يتطلبه الأمر" للحفاظ على اليورو. وتعهد المصرف المركزي بشراء عدد غير محدود من السندات الحكومية من الدول المديونة، إذا تطلب الأمر ذلك. واتخذ المصرف المركزي إجراءات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة لضمان تدفق الأموال في منطقة اليورو ودرء مخاطر الانكماش. وحدد معدلات فائدة منخفضة في شكل قياسي ومنح قروضا رخيصة لمصارف واشترى سندات حكومية وتجارية بأكثر من 2.6 تريليون يورو (3 تريليونات دولار) بين عامي 2015 و2018. ومع اقتراب معدل التضخم في منطقة اليورو من أقل من 2 في المائة وهو الهدف الذي حدده المصرف، اعتبرت محفزات المصرف المركزي للاقتصاد الأوروبي قصة نجاح في السياسات النقدية. لكن مراقبين يعتقدون أنّ دول منطقة اليورو الـ19 لم يفعلوا ما هو كاف لتنفيذ الإصلاحات السياسية الضرورية لتهيئة المنطقة بشكل مناسب لأي انكماش في المستقبل وتحقيق تقارب اقتصادي أكبر. ولم يكمل أعضاء منطقة اليورو إجراءات التوصل للاتحاد المصرفي الذي طال انتظاره، وسط خلافات حول إنشاء نظام تأمين على الودائع في جميع أنحاء أوروبا. وخفت اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باستحداث موازنة لمنطقة اليورو إلى حد كبير، إذ وافق قادة المنطقة في كانون الأول (ديسمبر) فقط على النظر في صيغة مصغرة من المقترح فيما لا يزال الغموض يخيم على التفاصيل. وسيتم التفاهم في حزيران (يونيو) 2019 على أبرز مواصفات هذه الموازنة التي سيتم إدراجها في موازنة الاتحاد الأوروبي. وتم تجاهل خطط ماكرون الطموحة بشأن استحداث وزير مالية لمنطقة اليورو أو نسخة أوروبية من صندوق النقد الدولي. وأوضح جيل مويك الخبير الاقتصادي السابق في المصرف المركزي الفرنسي، أنّ المصرف المركزي الأوروبي فعل "كل ما يمكن فعله" لدعم اليورو. لكن نيكولاس فيرون المحلل الاقتصادي يتبنى نظرة متفائلة، ويرى أنّ اليورو تم تقويته عبر تصحيح مالية المصارف والجهود لكبح الديون العامة وإجراءات المصرف المركزي الأوروبي الاستثنائية، مؤكدا أنّ اليورو الآن "عملاق ذو أقدام من الطوب وليس من الطين".

مشاركة :