اللغةُ العربية من أجمل لغات العالم، وأكثرها ثراءً وعمقًا تليها في الجمال - بحسب اعتقادي الشخصي - اللغة الفرنسية. وقد فرضت هذه اللغة العريقة نفسها حتى اعتمدت كلغةٍ رسمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان ذلك في عام 1973 وكلغة عمل في الأمم المتحدة، حيث تقرر أيضًا تحديد يوم 18 ديسمبر يوما عالميا للاحتفال باللغة العربية. هذا يعني أن العالم يعترف بأهمية هذه اللغة نظرًا إلى أن المتحدثين بها يبلغ عددهم أكثر من 300 مليون نسمة، بما يعادل 5% من سكان العالم وعلى رقعة جغرافية واسعة. هذه اللغة الجميلة بدأ يهرب منها أصحابها تدريجيا، وخاصة الجيل الجديد الذي نشأ مع ثورة الاتصالات والإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي. فأينما حللت ترى الشباب والشابات يتحدثون باللغة الإنجليزية وخاصة أولئك القادمين من المدارس الخاصة الأجنبية منها والوطنية. هذا أمر مؤسف يبدو أن خطورته غائبة عن انتباه الآباء، لأن هجران اللغة يعني بالنتيجة هجران الثقافة العربية والإسلامية تدريجيا والوصول إلى حالة لا انتماء مؤلمة ومن ثم الدخول إلى التيه والتغرب النفسي والمعنوي، فلا أنت عربي ولا إنجليزي أو أوروبي، أنت بين بين، والحلقة مفقودة لأن اللغة جانب من جوانب حياتنا وهي البيئة الفكرية وحتى الثقافية والنفسية للأمم. اللغة العربية من اللغات السامية وتحوَّلت تدريجيًا حتى قيل إن يعرب كان أول من أعرب (أي بدأ بالتحدث باللغة العربية) في حين ورد في الحديث النبوي أن النبي إسماعيل بن إبراهيم كان أول من نطق بالعربية من الأنبياء بعد أن تركه والده في الجزيرة العربية حيث عاش حياته. ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك ويقولون إن العربية كانت لغة آدم في الجنة لكن هذا القول لا يسنده أي برهان أو دليل وربما ليس منطقيا بأي معيار من المعايير. ومن الوجهة التاريخية، فقد ارتبطت اللغة العربية تاريخيا بالشعر الجاهلي في القرن السادس الميلادي وبـالقرآن الكريم في القرن السابع الميلادي، واللغة المعنية هنا هي لغة عرب الشمال، التي أصبحت لغتنا العربية التي نتحدث بها اليوم. وبسبب أهمية اللغات، اهتمت الأمم المتحدة بها واعتمدت ست لغات حتى الآن، وهي: الإنجليزية، والإسبانية، والعربية، والفرنسية، والصينية والروسية وخصصت لكل لغة يوما عالميا للاحتفال بها وحُدد اليوم الذي اعتمدت فيه اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة كيوم محدد لهذا الاحتفال. وتأتي أهمية اللغة العربية وجمالها من عمق مفرداتها وتنوعها وثرائها اللا محدود، فلكل شيء من الأشياء عشرات المفردات التي تعني نفس المعنى ولكن بفارق بسيط، فالأسد مثلا له حوالي خمسمائة اسم، اعتمادًا على شكله ومنطقته ومواصفاته. كما أن أوقات الليل والنهار لها أسماء عديدة. فالليل له 24 اسما عند العرب مثل: صريم، والعقبة، والجنان، والسمر، والعكامس، والأعصف والغاسق وأسماء أخرى. وساعات النهار: الشروق، ثم البكور، ثم الغدوة، ثم الضحى، ثم الهاجرة، ثم الظهيرة، ثم الرواح. أما ساعات الليل فتسمى: الشفق، ثم الغسق، ثم العتمة، ثم السدفة، ثم الفحمة، ثم الزُلة، ثم الزُلفة، ثم البهرة، ثم السحر، ثم الفجر، ثم الصُبح، ثم الصباح. هذه اللغة الغنية، العميقة، لغة الشعر والأدب والثقافة، اللغة التي تتيح لك التعبير بكل دقة عن أي شيء وكل شي، كيف نتركها ونتحدث بلغات هي أقل منها ثراءً وفخامة. من الطبيعي أن اللغة العربية يجب أن تطور نفسها ويحاول المتخصصون والدارسون أن تواكب مفردات التواصل الحديثة بعالم تقنية المعلومات، لكي تظل حديثة وعصرية. وهذا الأمر صعب تحقيقه في حدود معينة لكن المحاولة مطلوبة على أن تظل مصطلحات الإنترنت بلغتها الأصلية حفاظًا على الدقة العلمية والتقنية.
مشاركة :