في سبتمبر الماضي، ذهبت فتاة في الثانية عشرة من عمرها لمركز الجلدية بضاحية عبدالله السالم لإزالة ندبة صغيرة في أذنها إثر حلق كانت تلبسه، وكان بالعيادة طبيبة وافدة بمنصب استشاري ومعها طبيبة كويتية متدربة، فقامت الطبيبة الوافدة بحقن الطفلة بإبرة «الليكويد نايتروجين» بدل من أن تمسحه موضعياً على اذنها، فسقطت الفتاة فورا مغميا عليها، فتركتها الطبيبة الوافدة لطلب النجدة. أما الطبيبة الكويتية المذهولة، فبدأت بإجراءات الانعاش، وعند وصول الاطباء لم تكن هناك تجهيزات كافية تمكنهم من الانعاش لأن المركز غير مهيأ للعمل، وتركت الطفلة تواجه مصيرها حتى وصلت سيارة إسعاف الأميري بعد نصف ساعة، ولم يذهب مع الطفلة إلا الطبيبة الكويتية المتدربة، وعند الوصول إلى مستشفى الأميري أعلن وفاتها. والآن نعود لمقال نشرناه في أبريل 2017، موجهاً لوزير الصحة الحربي آنذاك بعنوان «إلغاء 2013/187 كارثة يا وزير الصحة»، طالبين منه العدول عن قرار الالغاء، خاصة المادة الثالثة منه التي تسمح بترقية الأطباء غير الكويتيين عند حصولهم على شهادات دكتوراه وماجستير، وهم على رأس عملهم، الامر الذي جعل رئيس لجنة كلية الاعصاب في معهد الكويت للتخصصات الطبية يعارض القرار ويرفض ترقية طبيبة وافدة مستندة لقرار الوزير بسبب شهادتها غير الاكلينيكية وغير المرتبطة ببرنامج ممنهج ينسجم بالمعايير العلمية والأكاديمية الدولية، فما كان من أمين المعهد إلا أن قام بحل لجنة كلية الأعصاب، والمؤسف قبل أشهر من تخريج أول دفعة من الأطباء الكويتيين بعد نجاحهم بامتحان البورد الكويتي للأعصاب، لتضيع سنوات من تأهيلهم الاكاديمي. والآن نعود لأول فقرة بالمقال، وهي الصدمة، ليتضح أن تلك الطبيبة الوافدة التي حقنت الفتاة هي أحد المستفيدين من قرار الترقية بشهادة دكتوراه وهي على رأس عملها، لتتحقق مخاوفنا وتكتمل أركان القضية التي دافعنا وحذّرنا منها لأكثر من عام، ولكنها للأسف اكتملت على حياة طفلة مواطنة في ريعان شبابها، علاوة على ما يكتنفه قرار الوزير السابق من تحول الايدي العاملة من الاطباء الوافدين إلى منافسين للاطباء الكويتيين في سباق الحصول على الترقيات بدلاً من التركيز على عملهم الذي تم التعاقد عليه. وهنا، لا بد أن نتوقف لنشكر معالي وزير الصحة الأخ الدكتور باسل الصباح الذي قام مشكورا بإصدار القرار 306 / 2018 بإلغاء المادة الثالثة من قرار الوزير السابق رقم 2 / 2017 التي حذرنا منها سابقاً، بحيث لا يعتد بشهادات الطبيب غير الكويتي وهو على رأس عمله، والذي نأمل أن يتبعه حصر والغاء للترقيات التي تمت بموجب المادة الثالثة. إنه وفي خضم الفساد غير المسبوق بالجهاز الاداري للدولة، وبعد أن فقدنا الامل بمجلس الأمة، فقد بات ضروريا تشجيع أي عملية إصلاح يقوم بها أي وزير حتى نعود للمسار الصحيح، وهو ما يجعلنا أيضا نشيد بقرار معالي الوزير الاسبوع الماضي الذي نزع فتيل الأزمة بين مجلس كلية جراحة الكلى والمسالك وبين معهد الكويت للاختصاصات الطبية بتشكيل لجنة محايدة من خارج وزارة الصحة لحل المشاكل المتأزمة للمعهد. ونحن إذ نتلمس عن قرب معاناة الأطباء الكويتيين لأكثر من عقد من الزمن، فإننا لا بد أن نشكر الجهود الحالية التي يقوم بها الدكتور باسل الصباح معالي وزير الصحة. *** إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان. بدر خالد البحرbdralbhr@yahoo.com
مشاركة :