الأجهزة الإلكترونية واضطرابات النوم

  • 2/6/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لم يعد موجوداً ذلك الزمن الذي كانت تتحلق فيه العائلة حول جهاز التلفزيون الوحيد في البيت، وربما الخصام حول البرنامج المفضل الذي يريد بعض أفرادها مشاهدته بينما يصر البعض على مشاهدة نوع آخر من البرامج. الفتيات غالباً يردن الأفلام والمنوعات بينما الذكور ينحازون للمصارعة الحرة، والكبار منهم إلى الأخبار. ذاك زمن ولى، الزمن الآن أصبحت الشاشات العريضة جزءا من أثاث غرف الأبناء. هذا زمن التقنية اللوحية الالكترونية التي تواصل تفتيت الأسرة إلى كيانات صغيرة منعزلة عن بعضها لا تتشارك مع من يقتسمها البيت ذائقتها، بل قد يشاركها البعيد الذي يبعد عنها ربما آلاف الأميال تلك الذائقة. تقنية الاتصالات اللوحية وسائر الأجهزة الذكية تواصل عزل الإنسان عن محيطه وتخلق له عالماً افتراضياً يعيش فيه. هناك الكثير اجتماعياً عما يمكن أن تغيره هذه الآلات والأجهزة التي تؤدي دورها (بذكاء) غير أن هذه المقالة ستركز على آخر ما استجد من تأثيراتها الصحية والنفسية معتمداً على بحث ودراسة قام بها باحثون نرويجيون ونشرت مؤخرا في المجلة البريطانية الشهيرة (BJM). التقنية الالكترونية تتطور بشكل مذهل وتدخل إلى تفاصيل الحياة، بل في تفاصيل الجسد. الدراسة المذكورة قامت على 10.000 مراهق في دولة النرويج تتراوح أعمارهم ما بين 16 إلى 19 سنة أكد معظمهم أنهم يستخدمون جهازا الكترونياً أو اثنين قبل الذهاب مباشرة إلى النوم. أظهرت الدراسة تناسباً طردياً بين المدة التي يقضيها المراهق أمام الشاشة الالكترونية قبل ذهابه إلى النوم وبين اضطرابات النوم وطبيعته القلقة وغير المريحة لدى المراهق وتفاقم عدم التركيز والاضطرابات العصبية لدى المستخدمين. الدراسة أكدت أيضا أن مشاهدة التلفزيون بشكل كبير أو البرامج التي تبث على الكمبيوتر ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإصابة المراهقين بالاكتئاب. من نتائج البحث أن المراهقين الذين يمضون 4 ساعات يومياً أمام شاشات الألواح الإلكترونية مرشحون لزيادة بنسبة 50% عن غيرهم في اضطراب النوم، وعدم القدرة على الانغماس في نوم مريح قبل ساعة من الوقت، كما يميل نومهم إلى أن يكون أقصر بحيث إنهم لن يستطيعوا النوم أكثر من 5 ساعات فقط! فعمليات الدردشة والمراسلات الإلكترونية على سرير النوم قد تؤجل موعد النوم، وفي الوقت نفسه تثير الجهاز العصبي وتؤدي إلى التأثير السلبي على ساعة الجسم الحيوية. هناك الكثير من العمليات البيولوجية والعصبية التي تحتاج لحالة النوم المستمر والهادئ لكي تنفذ، أهمها الذاكرة، والتي تمثل جزءا كبيرا من صفة الذكاء والتي يحتاجها الفرد في الإنجاز الأمثل إذ يتم خلال النوم اختزان الخبرات في الذاكرة. يجب أن تكون هناك على الأقل ساعة واحدة تفصل بين خلود المراهق إلى النوم وبين تخليه عن اللوح الإلكتروني هكذا ينصح الباحثون. كما ينصحون الأبوين بأنه لا بأس من أن يتم إطفاء الشاشات قبل وقت النوم المحدد بساعة على الأقل. هذا طبعاً لا يعني التخلي عن تلك الأجهزة ولا يعني التخلي عن الكمبيوتر المحمول فحالياً الكثير من الواجبات المنزلية للدارسين في المرحلة الثانوية يتم الاستعانة بالكمبيوتر لكن التوسط والاعتدال في الاستخدام مهم جداً. قاص روائي - مستشفى الملك فيصل التخصصي بالدمام

مشاركة :