أبوظبي: «الخليج» يعتبر قصر الحصن أبرز معلم تاريخي قائم في أبوظبي، ويسرد محطات من تاريخ الإمارة لعدة قرون، ويعتبر درة خالدة في التراث الإماراتي الأصيل، كونه شاهداً على التاريخ ويروي تفاصيل صفحات الماضي العريق، ويرسم صورة عن أفراد مجتمعها، وبداية حياتهم وتاريخهم وإرثهم الثقافي الأصيل. واستقبلت منطقة الحصن التي يقع بها القصر الزوار اعتباراً من 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بعدما أكملت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، أعمال الصيانة والترميم والتجديد في الموقع الذي أصبح وجهة تاريخية وثقافية فريدة من نوعها. وأتاح المعرض الدائم داخل القصر الخارجي والحصن الداخلي بعد ترميمهما، تجربة متنوعة استكشف الزوار خلالها قصة أبوظبي التاريخية، وكيف كانت حياة الأجيال والحكام ممن عاشوا فيها، من خلال قاعات تضم كثيراً من المقتنيات الدائمة والمتنوعة كالمجموعات الأثرية والمواد الأرشيفية، مروراً بالوسائط المرئية والتجارب التفاعلية التي تؤكد عظمة الإرث الثقافي الإماراتي. هذا الصرح يصور استقرار التجمعات السكانية التي اعتمدت على صيد الأسماك واللؤلؤ في القرن الثامن عشر، ويؤكد تطور المدينة إلى واحدة من أروع المدن العالمية الحديثة، حتى أصبحت ذات إرث حضاري يقف شامخاً في قلب المدينة النابض بالحياة أبوظبي. ويضم القصر الخارجي الذي يعود تاريخ بنائه إلى أربعينيات القرن الماضي، مجموعة من الأجنحة والغرف التي تسرد قصة الأجيال السابقة التي عاشت في القصر وترصد تفاصيل حياتها اليومية. يتعرف الزوار خلال جولة في القصر إلى أهم الأحداث التاريخية التي شهدها المكان، والتي تصور مظاهر الحياة اليومية في المجتمع القديم، ودور هذا المعلم التاريخي بوصفه مقراً للحكم ومركزاً لإدارة شؤون البلاد. وتعرف الزائرون خلال جولة في مجلس الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان الذي أعيد تصميمه، من خلال المقتنيات والصور والمواد الفيلمية، إلى أساليب العمارة التي كانت متبعة في ذلك الوقت، وإنجازات الشيخ شخبوط وبراعته الدبلوماسية في إدارة شؤون البلاد، وتحدي المحن العصيبة، علاوة على عرض مقتنيات أثرية اكتشفها علماء الآثار في موقع الحصن. ومن ذاكرة هذا الصرح التاريخي العظيم ظل الجمهور يتعرف إلى «شرطة الحصن» التي تأسست في هذا القصر، وعملت على تأمين الحماية له وللمناطق المحيطة به لفترات زمنية طويلة. وعندما يزور الإنسان هذه المنطقة الغنية بالتراث والثقافة الأصيلة، يعاوده إحساس كبير بأن هناك صورة مصغرة تعيده إلى الماضي العريق، وتمثل له البيئة الطبيعية التي تجسد ملامح الثقافة الإماراتية الأصيلة، ويتعرف إلى الفنون والحرف التقليدية التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، ويستمتع بصناعة الحبال ونسيج الخوص والعزف على الربابة، وعروض الصقارة، إضافة إلى التعرف إلى صنع واستعمال شباك الصيد وتمليح الأسماك واستخراج اللؤلؤ من المحار، ومشاهدة عروض اليولة. وعلاوة على ذلك، فإن الزائر لهذه المنطقة يستمتع كثيراً بتذوق القهوة العربية التقليدية وطريقة تسلق الأشجار، وممارسة الحرف اليدوية والفنون التقليدية الإماراتية، كما يتعرف أيضا إلى قصة رحلة قبيلة بني ياس التي هاجرت من مقر أجدادها في واحة ليوا بصحراء أبوظبي، إلى أن استقرت في المنطقة الساحلية. وقدم 25 فناناً وفنانة إماراتية خلال الأسبوع الاحتفالي لافتتاح منطقة الحصن بعد ترميمها، فقرات وعروضاً حية متنوعة، كما تضمن البرنامج مشاركة الفرق الفنية برقصات وفعاليات تراثية مثل فرقة الخيالة والرزفة والفرقة العسكرية، إضافة إلى العرض الرائع لشرطة «قصر الحصن»، وأنشطة وفعاليات الحرف التراثية في المنطقة الخارجية، حيث ظل الجمهور يطلع على العديد من المقتنيات الأثرية في القصر. وتستمر الفعاليات والأنشطة التراثية والعروض الفنية والأدائية مثل فرق العيالة والرزفة والفرقة العسكرية في المنطقة الخارجية على مدار العام. ويجسد المجمع الثقافي الذي تأسس سنة 1981 على يد المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رغبة حقيقية تتمثل في رفع الوعي الثقافي وغرس قيم الهوية الوطنية في قلوب شباب الدولة، ويحمل رسالة قيمة تهدف إلى تعزيز كافة أشكال النشاط الفكري والإبداعي، بينما يشكل بيت الحرفيين محوراً رئيسياً ضمن الجهود الرامية إلى صون ورفع الوعي بالتراث الإماراتي المعنوي، كما يضطلع بدور ريادي في حماية ودعم الموروث الإنساني والمهارات الحرفية القيمة ودعم ممارسيها، إضافة إلى إقامة حزمة من الدورات التدريبية وورش العمل التعليمية، وغيرها من الفعاليات العامة. ويستقبل «المجمع الثقافي» كثيراً من الزوار من خلال برنامج حافل بالعديد من ألوان وأشكال الفنون البصرية وعروض الأداء، إضافة إلى أنه يضم أول مكتبة من نوعها مخصصة للأطفال، إلى جانب قاعات عرض واستوديوهات فنية متميزة لاستضافة فنانين مقيمين وورش عمل فنية، بينما أصبح كثير من الناس الآن في ترقب مستمر ينتظر افتتاح المسرح ومكتبة الأطفال، بعد الإعلان عن افتتاحهما في عام 2019. فعاليات فنية شهد مسرح المجمع الثقافي عودة بيت العود، بمشاركة عدد كبير من الفنانين، إضافة إلى عروض متنوعة ومميزة لأصدقاء "افتح يا سمسم"، وحفل للموسيقار نصير شمة، ومجموعة «كلوبال بروجيكت»، بحضور عدد كبير من الفنانين والكتاب ورجال الأعمال و الجمهور، إلى جانب حفل رائع للأخوان شحادة، وحفل الفنان الشاب يوسف ياسين، وشمل برنامج أسبوع الافتتاح محاضرة بعنوان «ذكريات الفنانين»، تحدث فيها كل من د. نجاة مكي، عبد الرحيم سالم، جلال لقمان، وعزة القبيسي عن مسيرتهم الفنية، وعلاقتهم بالمجمع الثقافي. منارة للإبداع تعرف الزوار في قاعة الفنون البصرية إلى المعرض التشكيلي بعنوان «الفنانون والمجمع الثقافي: البدايات»، وضم أكثر من 100 عمل فني لمجموعة من الفنانين المحليين الذين شهدوا البدايات الأولى للمجمع الثقافي خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات. يلعب هذا المعرض الفني دوراً كبيراً في إثراء الساحة الفنية، كونه وجهة فنية ومنارة للإبداع يرصد محطات من تاريخ المجمع الثقافي ويحتضن محطات تاريخية رائدة في المجال.
مشاركة :