المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل عنصراً مهماً في الاقتصاد الوطني وتستحوذ هذه المؤسسات على حصة كبيرة من النشاط الاقتصادي، كما أنها تستوعب العدد الأكبر من العمالة الوافدة.. - ما مدى إسهام هذه المنشآت في الاقتصاد الوطني؟ - ما الصعوبات التي تواجه تطورها والحلول المتاحة لمعالجة هذه الصعوبات؟ - إلى أي مدى استجابت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لبرامج السعودة وتوطين الوظائف؟ (اليمامة) بدورها استعرضت أوضاع هذا القطاع، وأهم المشكلات التي تواجهه من خلال استضافتها لبعض المتخصصين الأكاديميين والعاملينى في هذه المؤسسات.. المشاركون في القضية: - د. أسماء محمد باهرمز: أستاذ إدارة الأعمال بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز. باحثة في عمليات «علم اتخاذ القرار». مؤسس ورئيس مؤسسة باهرمز كونسلت للاستشارات الإدارية. - عبدالرحمن بن أحمد الجبيري: كاتب ومحلل اقتصادي. - د. وفاء ناصر المبيريك: أستاذ إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود. - سليمان العساف: مستشار اقتصادي. - د. هبة قزاز: أستاذ مساعد في قسم التمويل بكلية الاقتصاد والإدارة جامعة الملك عبد العزيز. - محمد سعد القرني: محلل اقتصادي. - أمل مختار تركستاني: محاضر بقسم التسويق في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز. ------- التمويل والضمانات في البدء.. تتطرق د.هبة قزاز، لبيان أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والدور الذي تلعبه في النهوض بالاقتصاد الوطني، قائلة: تعتبر المنشآت الصغيرة والمتوسطة، المحرك الرئيسي لأي اقتصاد بشكل عام، بل إنها تلعب اليوم دوراً كبيراً في تعزيز الاقتصاد، وتنويع مصادره. كما أنها تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص العمل، وإيجاد بيئة داعمة وحاضنة للإبداع والابتكار. وبناء على دراسات علمية، فإن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تعتبر أكثر قدرة على تحمل الأزمات الاقتصادية، مقارنة بالمنشآت الكبيرة، حيث نمت المنشآت الصغيرة والمتوسطة خلال الأزمة الاقتصادية الأمريكية بمعدل 4.3%، بينما تراجع معدل نمو المنشآت الكبيرة بمعدل 9.3%. وبناء على ما ذكرت سابقاً، فإن المملكة العربية السعودية، أولت في رؤيتها الطموحة 2030 تلك المنشآت، عناية خاصة؛ لرفع مساهمتها في الاقتصاد المحلي من 20% إلى 53%. وفي سبيل تحقيق رؤية المملكة 2030م، تم تأسيس الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)؛ لدعم المواطنين والمواطنات في ريادة الأعمال، وتذليل كل العقبات التي قد تواجههم. وعن أهم العقبات التي تعاني منها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تقول د.هبة قزاز: يتمثل ذلك في تعقيد الإجراءات النظامية والإدارية والبيروقراطية الحكومية، وصعوبة توفير كوادر بشرية متخصصة، إضافة إلى قلة فرص التمويل لمثل هذه المنشآت، ما يمثل عقبة رئيسية يصعب على المنشأة تجاوزها، حيث إن البنوك تطلب ضمانات يصعب على تلك المنشآت الناشئة توفيرها. ولتوفير الدعم المالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة – والحديث للدكتورة قزاز -، تم إنشاء برنامج «كفالة»؛ لتقديم كفالة وخدمات ضمان القروض لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهي تكفل 80% من قيمة التمويل المقدم من جهات التمويل العاملة مع البرنامج. وقد أسندت إدارة هذا البرنامج إلى صندوق التنمية الصناعية السعودي، الذي لا يقتصر فقط على تقديم الكفالات المالية، بل يتعدى ذلك إلى تقديم التدريب والاستشارات اللازمة؛ لعمل دراسة جدوى، وخطط عمل، وإعداد القوائم المالية، وقد بلغ إجمالي عدد الكفالات المعتمدة منذ بداية البرنامج 23726 كفالة بقيمة إجمالية تجاوزت 12 مليون ريال. وعلى الرغم من ذلك، نجد أن الإقراض، هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لتلك المنشآت، مقارنة بغيرها من الدول التي تدرك أهمية تلك المنشآت للاقتصاد الوطني، ودفع عجلة التنمية، وتوسيع القاعدة الإنتاجية. وعما إذا كانت هناك إحصائية أو مسح كشفي لعدد هذه المنشآت في السوق السعودي، وما يرتبط به من دلالات، خصوصاً ما يتعلق به من قدرة ملائية، للنهوض بهذه المؤسسات، تقول قزاز: كشف المسح السنوي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لعام 2017 والصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، أن عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة بلغ نحو 978 ألف منشأة، وأن عدد العاملين بها بلغ نحو 4.5 مليون عامل، وأن 75% منهم أجانب، فيما لم تتجاوز نسبة السعوديين 25%. إن هذه الأرقام، تعطي بلاشك دلالات واضحة على أهمية هذا القطاع وقدرته على خلق آلاف فرص العمل في بلادنا، والإسهام في تخفيض نسبة البطالة. كما تعطي أهمية خاصة برفع ثقافة ريادة الأعمال والابتكار والتميز المؤسسي. تحقيق رؤية 2030م أما عبدالرحمن بن أحمد الجبيري، فأكد على أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعد أحد مكونات ومؤشرات النمو الاقتصادي لأي مجتمع، بل وأحد أهم الروافد لأي نظام اقتصادي في العالم، ومن ذلك إسهامها فيما يخدم الرؤية السعودية 2030م، موضحاً ذلك بقوله: تعد هذه المؤسسات ذات تأثير وعائد اقتصادي مُستدام في معظم الدول المتقدمة، لذلك تشير الدراسات والتقارير الاقتصادية إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تُسهم بأكثر من 50% إلى 70% في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول. ومن هنا تأتي هذه الأهمية الاقتصادية والتنموية بتحريك مكونات ومؤشرات النمو الاقتصادي، وخلق إمكاناته على أرض الواقع، مثل: خلق وتوليد الوظائف، ودعم الابتكار، وتعزيز الصادرات، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، وازدهار الفرص وتنوعها. وحول إسهام هذه المنشآت في الاقتصاد الوطني، يقول عبدالرحمن الجبيري: إن رؤية المملكة 2030م، أكدت ومن خلال حزمة من المستهدفات على تفعيل البرامج الداعمة لهذا القطاع، وذلك من خلال ما تقدمه حالياً الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت»، من برامج وحوافز لدفع نمو المنشآت في هذا القطاع من خلال دعمها، وبناء قدراتها، وتطوير إمكاناتها، وضمان تحسن أدائها، وزيادة نموها في الناتج المحلي. مع العلم، أن المحور الثاني في رؤية المملكة 2030م، قد أكد أيضاً على توفير فرص العمل للجميع، عبر منظومة تعليمية ترتبط باحتياجات سوق العمل، ووضعت لذلك هدفًا إستراتيجيًا نحو زيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الاقتصاد الوطني من 20% إلى 35%، ولكن لايزال هناك الكثير من الأبعاد التي تتطلب مزيداً من تضافر الجهود، وتأتي منها: التوسع في البرامج التمويلية، وتنمية مفاهيم وثقافة الأعمال الخاصة، وتطوير المهارات الشخصية للشباب، إضافة إلى أهمية أن يلعب القطاع الخاص، خاصة البنوك التجارية دوراً فاعلاً بفتح آفاقه وإسهاماته التشاركية مع الشباب السعودي في عديد من القطاعات المتعلقة والمترابطة مع قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كقطاعات واعدة، ومنها قطاع تقنية المعلومات والاستثمار في الاقتصاد الرقمي، ونقل المعرفة، وتوطين التقنية والخبرات في مجال التصنيع التقني والمهني، والصيانة والبرمجيات ونقل المعرفة والخبرات المتخصصة، والتطوير المتواصل، وشمولية الأعمال الإنتاجية والتطبيقية، ما سيسهم في ارتقاء المهارات البشرية، والتي ستؤدي إلى إنتاج الكثير من السلع والخدمات الوطنية بشكل نوعي متخصص في الجودة والأداء، وهو ما سيعزز من تعظيم نمو الناتج الإجمالي، والمكونات الأخرى التي اشتمل عليها الاقتصاد الكلي، كما أن هذا القطاع متاح به الأرض الخصبة للابتكار والإبداع، حيث تكون الفرص به أوسع وأكثر ربحية، إذا ما تم تعزيزه بذلك. وتطرق الجبيري للصعوبات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعيق حركة تطورها ونمائها، والحلول المتاحة لمعالجة ذلك، قائلاً: لقد أسست الدولة عديداً من الصناديق والبرامج الاستثمارية التي تقدم الحلول التمويلية، مثل صندوق التنمية الاجتماعي، وبنك التنمية الاجتماعية.. وغيرها، لأنه من شأنها أن تعطي هذا القطاع دفعة قوية نحو الاستثمار المدروس والجريء للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ما سيعزز دورها في التوسع والانتشار المستقبلي وقيادة الفرص؛ لصناعة مشاريع إنتاجية للمهتمين، وخلق جيل طموح في عدد من المجالات، بحوافز جديدة للاقتصاد السعودي بإجمالي رؤوس أموال مليارية، تدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال الاستثمار بمشاركة القطاع الخاص في استثماراته، وخلق كيانات إبداعية جديدة شاملة، وتبعاً لذلك ستتولد مساهمات جديدة للناتج المحلي، وهو الأسلوب الحديث في بناء الاقتصاد والتنمية المتسارعة التي تشهدها المملكة. وبالنسبة لسبل تذليل الصعوبات التي تواجه هذه المؤسسات، فذلك حقيقة هاجس الجميع، خاصة فيما يتعلق بمرونة التمويل وتقديم الاستشارات اللازمة للشباب المهتم بهذا القطاع، ففي الجانب التمويلي هناك حاجة ماسة إلى التوسع في مساهمات القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال البنوك التجارية تحتاج إلى أن تقوم بدور هام عبر برامجها التمويلية، وبرامج المسؤولية الاجتماعية، وأن تكون شريكاً فعالًا يقدم الدعم والاستشارة والمتابعة، بحكم ممارساتها المهنية المتخصصة في هذا الاتجاه. إضافة إلى أهمية إنشاء مكاتب استشارات متخصصة تمارس دور المتابعة، وتقديم المشورات من قبل خبراء متخصصين، وتقديم حزمة من الحوافز، وتطوير الأنظمة بمرونة عالية. ويتطرق الجبيري لمدى استجابة هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لبرامج السعودة، وتوطين الوظائف، قائلاً: هذه الاستجابة لاتزال دون المستوى المأمول لكثير من الاعتبارات، منها أن الفرص الوظيفية لا تزال محدودة، والأجور منخفضة، وأغلب المنشآت الحالية لا تمتلك المسارات الوظيفية المستقبلية، أو أدلة إجراءات. ناهيك عن أنظمتها المحاسبية والمالية، إذ يغلب عليها طابع الأداء العشوائي، وهو ما يعرض معظمها للخسائر ومن ثم الإغلاق. وعليه فإن الأمر يتطلب إعادة صياغة لأدائها بوتيرة من المهنية والاحترافية. ومما لا شك فيه، أن حزمة الإصلاحات التي أطلقتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ستسهم في تحسن ونمو معدلات توطين وظائفها في قطاعات متعددة، مثل قطاع التجزئة ومنافذ البيع وقطاع الصيانة بمختلف أنواعها، حيث إن الفرص لاتزال متعددة ومواتية في سوق العمل؛ لجذب الشباب وتوظيفهم. كما أن القطاعات التدريبية التي تهيئهم لسوق العمل، متاح بها الكثير من البرامج التدريبية التطبيقية بأحدث ممارسات وأساليب التدريب الحديث، وهو ما سيفضي إلى تكامل منظومة «السعودي الماهر»، والقادر على القيام بدوره المطلوب على أكمل وجه. ومن الأهمية بمكان، أن نخلق ثقافة تحفيزية في هذا المجال لشبابنا، حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات التي تدعم إمكاناتهم وطاقاتهم في مختلف المجالات. الصعوبات والتحديات من جهتها، تتطرق د.وفاء ناصر المبيريك، للحديث عن مدى مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، وما تواجهه من تحديات، وما يمكن وصفه كحلول ناجعة لها، قائلة: عملت المملكة العربية السعودية بشكل حثيث على تبني الخطط التنموية والتي تهدف للوصول إلى غاياتها في نمو القطاع الاقتصادي، وتحقيق التنوع في مصادر الدخل المحلي، حيث بلغت مساهمة القطاع الخاص غير النفطي 39.27% من إجمالي الناتج المحلي للربع الأول من عام 2018م. وكما نعلم، فإن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشغل حيزاً كبيراً من إجمالي المنشآت، وبالتالي تنامي عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل ملحوظ، فوفقاً لمسوح 2017م لهيئة الإحصاءات العامة، بلغ عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة 977.545 منشأة، والتي يعمل فيها 1.144.844 موظفاً. هذه الإحصاءات تعكس باختصار، أهمية المنشآت الصغيرة، ومساهمتها الملموسة في الاقتصاد، خاصة دورها في خلق فرص العمل. ومن الطبيعي جداً، أن تواجه هذه المنشآت، جملة من الصعوبات والتحديات، في سبيل تحقيقها لأهدافها في النهوض بالاقتصاد الوطني، وهي بالتالي قد تؤدي إلى فشلها، أو تؤخر تحقيقها للأهداف المأمولة. ومن هذه الصعوبات، ما له صلة بالبيئة المحيطة بهذه المنشآت، مثل الظروف الاقتصادية، فعلى سبيل المثال، تواجه المنشآت حالياً الركود الاقتصادي، وانخفاض القوة الشرائية للمجتمع، مع ارتفاع تكاليف الحياة. ومن الصعوبات أيضاً، ما له صلة بأصحاب المنشآت، مثل افتقاد الخبرة أو المعرفة في الجوانب الفنية، أو الإدارية واللازمة للعمل، فضلاً عن أن هناك صعوبات ذات صلة بالأنظمة والقوانين، مثل تأخر تحديث الأنظمة، أو ضعف تطبيقها. لذا نجد أن الصعوبات قد تختلف من منشأة إلى أخرى. ولعل أهم مبادرة كانت مأمولة، تمثلت بإنشاء كيان يعنى بهذا القطاع، حيث تم إنشاء هيئة المنشآت الصغيرة، والتي أطلقت عديداً من البرامج الداعمة والمحفزة والمنظمة لأعمال المنشآت، خاصة في ظل التطور التقني. وهنا أود أن أشير، إلى مدى الاستجابة المتحققة من قبل المنشآت الصغيرة، لبرامج السعودة وتوطين الوظائف، مع وضعنا في الاعتبار أن هذا القطاع لا يقتصر على المشاريع المتناهية الصغر فقط، والتي تبرز فيه بعض المشاكل الخاصة، مثل التستر وغيره، بل يمتد إلى كيانات يصل عدد العاملين فيها إلى أكثر من عشرين عاملاً. من هذا المنطلق، فإن من الإنصاف أن نلاحظ ازدياد عدد السعوديين والسعوديات الذين يعملون في هذا القطاع، خاصة في ظل تشجيع المرأة؛ للدخول في سوق العمل بمجالاته المختلفة. العبرة بالنهايات أما محمد سعد القرني، فيرى أن هذه المنشآت، هي بمنزلة الوقود الحقيقي لأي اقتصاد، وعامل من عوامل تحريكه، والنهوض به، موضحاً ذلك بقوله: تعد المنشآت الصغيرة الخطوة الأولى لمسيرة طويلة يبدأ بها رواد الأعمال وكبار رجال الأعمال مشوارهم العملي، وينطبق عليهم هنا المثل القائل (العبرة بتمام النهايات لا نقص البدايات)، إذ تعد المنشآت الصغيرة منفذاً تسويقياً للمصانع وتجار الجملة في مسيرة تكاملية لقطاع الأعمال، وتعد منفذاً بيعياً للمستهلك النهائي، خاصة لبيع السلع الاستقرابية. إن المنشآت الصغيرة لها تصنيفات عدة، تختلف من بلد لآخر، حيث صنفت وفق عدد من المعايير، منها حجم رأس المال، ووفق عدد العمالة بالمنشأة، وغير ذلك. ويعاب على المنشآت الصغيرة في المملكة، كثرتها، وسيطرة العمالة الوافدة عليها، مما جعل من تلك المنشآت، معول هدم للاقتصاد الوطني، لأن مكاسبها تحول للخارج، بما يعرف بهجرة رأس المال. وتسببت العمالة الوافدة في منافسة غير عادلة مع الشباب السعودي، حيث يستطيع العامل في تلك المنشآت من المقيمين، العمل لساعات طويلة جداً، مقارنة بالشاب السعودي الذي لا يستطيع منافسة المقيم في كثير من الأنشطة في قطاع المنشآت الصغيرة. كذلك المهارات التي يتميز بها المقيم عن الشاب السعودي، سواء كان ذلك في الحرف، أو المهن الدونية التي يعمل بها المقيم. وكي تنجح المنشآت الصغيرة في المملكة - والحديث للقرني - تحتاج إلى وجود عدد من التشريعات، منها: 1- ضبط عمليات التستر ومكافحتها بقوة. 2- وجود عدة ضوابط، منها إلزام أصحاب المنشآت بأغلاق منشآتهم عند ساعات محددة. 3- إلزام أصحاب تلك المنشآت بدفاتر محاسبية مالية، وتقديم ميزانيات سنوية. 4- إخضاع العاملين في هذه المنشآت لدورات تدريبية إدارية مالية تسويقية، وفي فنون التعامل مع الغير، وضغوط العمل وغيرها. 5- حماية المنشآت الصغيرة والعاملين بها، بسن تشريعات تشجع الشاب السعودي على المنافسة. 6- الإعفاء من الرسوم والضرائب لمدة ثلاث سنوات، كي تستطيع تلك المنشآت الصمود في السوق. 7- منح الشباب السعودي قروضاً بدون فوائد ميسرة السداد. 8- تسهيل إجراءات ترخيص المنشآت الصغيرة، واستثناؤها من بعض الاشتراطات المعقدة لمدة ثلاث سنوات. 9- عدم إلزام هذه المنشآت بالاشتراك في الغرف التجارية والبريد السعودي والتأمينات الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات، وإعفاؤها من رسوم التأشيرات والإقامات وغيرها. 10- تشجيع التخصص لكل رائد أعمال مبتدئ، والتوسع في التخصص نفسه مستقبلاً. --------- معظم هذه المنشآت تصارع كثيراً من التحديات من أجل البقاء والاستمرار عند سؤالنا د.أسماء باهرمز، عن معدل استمرار أو فشل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، في السوق السعودي، والأسواق العالمية تحديداً، أجابتنا قائلة: يلعب هذا النوع من المؤسسات دوراً حيوياً في تنمية وتطور الاقتصاد الاجتماعي، حيث يسهم في نمو الاقتصاد وخلق وظائف، والتخفيف من الفقر، وتكوين قاعدة صناعية مهمة. كما أن هذا القطاع يسهم في رفع كفاءة الاقتصاد، بسبب مرونته، وانخفاض تكلفته الإنتاجية. وهو مصدر مهم لتوليد الأفكار الجديدة والإبداع ورواد الأعمال. هل أسهمت في الاقتصاد الوطني السعودي، أقول نعم، وإن كانت تنقصني الإحصائيات. ولكن نظرة بسيطة لأمهات الشركات الرائدة حالياً، نجدها قد تمخضت عن منشآت صغيرة معظمها فردية، بدأها أناس عصاميون برأسمال صغير جداً، وربما بقرض من قريب أو صديق. والمتطلع للسوق حالياً، يشاهد زخماً من هذه المنشآت الفردية أو الشركات الصغيرة التي بدأها شباب هذا اليوم، ومعظمها يصارع كثيراً من التحديات، من أجل البقاء والاستمرار. علماً أن فشل الكثير من المؤسسات الصغيرة، يعد ظاهرة عالمية وليست خاصة بنا فقط، إذ تبلغ نسبة الفشل في السنة الأولى 20% في الولايات المتحدة، حسب إحصائية مكتب العمل لعام 2018م، وتصل 50% في السنوات الخمس الأولى، وتصل 70% لمن أمضى عشر سنوات. ولو نظرنا بإيجابية، فإنه بإمكاننا القول إن 80% من الشركات الناشئة تستمر إلى السنة الثانية، و50% منها يستمر إلى ما بعد خمس سنوات. ويكمن ذلك في عدم التأكد، نتيجة المتغيرات التي تواجه متخذ القرار المستثمر والذي غالباً تنقصه المعرفة والخبرة وغياب التمويل. وبسؤالنا لباهرمز، عن الأدوار المناطة بالقطاع العام والخاص، لدعم أصحاب المبادرات الاقتصادية، كل فيما يخصه، أجابنا قائلاً: لا بد لكل من القطاع الخاص والعام من دعم أصحاب هذه المبادرات كل فيما يخصه، فالبنوك وأصحاب رؤوس الأموال، يقع عليهم دور كبير في تقديم الأئتمان المالي لهم. ويقع على الجهاز التشريعي، وضع الكثير من الأنظمة واللوائح التي توضح وتضمن حقوق صاحب المبادرة والجهة الممولة، وحقوق الشركاء في المبادرة، لأن محاكمنا للأسف الشديد تعج بالمختلفين من شباب اشتركوا معاً في مبادرة معينة، ونتيجة عدم التروي والتوثق القانوني، تحول الأصدقاء إلى متخاصمين، ولجأوا إلى المحاكم، مما يشكل عاملاً منفراً لمن لديه مبادرة، أو حاجة إلى المشاركة مع زملاء له. أما بالنسبة لتوطين هذه المنشآت الناشئة، فهؤلاء الصغار هم بأنفسهم يمثلون مبادرة رائعة للتوطين، فدعوهم وشأنهم، وتابعوا كبريات الشركات والمؤسسات الحكومية التي لم تتجاوز نسبة التوطين لديها 30%. -------- استجابة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للسعودة بسيط ومحدود رغم ما يفرض عليها من وزارة العمل وعند سؤالنا لسليمان العساف، عن النسبة التي تمثلها هذه المنشآت في الناتج الاقتصادي المحلي، وسبل الارتقاء به لما هو مأمول منها، أجابنا قائلاً: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، رغم أنها تمثل أكثر من 95% من عدد المنشآت المسجلة في بلادنا، إلا أن دورها في الناتج المحلي لا يتجاوز 25%، وما نتمناه حسب رؤية 2030م، أن يتم رفعها إلى 35%، علماً أن المتوسط العالمي يراوح ما بين 55 إلى 70%، وفي بعض دول شرق آسيا، تصل النسبة إلى 90%، تمثل حجم مساهمة هذه المنشآت في الناتج المحلي لهذه الدول. وعن مدى استجابة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لبرامج السعودة وتوطين الوظائف، يقول العساف: هذه المؤسسات تستجيب للسعودة بشكل بسيط ومحدود وحسب قدرتها، رغم ما يفرض عليها من وزارة العمل، بسبب أن السعودة مكلفة بالنسبة لها، لذا تجدها تحاول قدر الإمكان، أن تتلافى هذه الإشكالية وتتجاوزها بطرق مختلفة. ما يهمنا هنا، أن تضع الدولة والبنوك يدها بيد هذه المؤسسات؛ لتعبر هذه المرحلة؛ ولتصبح كما هو مخطط لها في رؤية 2030م، قائدة للاقتصاد ومحركاً أساسياً له. --------- توطين عديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يدل على اهتمام الدولة بالمواطن وعند سؤالنا أمل مختار تركستاني، عما أحدثته جملة الإصلاحات الاقتصادية التي تم اتخاذها مؤخراً، في واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فيما يتعلق بالتوطين، أجابتنا قائلة: تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عنصراً مهماً في الاقتصاد الوطني، وفي الآونة الأخيرة تم توطين عديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثل 95% من مجموع المؤسسات والشركات ككل. ولأن هذه المؤسسات تستوعب عدداً كبيراً من العمالة الوافدة، فقد تم توطين محلات بيع الجوالات وصيانتها، ومحال بيع السيارات والدراجات النارية والملابس والأثاث والأواني المنزلية، حتى يتم تمكين المواطنين شباباً وفتيات من المشاركة في القطاع الخاص، وفتح المشاريع الخاصة بهم. أيضاً هناك محلات الأجهزة والمعدات الطبية ومواد البناء وقطع غيار السيارات، سيتم توطين المهن فيها بتاريخ 1/ 5/ 1440ه.كل هذه الجهود، إن دلت على شيء، فإنما تدل على اهتمام الدولة - حفظها الله- فعلاً بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وما يعزز دور هذه المؤسسات، تسهيل إجراءات حصولها على القروض والمساعدات، خصوصاً لأصحاب الأفكار الخلاقة في إنشاء مشاريع ذات إنتاجية عالية، برأسمال صغير. ولعلني استحضر هنا، ما لاحظته قبل سنتين، بظهور ما يسمى بعربات الأطعمة Food Truck وحجم إقبال الشباب والفتيات عليها، بعد أن تم منحهم التراخيص وتصاريح مزاولة هذا العمل، وتم تخصيص بعض المناطق لهم، بطريقة منظمة جداً. ولأن المؤسسات الصغيرة تحديداً، تسهم فعلاً في الاقتصاد الوطني، فهي تساعد على تحويل الفكر الاجتماعي إلى الأعمال الحرة، والاستفادة من الشباب والفتيات والسيدات وربات البيوت والمعوقين (أصحاب الهمم) في إيجاد مصدر دخل لهم.
مشاركة :