هناء العمير مخرجة سعودية صاحبة عين ثاقبة تتذوق الفن بشكل مختلف، نافست بأفلامها وقدمت فكراً ورؤى فنية مختلفة جعلتها من أميز المخرجات.. هنا تحاورها «اليمامة» في عدة مسائل فنية للحديث عن أهم أعمالها: r ما مجال دراستك، كيف كانت البداية بعملك بالإخراج؟ - مجال دراستي هو الترجمة، وإن نظرنا إلى الإخراج كترجمة بصرية للسيناريو المكتوب فهو بشكل ما نوع من النقل من وسيط إلى آخر بدأت في الكتابة الصحفية عن السينما نظراً لحبي وشغفي، وبعدها كتبت سيناريو فيلم قصير هو «هدف» حاز على جائزة النخلة الفضية لأفضل سيناريو لم ينفذ بعد عام (2008)، ولأن معظم الزملاء المخرجين في ذلك الوقت كانوا في بداياتهم فقد ألحوا علي بتجربة الإخراج بدلاً من إعطاء السيناريو لمخرج آخر، وبما أن مجال التجربة مفتوح للجميع، فقد قررت أن أخوض التجربة إلى جانب كل هذا كان هناك الكثير من التحصيل الذاتي والبحث والاطلاع على المدارس والموجات السينمائية المهمة. r تكتبين السيناريو بجانب الإخراج.. ما أهم أعمالك التي خرجت للنور ولاقت استحسان الجمهور؟ - كتبت سيناريو «هدف» وللمشاركة في برنامج بعيون سعودية قمت بإعادة كتابة النص ليلائم تلك المرحلة ومتطلبات البرنامج، هناك أيضاً سيناريو فيلم «بسطة» مع المخرجة هند الفهاد ولكن كان هناك ثناء كبير جداً على سيناريو فيلم «شكوى» وهو فيلمي الذي أخرجته وقمت بكتابته. r أيهما تفضلين بشكل كبير الكتابة أم الإخراج؟ - الكتابة بالنسبة لي حرفة، كتبت لعدة جهات في المحتوى البصري وجربت كل أشكال الكتابة تقريباً، من المسلسلات إلى المسرحيات إلى الأفلام القصيرة والطويلة بعضها رأى النور والبعض الآخر لظروف إنتاجية لم يكتب له التنفيذ، ولكن فيما يتعلق بالإخراج فأنا أكثر انتقائية ولكني يوماً بعد يوم أزداد شغفاً به، كنت لا أفكر بغير الإخراج السينمائي مسبقاً ولكن التجربة التلفزيونية كانت ممتعة ولذلك أتطلع إلى تجارب أخرى. r عندما يكتب المخرج يبدع في إظهار الصورة أكثر لأن شعوره بالتفاصيل عند كتابتها تجعله يقدمها بشكل مفصل .. صحيح؟ - صحيح.. في الكتابة يتخيل الكاتب كل التفاصيل الموجودة في المشهد ويعي تماماً اللحظات المهمة التي لا بد من التركيز عليها، الكتابة مهمة للمخرج تنمي عنده ملكة القص وتجعله يعي التفاصيل الصغيرة المهمة في رواية الحكاية بصرياً، في تصوير فيلم شكوى كنت أتوقف عند تفاصيل صغيرة كانت أحياناً متعبة وتسببت في تأخيرنا في جدول التصوير؛ لأنها مهمة في تصاعد الأحداث ولكني في تلك اللحظة أثناء التصوير كنت أعي تماماً أن مخرجاً أو مخرجة أخرى ليست كاتبة للنص ربما لم تكن لتتوقف عندها كثيراً. r فيلم «شكوى» ودوره في تكوين عالمك؟ شكوى كانت تجربة خاصة وممتعة جداً أشعر أنها البداية الفنية الحقيقية لي، رغم أنني كنت قد أخرجت فيلماً وثائقياً قبل ذلك ولكن فيلم شكوى كانت المرة الأولى التي أدير فيها ممثلين وكنت قد أصبحت أكثر وعياً بتفاصيل كثيرة لا شك أنني أدين كثيراً لشكوى ولنجاحه الذي مدني بالعزم على الاستمرار بتجارب أخرى. r كونك امرأة هل ستكون الأفكار التي تخص المرأة هي الغالبة لأعمالك؟ - أبداً.. عملي الأول «بعيداً عن الكلام» كان عن الموسيقى ولم تكن فيه امرأة وفيلمي القصير الثاني هو عن فنان مسرحي وليس فيه أي امرأة انغماسي في موضوع والكتابة عنه وإخراجه يعني الإنسان أولاً وأخيراً سواء كان امرأة أو رجلاً، لا شك أنني كامرأة أعي المجتمع النسائي وخفاياه بشكل كبير وهو المجتمع الذي استمد منه قصصي وأتفاعل مع قصص النساء بكل تأكيد ولكن ليس حصراً. r هل تختلف العين النسائية عن الرجل خلف الكاميرا؟ - أعتقد أن هناك زوايا مختلفة يكشفها كل منهم بطريقته الخاصة وإن كان يصعب التعميم أو حتى التحديد في كل مرة أشاهد فيها فيلماً لمخرجه أرى جانباً جديداً لم يتم التطرق له بذات الطريقة لاشك أن التجربة الحياتية للنساء مختلفة عن الرجال ولا بد أن ينعكس هذا بشكل ما على إبداعهن. r ماذا استفدت من عملك في مسلسل بدون فلتر مع الفنان عبد الله السدحان؟ - استفدت الكثير، فقد كانت التجربة الأولى لي تلفزيونياً خاصة أنه عمل تلفزيوني لرمضان، العمل تحت ضغط الوقت وبطاقم كبير معظمهم يتم العمل معه للمرة الأولى والعمل مع عديد من الممثلين والممثلات أيضاً الكثير منهم للمرة الأولى كلها كانت تجارب جديدة ومفيدة جداً وقد تعلمت الكثير. r النجم الذي يسوق العمل باسمه يكون العمل معه صعباً نوعاً ما من حيث التوجيه والملاحظات الإخراجية؟ - لا شك ولكن يعتمد هذا على قدرة المخرج على إثبات كفاءته وكسب ثقة من يعمل معهم وعلى وعي النجم وللأمانة لم أجد من الفنان الكبير عبدالله السدحان سوى كل الدعم والتقدير وقد كان حاضراً ومتجاوباً وشغوفاً بالتجربة كان يجمعنا الحرص على إنتاج العمل في أفضل حالاته. r ماذا عن كواليس فيلمك الأخير «أغنية البجعة»؟ - نحن في التحضيرات النهائية لعمليات ما بعد الإنتاج للعمل وسيرى النور قريباً بإذن الله هو تجربة جديدة ومختلفة تماماً عن كل ما قدمته، وقد اعتمدت تصويره كلقطة واحدة وهو تحد كبير، حيث إنه يتطلب التحكم بكل التفاصيل لفترة طويلة أثناء التصوير ولا مجال فيها للخطأ في أي عنصر من صوت وإضاءة وحركة كاميرا وأداء، كل شيء يجب أن يكون مدروساً ويتطلب بروفات وتحضيرات طويلة وهو ما قمنا به. r ما رؤيتك للمشهد السينمائي السعودي الفترة القادمة بعد قرار إنشاء دور عرض سينمائي؟ - متفائلة جداً بمستقبل مشرق لا شك أن تأسيس صناعة سيأخذ وقتاً طويلاً ولكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وقد قطعنا خطوات وما يجعلني متفائلة ليس وجود دور العرض بقدر الإرادة السياسية لتطوير صناعة الأفلام ودعم الفيلم السعودي وصناعه. r تجدين صعوبة في تصوير أفلام داخل المملكة أم الأمر ليس بهذا التعقيد؟ - لا لم يعد هناك قيود تذكر وحتى المارة في الشوارع يتفهمون ويتفاعلون بشكل جميل وواع مع فريق التصوير. r الحياة الفنية بالمملكة (مسرح، سينما، تلفزيون) تحتاج إلى....؟ - الدعم الحكومي والقوانين التي تحد من سيطرة الإنتاج التجاري، الكتاب هم أول من يبدأ العملية الفنية ويعانون كثيراً من قلة الأجور وعدم التقدير لأهمية النص، هناك كلام كثير عن أزمة نصوص ولكن الحقيقة ومن خلال تجربتي هناك الكثير من الكتاب المبدعين ولكنهم محبطون من عدم تقديرهم معنوياً ومادياً، نحن بحاجة إلى صناديق تمويل ودعم للنصوص المميزة وللإشراف على تكوين ورش كتابة للنصوص المسرحية والتلفزيونية والسينمائية ليس كجهود فردية ومجانية، النص هو الأساس للعملية الإبداعية وبدونه لا يوجد عمل فني جيد، أتمنى أن يعي الجميع وأولهم المنتجون أهمية هذا وأن يوفوا الكتاب حقوقهم الأدبية والفكرية والمادية.
مشاركة :