إذا كنت تستطيع الاحتفال بذكرى زواجك بانتظام، وتحصل على إجازة من عملك متى ما حدَّدت مع أسرتك وقتاً للسفر، وتستطيع حضور مناسبات ابنك المدرسية، فلا تكمل قراءة المقال، إمَّا إذا كنت تؤجل كل ما سبق أو تعتذر عنه، ولا تُشارك الأسرة أو المُجتمع مناسباتهم وذكرياتهم وأفراحهم، فأنت قد تغير رأيك في نهاية المقال. الفكرة ببساطة مثل من يكتفي بصيد سمكة واحدة ليعود لمنزله ويأكلها مع عائلته ويشبع في سعادة وراحة وهناء، ومن يبقى يصطاد المزيد من سمك البحر ليضيع وقته ويتأخر على عائلته، لأنَّه يحتاج المزيد من الجهد في تنظيف السمك وتخزينه وربما بيعه حتى لا يفسد، والهدف في نهاية المطاف أن يجد وعائلته ما يأكلونه من السمك، الجميع حصلوا على نتيجة واحدة، ولكن القناعة والرضا يفصلان في الأمر، في الغرب مهما تعاظمت مشاغل ومهام الموظف أو المسؤول، فإنَّ عائلته على سلم أولوياته واهتمامه، التوازن في هذا الأمر صنع لديهم قصص نجاح حقيقة في المجال العملي والوظيفي مع الحفاظ على الاستقرار الأسري والعائلي وفق طبيعة مُجتمعاتهم، فتجد الأب يحضر مناسبات ابنه المدرسية بانتظام مهما كان منصبه الوظيفي، رئيس الشركة أو حتى سكرتيره أو أقل عامل فيها، يمكنه الانصراف باكراً من العمل ليحتفل مع أسرته بأي مناسبة أو ذكرى، ويخطط لإجازته وفق ظروف عائلته لا وظيفته فالأمر طبيعي ومُتقبل في بيئة العمل، لأن الجميع يقول الأسرة أولاً. في النموذج المحلي يغلب على المشهد أنَّ الموظف الناجح هو المشغول طوال الوقت، أو هكذا نتحجَّج فلا إجازة للعائلة إلاَّ بحسب ظروف العمل وارتباطاته، ليس لدينا استعداد للتنازل عن يوم عمل من أجل مناسبة أو ذكرى جميلة، بل نحن بارعون في التخطيط للمدير أو الرئيس في كيفية حصوله على إجازة مع أسرته، أو متى يحضر مناسبات عائلته، ليعود ويجدنا منغمسين أكثر في العمل بجد ونشاط، على طريقة صيد المزيد من السمك أعلاه، أخلص في عملك وكأنَّك غير مُرتبط بغيره، وتفرَّغ لعائلتك وكأنَّك مُتقاعد، إذا أجدت الإمساك بطرفي الخيط في هذه المُعادلة فإنَّ نجاحك حقيقي، وإذا كان الأمر غير ذلك فعليك إعادة تحديد أولوياتك في الحياة من أجل سعادة نفسك وأسرتك. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :