آل عساكر: "السيف الأجرب" أسهم بتدعيم الدولة السعودية في بداياتها

  • 2/7/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

عبدالحكيم شار - سبق - الرياض: أهدى أبناء الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله خادمَ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ السيفَ الأجرب؛ وهو السيف التاريخي للإمام تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية. وأوضح لـسبق الباحث ومؤرخ الدولة السعودية راشد بن محمد بن عساكر؛ أن هذا السيف قد اشتهر، وخاصة مع بيت شعر للإمام تركي يقول فيه: يومن كلن من عميله تبرا.. حطيت الأجرب لي عميل مباري ويرجح الباحث راشد بن عساكر أن اسم الأجرب جاء من الصدأ الذي يركب السيف أو قرابه، مُورِداً في هذا الصدد ما جاء في معجم لسان العرب لـأبي الفضل جمال الدين بن منظور في مادة ج ر ب؛ حيث أشار إلى أن جرب: بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ، وأَجْرَبَ القومُ: جَرِبَتْ إبلُهم. والجَرَبُ كالصَّدإِ يَعْلُو بَاطِنَ الجَفْن، والجِرابُ: الوِعاء، وَالْجَمْعُ أَجْرِبةٌ. وعند ابن الأعرابي: الجَرَبُ: العَيْب، و الجَرَبُ: الصَّدَأُ يَرْكَبُ السَّيْفَ. وجُرُبَّانُ السَّيْفِ: حَدُّه أَو غِمْدُه. والجُرُبَّانُ: قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يَكُونُ فِيهِ أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وَمَا يَحْتاجُ إِلَيْهِ. وقال الراعي النميري: وَعَلَى الشَّمائلِ، أَنْ يُهاجَ بِنا ... جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ، عَضْبِ ويذكر الدكتور علي أبا حسين في دراسة عن العلاقات السعودية البحرينية في مجلة الوثيقة التي تصدر عن مركز الوثائق التاريخية في البحرين؛ أن الملك عبد العزيز عندما قام بزيارة للظهران بمناسبة استخراج النفط في عام 1939م. وعندما علم الشيخ حمد بن عيسى بقدوم الملك عبد العزيز إلى المنطقة الشرقية؛ قرر الذهاب إلى الظهران للسلام على الملك عبد العزيز، ودعوته لزيارة البحرين، وكان في معية الشيخ حمد حين زار الملك عبد العزيز: إخوانه، وأولاده، وأبناء عمه، وحشد كبير من أتباعه، واستقبل الملك عبد العزيز الضيوف استقبالاً يليق بهم، وخلال زيارة الشيخ حمد قدم هدية للملك عبد العزيز، وهي: الأجرب سيف الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية. ولكن الملك عبد العزيز قال للشيخ حمد: هذه ذكرى منا عندكم فأبقوه لديكم، وقبل الشيخ حمد بهذا الأمر من الملك عبد العزيز، وبقي السيف في البحرين، حتى قام ملك البحرين حمد بن عيسى بن خليفة بتسليم السيف التاريخي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود؛ تتويجاً للأهمية التاريخية للسيف الذي يعد رمزاً مهماً، أسهم في تدعيم الدولة السعودية في بداياتها. وتابع الباحث العساكر: مثلت السيوف قيمة عند الأنبياء والقادة؛ حيث رصدت كتب تاريخية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم سيوفاً عدة، لعل أشهرها البتّار، الذي سمي سيف الأنبياء، وسيف الحتف وذو الفقار والرسوب والمخذل والقضيب والعضب والقلعي. وتحدث المؤرخ العساكر عن كتاب البلاد العربية السعودية الذي ألفه فؤاد حمزة الذي تناول فيه سيوف الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، مشيراً إلى أن الملك يُولي عناية فائقة بالسيوف. وأوضح أن له خبرة واسعة في أجناسها وأصنافها ومعرفة بتواريخها، وقد اهتم بالسيوف القديمة التي اشتهرت في العائلة السعودية، وحرص على جمع ما تفرق منها في حوادث الفتنة الأهلية، فتم له أكثر ما أراد، وسمعته يذكر أن هنالك سيفاً مشهوراً واحداً من سيوف آل سعود الأولين لم يزل مفقوداً. وأضاف العساكر نقلاً عن المؤرخ حمزة: يفضل جلالته السيوف الفارسية القديمة، ومن أفضلها الجنس المسمى خريسان والجنس المسمى دابان، وقد انعدمت صناعتهما منذ مئات السنين، والموجود منهما الآن نادر جداً، وأكثر السيوف القديمة في العائلة هي من الصنف الثاني دابان، ومنها السيوف: رقبان؛ وهو من أحب السيوف إلى جلالته، وصويلح، وثويني، وياقوت. وعادت السيوف الشهيرة التي استخدمت في العصور المتأخرة التي كان فيها السيف السلاح السائد والمتاح؛ إلى الواجهة مجدداً، ولعل أكثرها شهرة سيف الأجرب الذي يعود إلى الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية، واشتهر بالشجاعة والشهامة، وعد شاعراً متميزاً وبارزاً، وأطلق عليه شاعر الأمراء. وبهذا السيف استطاع الإمام تركي أن يستعيد ملك آبائه وأجداده، ويوطد دعائم الدولة السعودية وينشر الاستقرار في أنحاء الجزيرة العربية قبل قرنين، بعد أن عمت الفتن والقلاقل جميع أرجائها. ورويت عن الإمام تركي بن عبد الله وقائع تشبه الأساطير؛ حيث أشار منير العجلاني في كتابه عن السعودية؛ إلى أن سلاح الإمام، بل ورفيقه الذي لا يفارقه أبدا؛ هو السيف الذي عرف باسم الأجرب، وهذا السيف كان عند تركي بمنزلة المصباح السحري عند علاء الدين، يقول له تركي: يا أجرب أعطني رأس فلان. فيجيبه الأجرب: لبيك، هذا رأسه بين يديك. استطاع تركي الهرب من الدرعية قبل استسلامها واستيلاء الغزاة عليها، وطلبه الترك في كل مكان فلم يظفروا به. وهرب مرة أخرى إلى الرياض، حين أحكم الترك الحصار حولها، وظنوا أنه لن يفلت من قبضتهم، ولكنه نجا منهم ولم يقفوا له على أثر. كان تركي يتنقل بين البلدان والعشائر متخفياً في النهار، وقد يظهر في الحقول المنعزلة، وفي الليل يحمل سيفه ويترصد الجواسيس والخونة ويقاتلهم، كما يروى أنه كان يدخل مراراً معسكر الترك ليعرف حركاتهم وخططهم ومن يعاونهم من أهل نجد، ودخل مرة المعسكر متنكراً، فعرفه أحد النجديين الموجودين هناك، فسار تركي إليه مسرعاً وصب طبق الطعام فوق رأسه فشغله بذلك عن الإبلاغ عنه واستطاع الهرب. وقد أورد الإمام تركي صاحب السيف الأجرب الذي أهدي إلى أحد شيوخ البحرين وأودع في المتحف الأميري هناك منذ عقود رفيق دربه السيف؛ في قصيدته التي أرسلها إلى ابن عمه مشاري وهو في مصر قبل نحو قرنين: سريا قلم واكتب على ما تورا ـ أزكى سلام لابن عمي مشاري إن سايلوا عني فحالي تسرا ـ قبقب شراع العز لو كنت داري يوم أن كل من عميله تبرا ـ حطيت الأجرب لي عميل مباري نعم الرفيق إلا سطا ثـم جرا ـ يودع مناعير النشاما حباري رميت عني برقع الذل برا ـ والأخير فيمن لا يدوس المحاري يبقى الفخر وأنا بقبري معرا ـ وأفعال تركي مثل شمس النهاري. كما أن للإمام تركي أبياتاً أخرى أشار فيها إلى هذا السيف الأجرب أوردها منديل الفهيد في كتابه من آدابنا الشعبية؛ منها: جلست في غار على الطرق كشاف ـ على طريق نايف في عليه وطويق غرب وكاشف كل الأطراف ـ وخذيت به وقت وله به قابليه مع الخوي الأجرب على كل خواف ـ في يد شجاع ما تهبى ضويه قطاع بتاع ولأني بخواف ـ ودبرة الله ما نهاب المنيه ولا من ضربت الدرب بالفعل ننشاف ـ ونعايش الدنيا وبقعا صبيه والإمام تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية؛ ولد عام 1183هـ في الدرعية، وهو أول من استلم الحكم من فرع عبد الله بن محمد بن سعود، وعرف الإمام تركي بشجاعته وقوة شخصيته وعدله ورجاحة عقله وحسن تصريفه للأمور، وعرف عنه أنه كان من فحول الشعراء في زمانه.

مشاركة :