ما يزال السوق الشعبي بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة محطة وقوف لجميع الزوار بحثًا عن الحرف اليدوية كذلك عن ما هو قديم يحتاجه المرء في منزله او في حياته اليومية سواء في الماضي او الحاضر وهنالك بعض المأكولات التي اشتهرت في الماضي ومازالت متداولة الى الان ويبحث عنها الجميع ويتكبد البعض عناء السفر من مدينة ٍ لمدينة بحثًا عن شيء قد تذوقه او عرفه من والده وجده . مرشد هاضل الشراري مازال يتميز في كل عام بمشاركته بوفد الجوف بالسوق الشعبي بنبته السمح تلك النبتة البرية التي لا تزهر على سطح الأرض الا بعد موسم الامطار وخصوصًا في منطقة واحدة بالمملكة العربية السعودية وهي بسيطاء المجاورة لمحافظة طبرجل بمنطقة الجوف. تلك النبتة الموسمية التي يستخرجها الشراري بعد نزول الإمطار المبكرة والمسماة بأول الوسم ” الثروي ” بعدما تجف الأرض وتنشف بعض الأزهار يخرج هو وأبناؤه للبحث عنها كما كان يخرج وهو صغير مع والده وأقاربه قبل توطين البادية لأنها مصدر غذاء آنذاك . ويضيف الشراري بأنه في السابق كان القمح والشعير لا يتوفر بكثرة وخصوصا في الشمال والجوف وذلك بسبب أن اغلب سكانها من البادية .لا يهتمون بالزراعة فكان البعض يحتاج للقمح ويضطر للسفر للعراق او بلاد الشام لاستبدال ما يملكه من نقود أو مواد أخرى . ويتابع الشراري حديثه بأنه يعمل بهذه الحرفة منذ أن كان عمره ستة سنوات والآن ولله الحمد يأتي للجوف زوار حتى من الخليج وخارج المملكة بحثًا عن السمح لدي وأصبحت الأشهر والأميز والكل يحرص على تواجدي والسبب لله الحمد توفيق ربي ثم رضا والدي ثم اتقاني لاستخراج السمح والذي يمر بعدة مراحل . وعن طريقة استخراجه واستخدامه يقول : بأنه عند انتهاء الوسم يقوم بفصل الورود (الكعبر) عن الأغصان التي يقارب ارتفاعها عن الأرض العشرون سم ومن ثم يضعها في قدر طبخ كبير مليء بالماء ليوم كامل، حيث يتفتح الكعبر فور ملامسته للماء ويبدأ “الصبيب” الذي هو عبارة عن حبوب صغيرة تخرج بعد تفتح الكعبر بالترسب داخل الماء، ليطفو الكعبر ثم يستخرج ويوضع في مكان مفتوح ليتعرض لأشعة الشمس ويبقى مدة يوم أو أكثر حتى يجف. بعد ذلك يتم حمسها كالقهوة بدرجة حرارة معينة حتى تستوي وبعد الاستواء يقوم بطحنها وتنقيتها من كل الشوائب وهنا يأتي استخدامها أما يصنع منها الخبز أو تعجن بالتمر وتسمى ” بكيلة ” أو يصنع منها عصيدة السمح ولها عدة استخدامات وتتميز بنكهة جميلة ومليئة بالعناصر الغذائية . ويتابع الشراري حديثه بأن السمح يستخدم أيضًا كعلاج فيأتيه الكثير بحثُا عن بذوره لما لها فوائد عده في المساهمة بخفض نسبة الضغط بالدم كذلك الكولسترول . وعن أهمية السمح في حياة البادية يبتسم الشراري ويقول بأن الكثير من شعراء البادية يتغنون بالسمح آنذاك حيث يحضرني من بعض الأبيات الشعرية لشاعر يسأل ويقول : قلبي كما سمحٍ تنثر بضاحي … يا من يعزل السمح والرمل غاطيه . ليأتيه الرد من شاعرة من أهل البادية تسمى بـ ” ظاهرة الشرارية ” وتقول فيه ( يجيه من وبل الثريا طياحي … ينبت وحنا تالي الحول نجنيه ) . ويختتم الشراري حديثه بأنه الآن هو وأبناؤه يهتمون باستخراج نبات السمح ويحرصون دومًا على تقديمه بأفضل شكل كما يؤكد الشراري بأن هنالك الكثير من الدراسات العلمية التي أجريت على تلك النبتة ونشرت النتائج في مجلات علمية بأنه يحتوي على ألياف كذلك بروتين وسكريات ونسب قليلة من الدهون كذلك بوتاسيوم و المغنيسيوم والصوديوم والكالسيوم والمنغنيز والحديد والزنك والنحاس وفيتامين ج
مشاركة :