أقرّ مجلس النواب الأمريكي تشريعات لإنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة، لينهى أزمة مستمرة منذ نحو أسبوعين في عدة وكالات اتحادية، وتمويل وزارة الأمن الداخلي حتى الثامن من فبراير المقبل. وبحسب وكالة "رويترز" فإنّه سيتم تمويل وزارات الخارجية والتجارة والزراعة والعمل والخزانة وغيرها من الوكالات حتى 30 سبتمبر المقبل أي نهاية السنة المالية الحالية. وقبل ساعات من التصويت، قال البيت الأبيض إنّ مستشارين للرئيس دونالد ترامب سيوصونه باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع إقرار القوانين إذا صادق الكونجرس عليها من دون تقديم أي أموال إضافية لمقترح ترامب ببناء جدار على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة. واستبعدت معلومات موافقة مجلس الشيوخ على هذين التشريعين؛ بسبب عدم تلبيتهما شرط الرئيس دونالد ترامب بتمويل بناء جدار على الحدود مع المكسيك. وأمس الخميس، دخلت ولاية الرئيس "الجمهوري" ترامب في مرحلة جديدة عقب سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب عقب فوزهم في الانتخابات التي جرت في السادس من نوفمبر الماضي، وقد انتخب الديمقراطية نانسي بيلوسي لتكون الرئيس الجديد للمجلس. وفي أول تصريحاتها، أكّدت بيلوسي اعتزامها تمرير مشروع قانون يهدف إلى إنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة. بالتزامن مع ذلك، صرَّح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش مكونيل- أمس الخميس - بأنّ المجلس لن يدرس مشروعات القوانين التي طرحها الديمقراطيون في مجلس النواب من أجل وقف إغلاق الحكومة. والكونجرس الأمريكي- الهيئة التشريعية الرئيسية للحكومة- يتألف من مجلسين، "النواب" وهو يُعنى أكثر بالشؤون الداخلية للدولة، ويضمّ مجلس النواب 435 عضوًا، وهو يملك السلطة الوحيدة لعزل رئيس البلاد، ويحقّ له إصدار جميع مشروعات القوانين المتعلقة بعائدات الضرائب. بينما مجلس الشيوخ يتولى التصديق على التعيينات الرئاسية، ويتم التعيين فقط بمشورة وموافقة المجلس، وإذا لم يحصل الرئيس على تصويت أغلبية المجلس، لا يُعيَّن مرشحوه. وبدأ الإغلاق الجزئي للحكومة الأمريكية في 22 ديسمبر الماضي؛ بسبب خلافٍ حول تمويل جدار يريد الرئيس ترامب إنشاءه على الحدود مع المكسيك لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتدفق المخدرات إلى داخل البلاد وأن تتضمن موازنة الحكومة تكاليف إنشاء هذا الجدار، بينما ينظر الحزب الديمقراطي المعارض إلى الجدار على أنّه مضيعة للمال لخدمة أغراض سياسية للرئيس. ويبلغ طول حدود الولايات المتحدة مع جارتها المكسيك ثلاثة آلاف كيلو متر، منها 1100 كيلو مُسيّجة بجدار وأسلاك شائكة، لكنّ هذا القسم يشوبه عدد من الفتحات التي تتم من خلالها عمليات التهريب والتسلل، وفق وسائل إعلام أمريكية. ولا يمكن إقرار خطة الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة في الولايات المتحدة إلا إذا حصلت الحكومة على موافقة مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ) على تلك الخطة، وإذا ما فشلت في الحصول على تلك الموافقة، يحدث ما يسمى الإغلاق. ويُشترط لكي تمر خطة الموازنة، أن يوافق المجلسان على كافة بنودها، ولكن إذا دخلا في نزاع واختلفا على بعض البنود، وتعطّل إقرار الخطة، يتم الإعلان عن أن هناك إغلاقًا حكوميًّا سيقع في توقيت محدد. إجمالًا، يعني الإغلاق وقف جميع الخدمات الحكومية التي يتم تمويلها من جانب الكونجرس، وحين يعجز الطرفان عن حل النزاع يتم وقف العمل بمؤسسات الدولة غير الحيوية وتسريح موظفي الحكومة بصفة مؤقتة. على الجانب الآخر، تواصل المؤسسات الحيوية أعمالها مثل الشرطة والدفاع المدني والوكالات الاستخباراتية والهيئات العسكرية، إلا في حال طالت فترة الإغلاق، فحينها تتوقف كافة مؤسسات الدولة عن العمل الرسمي. ويبقى الإغلاق مفعلًا إلى أن يتم تسوية النزاع على خطة الموازنة، ويتأثر سير العمل داخل مؤسسات الدولة، كما يتأثر الاقتصاد سلبًا بذلك، وتكون الدولة غير ملزمة بدفع رواتب عن مدة الإغلاق. ويؤثر الغلق الجزئي على تسعة من 15 وزارة اتحادية وعشرات الوكالات ومئات الآلاف من العاملين في الحكومة، ومن بين الوزارات التي تعاني من غياب التمويل وزارات العدل والأمن الداخلي والداخلية والخزانة، أمّا الوكالات المستقلة المتضررة من الغلق فتشمل هيئة الأوراق المالية. في الوقت نفسه، يعمل مئات الموظفين الحكوميين دون أجر في الوقت الراهن، في حين أن هناك 350 ألف موظف حصلوا على إجازة دون أجر لحين تمرير الموازنة، لكن خدمات إنفاذ القانون ودوريات الحدود وتوصيل البريد وتشغيل المطارات لن تتوقف. كما تغلق المتنزهات الوطنية في الولايات المتحدة، وسيعمل أكثر من 400 ألف موظف فدرالي "ضروري" في هذه الوكالات دون أجر، إلى أن يتم حل الخلاف. وبحسب تقارير أمريكية، فإنّ الإغلاق الحكومي يعني أنّ تمويل 25% من مؤسسات الحكومة الفيدرالية قد نفذ، وهو الأمر الذي سينعكس على اعتمادات وكالة الأمن الوطني ووزارة العدل ومشروعات التطوير المدنية والإسكان إلى جانب أمور أخرى. وذكر باحثون ومحللون أنّ الغلق يؤثر على الاقتصاد بطرق مختلفة، بدءًا من إرجاء التراخيص الخاصة بالأعمال والتأشيرات، وكذا تقليل الساعات التي يتم خلالها أداء الخدمات في الوكالات والهيئات الحيوية، فيما تكون القناة الرئيسية التي يؤثر من خلالها الغلق على الاقتصاد عبر تعليق أو سداد المدفوعات للموظفين الفيدراليين الذين لم يتلقوا رواتبهم. لكنّ نظرة تفاؤلية تقول إنّ تعليق أجور بعض العمال الحكوميين من الممكن أن يمنح دفعة غير مباشرة للاقتصاد على المدى القصير، وهناك أكثر من مليون موظف فيدرالي تأثروا ولم يحصلوا على الرواتب الخاصة بهم خلال فترة الإغلاق، بينما البعض الآخر حصل على إجازات ولم يتم إبلاغهم بأي شيء يتعلق بوظائفهم. وذكر موقع "ذا كونفيرزيشن" الأمريكي أنّ الموظفين الذين يُعدون "أساسيين" أو "معفيين"- مثل موظفو الأمن الذين يقومون بفحص الركاب في المطارات أو يقومون بدوريات على الحدود- يُتطلب منهم الاستمرار في العمل بوظائفهم، برغم أنهم لم يحصلوا على رواتبهم. وأضاف الموقع- في تقرير- أنّه كلما كان الغلق الجزئي للحكومة أطول، كلما كان التأثير شديدًا، فالأسر من الممكن أن تستنزف مدخراتها أو حتى تتجاوز حدود بطاقاتها الائتمانية، مع اشتداد الأزمة يومًا تلو الآخر، مشيرًا إلى أنّه إذا ما رفض الكونجرس منح أموال للعمال الذين تم تسريحهم، واستمر الغلق لأسابيع بدلًا من أيام، سيكون التأثير الاقتصادي شديدًا.
مشاركة :