وصل أمس محتجون عاطلون عن العمل، إلى العاصمة تونس، بعد أن قطعوا مسافة نحو 350 كيلومترا سيرا على الأقدام للمطالبة بحقهم في العمل، إثر نجاحهم في اختبارات توظيف منذ أكثر من عام.وانطلق المحتجون البالغ عددهم بضع عشرات من مدينة المكناسي، التابعة لولاية سيدي بوزيد، يوم الأربعاء، ووصلوا أمس إلى مقر وزارة الصناعة والطاقة، حيث بدأوا اعتصاما مفتوحا وسط حضور لقوات الأمن، حسب تقرير بثته وكالة الأنباء الألمانية أمس.وكان المحتجون قد وقعوا عقود عمل منذ 17 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2017، إثر نجاحهم في اختبار توظيف بمنجم لإنتاج الفوسفات في مدينة المكناسي. لكنهم لم يباشروا عملهم حتى اليوم، ولم يتم تفعيل قرار انتدابهم.ورفع المعتصمون لافتات غاضبة، من بينها «التشغيل استحقاق»، «خدمني (شغلني) خلصني أو أسجني»، «كفى مماطلة... وعود... تسويف». فيما قال بعض المحتجين إنهم سيظلون في اعتصامهم أمام مقر الوزارة إلى حين تفعيل قرارات انتدابهم.وتشهد مناطق إنتاج الفوسفات في ولايتي قفصة وسيدي بوزيد احتجاجات اجتماعية متواترة، للمطالبة بفرص عمل في شركة فوسفات قفصة الحكومية، التي تعد أكبر مشغل جنوب غربي تونس.من جهة ثانية، دعا حافظ قائد السبسي، نجل رئيس تونس ورئيس الهيئة السياسية لحزب النداء، مناصري الحزب إلى الاستعداد لمؤتمر الحزب الانتخابي، الذي سيعقد في الثاني من شهر مارس (آذار) المقبل على قاعدة الأفضلية، لا الولاءات السياسية. في خطوة اعتبرها بعض المراقبين محاولة للتأثير بطريقة مباشرة على المشروع السياسي، الذي يعده رئيس الحكومة يوسف الشاهد، عبر إطلاق حزب سياسي جديد، يضم بعض قيادات النداء المنشقة عن الحزب.وعانى حزب النداء من انقسامات وانشقاقات كثيرة، أدت إلى مغادرة عدة قيادات لتشكيل أحزاب سياسية، بعيدا عن الحزب الأم. لكن السبسي توقع أن يكون حزبه «رقما أساسيا فاعلا في المشهد السياسي، ومحددا في مسار الانتقال الديمقراطي، وإطارا لتجميع القوى المؤمنة بالمشروع الوطني الديمقراطي الوسطي المنحاز لمكاسب دولة الاستقلال» على حد تعبيره.في المقابل، يرى مراقبون لتطورات المشهد السياسي في تونس أن التردد والضبابية باتا يغلبان على المشروع السياسي الجديد لرئيس الحكومة. فبعد أن رجح أكثر من قيادي سياسي يدعم حكومة الشاهد أن يتم الإعلان رسميا عن حزبه السياسي، الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية السنة الحالية، تأجل الإعلان أكثر من مرة بسبب عدم وضوح الرؤية السياسية.لكن مصطفى بن أحمد، رئيس كتلة الائتلاف الوطني البرلمانية الداعمة ليوسف الشاهد، أوضح أن الإعلان عن الحزب السياسي الجديد سيكون منتصف الشهر الحالي. لكن توقعات المتتبعين تستبعد هذا التاريخ بسبب مخاوف عدد من المنضمين إلى مشروع الشاهد من فشل هذا المشروع، وعودة الآلة الانتخابية القوية لحزب النداء، الذي يستمد جزءا من قوته من الخزان الانتخابي لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب زين العابدين بن علي).ويجمع عدد من المراقبين على أن دعوة السبسي الابن إلى «تجميع العائلة الوسطية التقدمية» لحزب النداء «أثرت» نوعا ما على المشروع السياسي الجديد ليوسف الشاهد، خاصة بعد أن طالب عددا من المدافعين عن هذا المشروع بالتريث في انتظار ما ستؤول إليه هذه المبادرة السياسية. لكن في ظل ما يعرف في المشهد السياسي التونسي بظاهرة «السياحة الحزبية»، يمكن أن تتغير المعادلة السياسية بشكل جري نتيجة حسابات انتخابية بالأساس.وكان الرئيس الباجي قائد السبسي، مؤسس حزب النداء، قد أعلن عن مبادرة لاستعادة الأحزاب السياسية المنشقة عن حزب النداء، وهي «حركة مشروع تونس» التي يتزعمها محسن مرزوق، وحزب «بني وطني» الذي يترأسه سعيد العايدي القيادي السابق في النداء، وحزب «المستقبل» الذي يترأسه الطاهر بن حسين، القيادي السابق أيضا في حزب النداء، علاوة على حزب «تونس أولا» الذي أسسه رضا بلحاج، المنشق عن حزب النداء قبل أن يعلن عودته إلى الحزب الأم.واتهم السبسي الابن الائتلاف الحاكم، ورئيس الحكومة بالتحايل على نتائج انتخابات 2014، واعتبر أن هذا التحايل «سبب ابتعاد الحزب عن الترويكا الجديدة»، في إشارة إلى حركة النهضة وحركة، مشروع تونس، وكتلة الائتلاف الوطني البرلمانية الداعمة لرئيس الحكومة، وهي أطراف سياسية باتت تحكم في غياب حزب النداء الفائز في الانتخابات البرلمانية، التي جرت قبل نحو أربع سنوات.
مشاركة :