حثت رئيسة كرة القدم النسائية في الصومال، شيماء محمد، الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على اتخاذ الإجراءات المناسبة بعد أن زعمت أن الأموال التي يخصصها الفيفا لدعم اللعبة في بلدها لا تصل إلى هدفها المنشود.وقالت شيماء، التي كانت تدافع بمفردها عن قضية كرة القدم النسائية في واحدة من أكثر دول العالم اضطرابا، لصحيفة الغارديان: «ليس لدي أدنى فكرة عن المكان الذي تذهب إليه الأموال».ويحصل كل اتحاد وطني على أموال من الفيفا، حيث يتم تخصيص 100 ألف دولار من الـ500 ألف دولار التي يحصل عليها كل اتحاد كتكاليف لإدارة كرة القدم النسائية، في حين تتوفر أموال إضافية للسفر إلى بطولات السيدات وللمشروعات الخاصة التي يمكن أن ترتبط بكرة القدم النسائية. ولم يرد الاتحاد الصومالي لكرة القدم على طلبات من الغارديان للتعليق على ذلك الأمر.وتعتقد شيماء أن أعضاء الاتحاد الصومالي لكرة القدم ليس لديهم رغبة في دعم كرة القدم النسائية لأنهم يخشون من المتطرفين الذين يعارضونها. وقالت: «كانوا سيجلسون ويتحدثون عن هذا الموضوع وأعتقد أنهم يخشون على حياتهم. لكنهم مسؤولون أيضاً عن تقديم الدعم لرؤية الفيفا فيما يتعلق بكرة القدم النسائية».ويمكن القول بأن قسم كرة القدم النسائية في الاتحاد الصومالي لكرة القدم غير فعّال بالمرة. وقالت شيماء إن الاتحاد قد منحها منصبا رسمياً لكنه رفض طلبها للحصول على مكتب ومعدات وملعب مجاني للتدريب. ولا تزال الفتيات والنساء يلعبن في أكاديمية «النادي الذهبي» في العاصمة مقديشو، وهي الأكاديمية التي أسستها وتديرها شيماء.وقالت: «نقوم بجمع التبرعات لدعم الفرق، ونشن حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. إننا نحصل على مساهمات من المجتمع، لكن ليست لدينا ميزانية محددة تأتي إلينا كل عام. ليس لدي أي فكرة عن أين تذهب الأموال، وليست لدي أي فكرة عما إذا كان الاتحاد قد أرسل التفاصيل والمعلومات الخاصة بالدور الذي أقوم به إلى الفيفا. إننا بحاجة إلى اعتراف رسمي بكرة القدم النسائية في الصومال».ودعت شيماء الفيفا للتدخل، قائلة: «يجب أن يفعلوا المزيد لضمان حصولنا على التمويل الخاص بنا. يجب أن يقوم الفيفا بمزيد من المساءلة مع كل اتحاد في أفريقيا لمعرفة ما إذا كان التمويل المخصص للسيدات يتم إنفاقه على كرة القدم النسائية أو على أي شيء آخر».وأضافت: «يمكن للفيفا أيضا اتخاذ المزيد من الإجراءات من خلال تحسين الاتصالات المباشرة مع قسم كرة القدم النسائية. إنني أتفهم حقيقة أن أعضاء الاتحاد لا يمكنهم القيام بالكثير لكرة القدم النسائية لأنهم خائفون على حياتهم، لكن يمكنهم تقديم القليل من الدعم حتى نتمكن من الوقوف على أقدامنا لأننا على استعداد لتحمل المخاطر ونحن مستعدون للقتال من أجل ما نريد تحقيقه».وقال مصدر في الفيفا لصحيفة الغارديان إنه على علم بتلك المشكلات وسيبذل جهودا لمقابلة شيماء لمناقشة الوضع.وقال الفيفا: «تم استخدام مبلغ صغير من الأموال المخصصة للاتحاد الصومالي لكرة القدم في دورة 2016-2018 لكرة القدم النسائية والتحكيم النسائي في المنطقة. لكننا نتوقع التزام أكبر خلال العام الجديد بمخصصات كرة القدم النسائية. إننا ندرك أيضاً أن الاتحاد الصومالي لكرة القدم سيعين فريقاً جديداً للنهوض بكرة القدم النسائية في الصومال. ولتحقيق هذه الغاية، سيجتمع المكتب الإقليمي للتنمية التابع للفيفا مع أعضاء الاتحاد الصومالي لكرة القدم في أديس أبابا قريباً لمناقشة خطط الاتحاد الصومالي في هذا الصدد».وقال الفيفا إن التزامه العالمي بكرة القدم النسائية يظهر جليا من خلال زيادة المخصصات لمشروع «فوروارد» خلال الفترة بين عامي 2019 و2022 بنسبة 20 في المائة لتصل إلى 6 ملايين دولار، والتي تشتمل على «استثمار إجمالي لا يقل عن 150 ألف دولار سنوياً لكل اتحاد عضو تكون مخصصة بالكامل لتطوير كرة القدم النسائية»، بالإضافة إلى التمويل المتاح من خلال البنية التحتية وميزانيات السفر.وشعرت شيماء بالإحباط بعد حصول أكاديمية «النادي الذهبي» على دعوة لإرسال فريق إلى «كأس حقوق الإنسان» في جنوب أفريقيا الشهر الماضي لتمثيل الصومال، وقالت عن ذلك: «لم نتمكن من تلبية الدعوة لأننا كنا نفتقر إلى الدعم المالي من كل من الاتحاد الصومالي، الذي لم يكن قسم المرأة به فعالا على الإطلاق، وكذلك من الحكومة. لقد تدربنا لعدة أشهر للتحضير لهذه الكأس، لكننا شعرنا بخيبة أمل كبيرة لأن التمييز يعيقنا عن التقدم».وتكافح شيماء، التي نشأت في كينيا، من أجل تأسيس كرة قدم نسائية في الصومال منذ عودتها لبلدها في عام 2015 وهي في التاسعة عشرة من عمرها، وتقول عن ذلك: «لم تكن هناك سيدات يلعبن كرة القدم، لذا قررت تشكيل فريق يمكنني أن ألعب معه، وتطور الأمر بعد ذلك لتكوين منظمة فعالة في هذا الأمر. وبعد ذلك، افتتحت أكاديمية من أجل إلهام وتمكين المزيد من الفتيات».وكانت المؤشرات الأولية على الحصول على الدعم اللازم من الاتحاد الصومالي لكرة القدم مبشرة وواعدة للغاية. تقول شيماء: «في البداية، رحب بي رئيس الاتحاد وأخذني إلى ندوة كرة القدم الأفريقية حول كرة القدم النسائية في المغرب أوائل عام 2018. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تحضر فيها امرأة من الصومال مثل هذا المؤتمر».لكنها تشير إلى أن الأمور قد تغيرت لدى عودتها إلى الصومال، قائلة: «حصلت على منصب رسمي كرئيسة لقسم كرة القدم النسائية في الاتحاد. وطالبت بالحصول على مكتب ومعدات ومكان للعمل، لكن رئيس الاتحاد طلب مني التركيز على الأكاديمية حتى يعتاد الناس على ما أفعله».وتضيف: «اقتربت منه مرة أخرى وطالبت بتخصيص ملعب لتدريب الفتيات، لأن هناك نقصا في الملاعب المتاحة للنساء. وطلبت منه أن يمنحنا بعض الوقت للتدريب، لكنه قال إن البلاد ليست آمنة بما فيه الكفاية، وأشار إلى أنه يتعين علينا أن نستأجر ملعبا آخر وسيدفع الاتحاد المقابل المادي لذلك، لكن ذلك الأمر لم يستمر وشعرت بأنهم لا يريدون أن يقدموا لنا المساعدة».ولا تزال أكاديمية «النادي الذهبي» تعمل رغم الصعوبات التي تواجهها. تقول شيماء عن ذلك: «هناك الكثير من الفتيات اللاتي يتمتعن بموهبة كبيرة، لكن قد يكون من الصعب عليهن اللعب في مثل هذه الظروف لأنهن لا يتمتعن بالثقة في النفس للخروج وممارسة كرة القدم بسبب شعورهن بالخوف من المجتمع. وبعد أن كونت أول ناد نسائي لكرة القدم في الصومال، علمت أن كرة القدم يمكن أن تلعب دوراً مهماً لمساعدة النساء والفتيات في بناء ثقتهن بأنفسهن».وتجب الإشارة أيضا إلى أن الحرب الأهلية ووجود جماعات مثل جماعة «الشباب» قد أضرت بكرة القدم للرجال أيضا. تقول شيماء: «لم يكن المتطرفون يسمحون للرجال بممارسة كرة القدم. وكانوا في بعض الأحيان يلعبون بطريقة قَبَلية - حيث تلعب قبيلة ضد قبيلة أخرى. أما الآن فيشارك الشباب في هذه الرياضة، وهناك بطولات تقام بصورة منتظمة، وقد بدأت الفرق في المشاركة في البطولات الدولية».وتواصل شيماء العمل بكل قوة بسبب عشقها لهذه اللعبة وعزمها على القيام بأي شيء إيجابي للفتيات اللاتي يتصلن بها. وتقول: «لكن لا يمكنني تقديم الدعم المالي في مدينتي، ناهيك عن الذهاب إلى المناطق الأخرى. التغيير الذي يجب القيام به هو أن يكون لدينا ملاعب آمنة للفتيات، كما أننا بحاجة إلى زيادة الوعي».وتضيف: «كرة القدم النسائية هي أكثر من مجرد رياضة، لأننا نستخدم كرة القدم من أجل محاربة الزواج المبكر والنضال من أجل حقوق المرأة في المجتمع، وهذا أمر مهم لكثير من الفتيات والنساء في الصومال. أنا أقاتل من أجل مستقبلهن ولن أستسلم أبداً».
مشاركة :