فنان جزائري اختص في رسم ملصقات الأفلام العالمية

  • 1/5/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من قرية بريف محافظة مستغانم بغرب الجزائر إلى أبواب الصناعة السينمائية في هوليوود، هي مسافة تختصر حياة الفنان الجزائري شمس الدين بلعربي، الذي وجد نفسه يتحول من حياة الهامش كان يقضي يومياتها في تزيين المحلات والمتاجر وفن الديكور إلى فنان يرسم ملصقات أفلام سينمائية عالمية في هوليوود. الجزائر - انطلقت تجربة فنان ملصقات الأفلام السينمائية شمس الدين بلعربي، من هواية الرسم التي اكتشفها في نفسه منذ سنوات العمر الأولى، ومن تردّده على قاعات السينما لمشاهدة الأفلام المعروضة، وكانت (أفيشات) الدعاية هي الأولى التي أثارت انتباه واهتمام الفنان الجزائري، وطرح حينها السؤال الأول في مسيرته، لماذا لا أكون رسام ملصقات الأفلام السينمائية؟ معاناة ونجاح كانت البداية من البيت العائلي في الريف المستغانمي (غرب الجزائر)، بوسائل بسيطة وإمكانيات متواضعة، لكن الموهبة الخام والطموح الكبير لولوج عالم السينما دفعا الفنان شمس الدين بلعربي إلى تأسيس ورشة متواضعة يقوم فيها برسم بعض الملصقات وصور النجوم ويرسلها إلى شركات الإنتاج السينمائي للتعريف بموهبته وإبداعه في فن نادر ببلاده. لأن النجاح يولد من رحم المعاناة، فإن حياة الفقر والاستغلال التي عاشها شمس الدين بلعربي خلال سنواته في محيطه القريب، وبعض الذين اشتغل لحسابهم، لم تحل دون استمرار المغامرة التي ظهرت بصمتها لاحقا في ملصقات أفلام هوليوودية عديدة على غرار “شاهد هذا” و”لاي مورتال” و”جون” و”ساتيلاس”. وفي سؤال لـ”العرب”، حول السبب الذي أبقاه يمارس هوايته يدويا في ظل غزو التكنولوجيا الإلكترونية للمجال السينمائي، يؤكد الفنان شمس الدين بلعربي بقوله “أنا أحب الفن التقليدي والأصيل، وأعتز به لأنه مهما قيل لا يزال يحتفظ ببريقه وإثارته، ففي زخم هيمنة التكنولوجيا على قطاعات كثيرة في الحياة، بات الناس يشتاقون ويحنون للفن اليدوي البسيط، وهناك الكثير من المنتجين والمخرجين يفضلون اللمسة اليدوية على الأعمال المنجزة”. ويصرّ الفنان على حركة الأنامل في مقاومة الغزو الإلكتروني للحرف السينمائية، بما فيها تصميم وإنجاز الملصقات الدعائية، ويشدّد في حديثه مع “العرب”، على أن “الملصق المنجز إلكترونيا ملصق جامد رغم الإبداعات الفنية التي نلاحظها في الملصقات الهوليوودية اليوم، في حين يبقى الملصق اليدوي محرّكا للوجدان والمشاعر، مثله مثل أي لوحة تشكيلية، لأن الفن هو روح، ولمسة الفنان هي الوحيدة القادرة على صناعة الإثارة والدعاية، بينما تبقى الآلة سلوكا نمطيا لا يمكنها أن تفهم تقلّبات الوجدان ورسائل العقل”. ولأن رأسمال المتحدث هو الموهبة والعصامية، فإنه يعترف بأن ذلك غير كاف للوصول إلى مستويات عالمية، إلاّ أنه يتمسك بكون “العصامية هي أم الأكاديمية، لأن كل مؤسسي الحركات الفنية الكبرى كانوا عصاميين وبعد ذلك أصبح فنهم أكاديميا”. ويرى أن “الملصق السينمائي له خصوصيات ومعايير أكاديمية، وتقام له دروس وتخصصات في الجامعات، لأنه فن قائم بذاته، ولكن يوجد الكثير من الرواد الذين كانوا عصاميين ورأسمالهم الوحيد مواهبهم الخاصة، من أمثال ويليام روز ورينولد برون ودراو ستروزان”. ويتابع “بداية هذا الفن كانت عبارة عن لوحات فنية، يضاف إليها عنوان الفيلم وأسماء الممثلين وشعار شركة الإنتاج، وبمرور الوقت ودخول الدعاية على خط الصناعة السينمائية، أدخل الفنانون الأبعاد الرمزية على الملصق، مثل الحروف الكبيرة وبداخلها يظهر مضمون الفيلم مثلا أو ظل شخص في شكل عنوان، بحيث يصبح الملصق ذا صبغة رمزية ويدعو إلى الفضول”. فنان العرب في هوليوود عن سؤال حول تصنيف ملصق الفيلم في عملية الإنتاج السينمائي، كوسيلة دعائية أم لمسة فنية، يرى شمس الدين بلعربي أن “الملصق هو جزء من عملية الإنتاج، ويعتبر مثل الياقوتة في الخاتم الذهبي، وهو العنصر الأساسي للدعاية والتسويق. فكلما كان الملصق مميّزا كان ملفتا للانتباه وحافزا على دخول قاعة العرض، وهو الهوية التي يعرف بها الفيلم في وسائل الإعلام، لأن تذكير أي شخص بفيلم ما، يعني استحضار الملصق في تلك اللحظة، وعليه فإن نجاح الفيلم ينطلق من اللمسة الفنية الأولى”. حول الصورة الأولية للفيلم المقترح عليه من قبل المخرج التركي عمر ساراكيا، والمرشح لأن يكون عملا ضخما يضاهي فيلم "الرسالة" للمخرج الراحل مصطفى العقاد، وعن التوصيفات الفنية الجاهزة حول الموضوع لإدراجها في الملصق كأشكال وألوان. يرى المتحدث أن “الفيلم ينتظر أن يروّج لقيم وسماحة الدين الإسلامي، وينطوي على أبعاد فنية معقدة، فتوصيات المخرج طلبت التركيز على الخلفيات الكثيرة والمتنوعة، مع إبراز كل جزء بطابع خاص، كأن يظهر المسجد إلى جانب الكنسية في ملمح متناسق، فضلا عن سبع شخصيات بأدوار مختلفة، وهو يفضل استعمال الألوان الداكنة لإبراز الشخصيات، أما الفاتحة فتأتي لإبراز سماحة الدين الإسلامي كنور مشع”. ويصر على أنه سيبقى وفيا لأنامله ومقاوما شرسا لملصق الكمبيوتر، بالقول “أظن أن هذا الفن لن يموت وسيبقي محتفظا بمكانته، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه في إنجاز أعمال سينمائية مميزة تحظى بإقبال الجمهور وتصنع الفرجة”. ويلفت الفنان الجزائري شمس الدين بلعربي في ختام حواره مع “العرب” إلى أن هذه التجربة هي التي صنعت منه اسما في الأوساط الفنية والسينمائية العالمية، وبها صنفته وسائل إعلام فرنسية وروسية بـ”فنان العرب في هوليوود”، ومع ذلك يتوق إلى اليوم الذي يتمكن فيه من فتح مدرسة في بلاده لتعليم فن رسم الملصقات، تفتح لجميع المواهب الجزائرية والعربية لتكون خزانا للسينما المحلية والإقليمية.

مشاركة :