الشارقة: محمدو لحبيب الدكتور أمين الزاوي، هو كاتب وروائي جزائري من مواليد تلمسان سنة 1956م، واشتغل في عالم الأدب والترجمة، متنقلا بين اللغات الفرنسية والإسبانية والعربية، كما عمل أستاذا للدراسات النقدية في جامعة وهران، بعد حصوله على شهادة الدكتوراه عن «صورة المثقف في رواية المغرب العربي»، وله عشر روايات نصفها باللغة الفرنسية، ونصفها الآخر باللغة العربية، إضافة إلى مجموعتين قصصيتين، وتثير كتاباته آراء نقدية عديدة معارضة لها، وقد عمل الزاوي كذلك في التدريس في جامعة باريس الثامنة، إضافة لعمله مديراً للمكتبة الوطنية الجزائرية، في الجزائر العاصمة، وله عدة روايات من بينها: «شارع إبليس»، «نزهة الخاطر»، «يصحو الحرير»، «الخنوع». «الخليج» ناقشته حول نظرته لحرية الإبداع، وتصوره لمهام الكاتب، إضافة لبعض القضايا الأخرى. * لنتحدث أولاً عن موضوع حرية الإبداع، ألا ينبغي أن تكون هناك حدود يقف عندها المبدع كي يحترم ذائقة المجتمع العامة؟ - أنا أعتقد أن الروائي أو الكاتب بشكل عام هو الشخص الذي يقول ما لا يستطيع المجتمع أو أي فرد آخر منه أن يقوله، وأعتقد أن مهمته زحزحة الأسوار الموضوعة أمام حرية القارئ، إذا تخلى عن جرأته هذه فسيكون سياسيا أو أي شيء آخر بخلاف المبدع. * ألا يعني هذا أنك تصنف الكاتب بأنه يكتب أولاً لذاته ولا يهتم بردود أفعال المجتمع، أليست هذه ديكتاتورية بمعنى ما؟ - ينبغي أن نفهم أن حدود الثقافات تختلف من مكان إلى مكان ومن جغرافيا إلى أخرى، فما هو مقدس عند البعض، ليس بالضرورة أن يكون مقدسا عند البعض الآخر، ولذلك أتصور أن على الكاتب أن يكتب عن القيم الإنسانية المشتركة، وألا يأخذ بعين الاعتبار أنه يكتب لشعب محدد أو يكتب لوطنه فقط، وعلى الكاتب أن يكون بمقدوره أن يسحب مجتمعه إلى نقاط التلاقي مع المجتمعات الأخرى في هذا العالم الفسيح، وعليه أكثر من ذلك أن يدافع عن تلك القيم التي يشترك فيها الجميع. * لديك تجربة فيما يتعلق بالكتابة في الغرب والتعامل مع الناشرين هناك، وتجربة في الكتابة في الوطن العربي، هل من المنطقي المقارنة بينهما، في حين أن المرجعيات والظروف مختلفة جدا؟ - أتحدث غالبا في هذا الموضوع انطلاقا من تجربة كاتب من هذا العالم في منطقتين ومرجعيتين مختلفتين، وليس لأني أقارن أو أربط بينهما، بل لأني أريد لفت الانتباه إلى أن الكتاب هو أسمى حالات الحضارة، و بالتالي فالشعوب التي تصل إلى إنتاجه، عليها أن تفهم مسؤوليتها في الدفاع عن الحرية في كل مراحل إنتاجه، وفيما يسمى اقتصاد الكتب، فالكاتب الذي يكتب في العالم العربي أو في أي منطقة أخرى عليه أن يكون قادرا على تجاوز تلك الحواجز، هي إذاً دعوة للاستلهام من تجربة الغرب وليست مقارنة. * يرى البعض أن معظم الكتابات المثيرة للجدل في العالم العربي، والتي تجاهر برفضها للقيم الثقافية لمجتمعاته، ضحلة جدا على المستوى النقدي هل تتفق مع ذلك؟. - لا أعتقد ذلك، ما أكتبه شخصيا، يبدأ عندي من اعتبار مهم هو أني أريد أن أكتب أدبا حقيقيا قبل النظر لمحتواه المفاهيمي، فأبدأ بالحرص على الجمال، ولكن هذه الموضوعات الساخنة قد يفرضها الواقع، وتفرضها الأزمات التي نعيشها كمدافعين عن حرية الرأي وعن الجمال، وهذه المواضيع لا تفرضها سلطة خارجية. * لننتقل إلى موضوع آخر يتعلق بالجوائز العربية، هل ترى أنها تحرر الكاتب من العوائق التي تعطل إبداعه وتشجعه على الانطلاق؟. - أنا أفرق بين الجوائز والتكريم، في العالم العربي، بعض الجوائز تحولت إلى تكريمات، وهذا شيء جميل، أن تكرم كاتبا وتعطيه مالا لكي يعيش، فهذا احتفاء بالإبداع ودعم له، ولكن ينبغي أن يطرح سؤال آخر، هل تسهم جوائزنا في صناعة القارئ أولا؟، لا أظن أن معظم جوائزنا تفعل ذلك، لذا علينا أن نضيف لها بعدا آخر، يجعلها ذات مصداقية أكبر عند القارئ، ففي أوروبا مثلا جائزة جونكور هي جائزة رمزية من ناحية العائد المادي الذي يقدر بأقل من عشرة دولارات، ولكن الكاتب الذي يفوز بها يجني منها مئات الآلاف من القراء والناشر أيضا يجني مثل ذلك، ولذلك علينا في العالم العربي أن نمزج بين التكريم ومعناه الآنف الذكر، وبين المعطى الرمزي المفاهيمي للجائزة التي تجعل القارئ يهتم بها وينبري ليقرأ الكتاب الذي يفوز بها لأنه يعرف مسبقا أنه كتاب مهم. * على مستوى الكتابة الروائية هناك بعض الكتاب العرب صاروا يجنحون إلى التخلي عن الشكل الحكائي الكلاسيكي العادي، ما هي نظرتك لذلك؟. - الكتابة الروائية هي مجال مفتوح ومع ذلك فالتجارب التي تحاول أن تستفيد من ذلك الاتساع في الأفق والذي تتميز به تلك الكتابة مازالت قليلة في العالم العربي، فنحن الآن لا نملك تجارب كتجربة أميل حبيبي مثلا، ولا فاضل العزاوي، ولا سليم بركات، تلك النماذج التي صنعت تجريبا قويا نحتاج إليها، لكي نعيد النظر في مرآة إبداعنا، ومع ذلك لا ينبغي أن نغرق في النمط أو الشكل الحداثي لمجرد أننا نريد أن نظهر كحداثيين، بل لا بد أن تتأسس كتاباتنا على رؤية سوسيو ثقافية خاصة بنا.
مشاركة :