حمل البطريرك الماروني بشارة الراعي بعنف على العرقلة الحكومية في لبنان، وقال: "إننا لا نرى مخرجا من نفق الحصص بين السياسيين إلا بحكومة مصغرة حيادية من ذوي اختصاص معروفين بصيتهم العاطر وتجردهم وحسهم الوطني ومفهومهم السليم للعمل السياسي. تعمل على تنفيذ الإصلاحات الضرورية والمطلوبة دوليا، وتوظف الأموال الموعودة في مؤتمر سيدر، وتخلص البلاد من الخطر المتفاقم. ولتجلس الكتل السياسية حول طاولة الحوار أو الكتل النيابية في المجلس النيابي للتفاهم على جميع المواضيع الخلافية، بدءا بما سمي بمعايير أو أعراف، الى ضوء الدستور والميثاق الوطني ووثيقة الوفاق الوطني. فقبل أن تغرق السفينة بنا كلنا، ينبغي أن يقتنع الجميع بوجوب تسيير شؤون الدولة أولا، والتخلي عن المصالح الخاصة، السياسية والمذهبية والحزبية. فلا يحق لأحد أو لفئة أخذ البلاد، بشعبها وكيانها ومؤسساتها، رهينة لمصالح تعطل خير الأمة. بعد التفاهم على النقاط الخلافية، يصار إلى تأليف حكومة عادية وفقا للدستور والميثاق الوطني". كلام الراعي جاء في قداس عيد الغطاس ويوم السلام العالمي في الصرح البطريركي في بكركي، في حضور وزير الطاقة سيزار ابي خليل ممثلا رئيس الجمهورية ميشال عون، النائب زياد الحواط ممثلا رئيس المجلس النيابي نبيه بري، داوود الصايغ ممثلا رئيس الحكومة سعد الحريري. وحشد من الشخصيات والمواطنين. وتابع: "إذا القينا نظرة إلى واقعنا اللبناني، وإلى كيفية ممارسة السياسة عندنا، في ما آلت اليه اليوم، لرأيناها بعيدة كل البعد عن مفهوم السياسة الصالحة. فكيف يمكن قبولها عندما تكون وسيلة للاغتناء غير الشرعي ولتأمين المصالح الخاصة والفئوية والمذهبية والحزبية، على حساب الصالح العام؟ كيف يمكن القبول بتعطيل تأليف الحكومة بعد ثمانية أشهر من أجل مصالح النافذين ومن معهم ومن وراءهم، غير آبهين بالخراب الاقتصادي والخطر المالي المتفاقم، وبالشعب المتضور جوعا، والعائلات التي تتفكك، وبالبطالة المحطمة للقدرات الشبابية؟ كيف يغمضون عيونهم ويصمون آذانهم عن أنين هذا الشعب ومطالباته في تظاهرات وإضرابات، نحن نؤيدها تماما لأنها محقة وعادلة؟ لقد سئم الشعب والرأي العام كل ذلك! وعندما نسمعهم كل يوم يتكلمون عن حصص من أجل تأليف حكومة، لسنا ندري متى تأتي، تشعر كأنك أمام مشهد جثة وطن يتناتشها المنقضون عليها، ويسمون ذلك وحدة وطنية". العيوب المشوِهة للسياسة واشار الراعي الى ان "العيوب التي تفقد السياسة صلاحها وصدقيتها وهيبتها في قراراتها وأعمالها، إنما هي عيوب في السياسيين، من مثل: الفساد، بمختلف أشكاله، والاغتناء غير المشروع، والسعي إلى المصالح الشخصية فقط، والاحتفاظ بالسلطة بكل السبل، والتمييز العنصري، والخوف من الآخر المختلف، واللاثقة، والانغلاق على الذات وعلى الحزب والمذهب". وقال: "بنتيجة هذه العيوب، يكون مستقبل الشبيبة مظلما ومقلقا، وتولد فيهم اللاثقة بالمسؤولين السياسيين وبالوطن، حيث محكوم عليهم أن يعيشوا على هامش الحياة العامة، ومن دون إمكان المشاركة في مشروع بناء المستقبل، بما لهم من مواهب وقدرات. في هذه الحال، لن يعيش الشباب في سلام ولن يتذوقوا طعمه، لأنهم لا يجدون قلبا يحب، وعقلا يفكر ويخطط، ويدا تمتد لتعضد وتنهض. فهذه الثلاثة تولد السلام"، لافتا الى أن "من أخطار العيوب المشوِهة للسياسة، استراتيجية الحرب والتخويف، التي يعززها انتشار الأسلحة المنافية للأخلاقية، والمولدة للرعب في أشخاص سريعي العطب. وتجدر الإشارة إلى أن طفلا من أصل ستة هو ضحية عنف الحرب ونتائجها". تكريم وفي ختام القداس الذي نظمته اللجنة الأسقفية "عدالة وسلام" تم تكريم 5 شخصيات رموز ناضلت في سبيل قضية المفقودين، حيث قدم الراعي دروعا عربون تقدير وشكر لكل من النائب ميشال موسى، النائب السابق غسان مخيبر، غازي عاد، هدينا عيد ووداد حلواني.
مشاركة :