مقاه ومطاعم

  • 1/7/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نشرت القبس مؤخراً تحقيقا حول عدد المقاهي والمطاعم فى الكويت… يقول التحقيق انه بناء على أرقام رسمية صادرة من وزارة التجارة والصناعة… فان هنالك اكثر من مئة وأحد عشر ألف مطعم ومقهى في الكويت، مما يعني بلغة الأرقام أن هناك مقهى واحدا لكل 41 شخصا… كما يعني أيضا أن واحدا من كل 12 مواطناً يملك مطعما أو مقهى! وهذا بالطبع لا يشمل المطاعم التي تعمل بلا ترخيص، أي مطاعم البيوت… والسكن الخاص. أرقام كهذه تقف مؤشرا على تزايد رهيب في النزعة الاستهلاكية للفرد في الكويت، على اعتبار أن ارتياد المطاعم والمقاهي ليس من احتياجات الحياة الضرورية، وقطعا مثل هذا الشيء لا يتحمله الفرد وحده، بل الدولة كمؤسسة راعية ومحفزة لنزعة الاستهلاك بشكل جنوني. فلا يكاد يخلو إعلان لمؤسسة مالية أو مصرفية او استهلاكية من دعوات تتفنن فيها تلك المؤسسات في دفع المواطن للإسراف في استهلاك كل شيء، من أغذية وملابس وسيارات بشكل مفرط جعل أغلبية المواطنين في الكويت مديونين بدليل الاحصائية الصادرة عن بنك الكويت المركزي لعام 2017 التي تقول إن قيمة القروض الاستهلاكية قد بلغت أكثر من أحد عشر مليار دينار! غالباً ما ترتبط الثقافة الاستهلاكية بالفكر الرأسمالي بشكل عام، وبما أن العالم كله يعيش اليوم حقبة سيادة الرأسمالية بشكل مطلق، فالأمل في محاصرة ثقافة الاستهلاك في مجتمع ثري وصغير كالكويت ضعيف جداً وصعب، إلا أنه ليس مستحيلا، وقد تكون خير بداية لذلك من المؤسسات التعليمية التي أصبحت وبكل أسف شأنها شأن سائر أركان الدولة مرتعاً خصباً لترسيخ ثقافة الاستهلاك بين الناشئة.. في الدول التي تملك نظرة مستقبلية جادة، يتم توزيع الناتج المحلي الإجمالي بين الاستهلاك والادخار الذي بدوره يتحول الى استثمار جديد يصب في مصلحتها.. ويصبح مثل هذا النهج ثقافة يتم الاستعداد لها في مراحل عمرية مبكرة وبحيث تصبح جزءا من السلوك المالي والاقتصادي للدولة وللفرد على حد سواء. بلا شك أننا في الكويت نقف وبكل أسف في الجهة المعاكسة لهذه المعادلة، دولة صغيرة تتمتع بثروات طائلة، لا تحكمها خطط تنموية محكمة وقابلة للاستمرار لاستثمار تلك الثروة التي أفرزت مواطناً نهماً ومسرفاً في الاستهلاك بشكل أدى الى ما نواجهه اليوم من صعوبة في احتواء حمى الاستهلاك أو لتوجيه بعض الشرائح في المجتمع الى طريق يحقق اكتفاء مدروسا وموجّها بشكل جاد نحو أنماط سلوكية مثمرة بخلاف السلوك الاستهلاكي المسرف الذي يواجهه المجتمع اليوم، حتى بتنا نسمع الشكوى منه باستمرار، ولكن من دون أن تتوافر الرؤية الواضحة للخروج من دوامته. المشكلة إذا ليست في العدد المخيف للمقاهي والمطاعم في الكويت وحسب، وإنما في غياب البديل أو الموازي له في زمن أصبح الفرد بأكمله مجرد سلعة. سعاد فهد المعجل

مشاركة :