أكد أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، أن الاحتفاء العالمي بالشارقة، عبر تكريمها في معارض الكتب الدولية واختيارها ضيف شرف، جاء نتيجة لعدة منجزات راكمتها الإمارة عبر مسيرتها الثقافية التاريخية والتي تعتبر جزءاً أصيلاً من مسيرة الإمارات والعالم العربي بشكل عام. وأشار العامري إلى أن أول هذه المنجزات تتمثل بالمكانة الثقافية العربية والعالمية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث استحق سموه مكانة رفيعة بين المفكرين والمؤرخين والباحثين عن حقائق التاريخ، والساعين إلى إظهار الحقائق واستعادتها، والتأسيس لمستقبل من العلاقات الشفافة بين مختلف الثقافات. ونوه العامري إلى أن حالة البعد والفرقة التي تسود العلاقات بين بعض الأمم، تعود أسبابها إلى مراحل تاريخية معينة، واعتبر أن تجاوز هذه الحالة التي تعزز التفكك والخلاف، يتم عبر تحقيق رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة التي تتمثل بإنصاف الحاضر عبر إنصاف التاريخ أولاً، حيث اعتبر سموه في مقدمة كتابه «بيان للمؤرخين الأماجد في براءة ابن ماجد» أن الحقائق التي وردت في الكتاب أنصفت حاضر البرتغاليين كما أنصفت ماضي العرب، في إشارة إلى أن المستقبل يجب أن يُبنى على صفحات بيضاء ناصعة، وليس على تلك التي تضررت من تاريخ مضى واندثر. أما المنجز الثاني الذي تطرق إليه العامري، فهو مخرجات المسيرة الثقافية للشارقة والإمارات، والتي تتجلى بالمكانة التي حققتها الشارقة كمنارة وممثل للثقافة العربية، وحاضنة للمثقفين العرب، ومركز للمعرفة والحوار، مما جعل العالم يسعى بقوة لتعزيز العلاقات الثقافية معها لأنه بذلك يرسخ علاقاته مع جميع العالم العربي بدون استثناء. أما المنجز الثالث، فهو الواقع المتطور للترجمة والنشر في الإمارات والشارقة، حيث اعتبر العامري أن اللغة تشكل أكبر العوائق التي تحول دون الوصول إلى ثقافات الشعوب الأخرى، مما يجعل الثقافة بحاجة إلى ترجمة تتجاوز مجرد اللغة لتكون بمثابة تجسير لهوّة التفاهم والتعارف بين الشعوب. وبيّن العامري أن المؤسسات والهيئات الثقافية في الشارقة والدولة تعمل وفقاً لقاعدة أن المترجمين لا يجب أن تقتصر خبراتهم على اللغة وقواعدها، بل يجب أن يكونوا على دراية عميقة بالثقافات الأخرى وعادات الشعوب وطباعها وأمزجتها الفكرية، حتى يسهل عليهم نقل القيمة والرسالة بواسطة اللغة والمعلومة والحكاية. تحدث العامري عن المنجز الرابع والذي اعتبره في غاية الأهمية، وهو حالة التعايش والانسجام الكبير التي تحيا بهما أكثر من 200 جنسية تعيش وتعمل في الإمارات، فقد منحت هذه الحالة للثقافة الإماراتية مصداقية عالمية كبيرة، وبرهنت جدية روادها في سعيهم نحو بناء جسور التبادل مع مختلف الثقافات، وقال: «إن التعايش على أرض الإمارات بين الجنسيات القادمة من مناخات ثقافية مختلفة دعم مكانة الشارقة الثقافية على الساحة العالمية وأثرى مخزونها المعرفي، فالثقافة لا تنمو بشكل منفرد؛ بل تتطور في سياق علاقتها التبادلية مع الثقافات الأخرى وفي إطار احترامها للتعددية كمبدأ عالمي أصيل».
مشاركة :