بدأت أمريكا والصين أول جولة محادثات مباشرة بين الطرفين أمس، منذ اتفقت القوتان الاقتصاديتان الأكبر في العالم على هدنة تهدف إلى حل نزاعهما التجاري. ووفقا لـ "الفرنسية" تأتي المحادثات بعد شهر من اتفاق على تعليق زيادة الرسوم المقررة لثلاثة أشهر لمنح المفاوضين فرصة للتوصل إلى اتفاق وإنهاء النزاع الذي هز أسواق العالم. وغادر الوفد الزائر بقيادة مساعد ممثّل التجارة الأمريكي جيفري جيريش فندقه في بكين دون التحدث إلى الصحافيين في أول يوم من المحادثات. وعزز دونالد ترمب الرئيس الأمريكي الآمال الأسبوع الماضي بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع المستمر منذ أشهر، الذي فرض خلاله البلدان رسوما جمركية على واردات بعضهما البعض تبلغ قيمتها أكثر من 300 مليار دولار. وقال ترمب الجمعة "أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق جيد مع الصين". وأضاف، "لدينا مفاوضات تجارية ضخمة جارية مع الصين، الرئيس الصيني شي جينبينج منخرط بشكل كبير وأنا كذلك، نتعامل على أعلى مستوى ونقوم بعمل جيد للغاية". وتوجه ترمب الأحد إلى منتجع كامب ديفيد الرئاسي حيث قال "إنه سيناقش ملف التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين مع كبار معاونيه، إضافة إلى مسائل أخرى". ويشمل الوفد الأمريكي في بكين مسؤولين من وزارات الخزانة والتجارة والزراعة والطاقة. وقال لو كانج الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، "اتفقت الصين والولايات المتحدة على المضي قدما في التوافق الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين لإجراء محادثات إيجابية بناءّة لحل نزاعنا"، رافضا إعطاء مزيد من التفاصيل. وأضاف لو كانج أن "الصدام التجاري بين الصين والولايات المتحدة لا يصب في مصلحة أحد ولا في مصلحة الاقتصاد العالمي". وأضعف تصاعد الخلاف ثقة المتداولين بالأسواق الصينية حيث انخفضت أسواق الأسهم وتراجع سعر الين مقابل الدولار. وأغلقت أسواق الأسهم الصينية على ارتفاع الإثنين مع بدء المحادثات التجارية بينما أبدت المصارف المركزية في بكين وواشنطن سياسات نقدية أكثر مرونة. وتواجه الصين تباطؤا في اقتصادها المحلي مع نمو بنسبة 6.5 في المائة في الفصل الثالث من السنة في وقت صعدت فيه معركتها ضد الديون. وحددت الحكومة الصينية هدفا للنمو بلغت نسبته 6.5 في المائة لعام 2018، مقارنة بـ 6.9 في المائة في 2017. ومنذ إعلان الهدنة الشهر الماضي، اتخذت الصين إجراءات أولية لدعم المفاوضات. فعلقت فرض رسوم إضافية على السيارات أمريكية الصنع وقطعها لثلاثة أشهر، وتم استئناف شراء فول الصويا من المزارعين الأمريكيين. وتأثر قطاع الصناعة في البلدين سلبا بالنزاع التجاري إذ تقلص القطاع في الصين الشهر الماضي لأول مرة منذ أكثر من عامين، بحسب الأرقام الرسمية. لكن في مؤشر على مدى تداخل الاقتصادين، انخفضت أسهم "أبل" الأسبوع الماضي بعدما أعلنت شركة التكنولوجيا العملاقة عن توقعات بانخفاض عائداتها إثر "التباطؤ الاقتصادي" الذي فاق التوقعات في الربع الأخير من العام في الصين، إحدى أكبر أسواقها في الخارج. تأتي محادثات بكين عقب مؤشرات طفيفة على حدوث تقدم وعدم صدور أي تهديدات جديدة عن ترمب في هذا السياق، في وقت يعمل فيه الطرفان حاليا على تخفيف حدة التوترات التجارية قبيل 1 آذار (مارس) المقبل. وأطلق ترمب النزاع التجاري مبررا موقفه بالشكاوى من ممارسات الصين التجارية غير المنصفة، التي تثير كذلك قلق الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما، مشيرا إلى تراجع الاقتصاد الصيني، منوها بأن ذلك سيدفع بكين إلى إبرام اتفاق مع واشنطن. لكن وزارة الخارجية الصينية شككت في تأكيدات ترمب. وقال، لو "لدينا المرونة والإمكانيات المناسبة. لدينا ثقة تامة بالأسس السليمة بعيدة الأمد التي يقوم عليها الاقتصاد الصيني". وفي هذا السياق، أشار مقال نشرته صحيفة "جلوبال تايمز" الرسمية إلى أن الصين لن تخضع للمطالب الأمريكية. وأكد المقال "لو أن بكين أرادت رفع الراية البيضاء لكانت قامت بذلك قبل الآن". واتّفق البلدان بعد قمّة بين ترمب وشي في بوينس آيرس في الأول من كانون الأول (ديسمبر)، على الدخول في مفاوضات وتجميد فرض الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي كان مقررا أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني (يناير) على شريحة جديدة من البضائع الصينية حتى الثاني من آذار (مارس) على أقل تقدير. ويضم الوفد الأمريكي إلى الصين مسؤولين من الخزانة ووزارات التجارة والزراعة والطاقة والخارجية، إضافة إلى مندوبين من البيت الأبيض.
مشاركة :