رسالة مودة إلى عرب النرويج (وما آفة الأخبار إلا رواتها)

  • 2/8/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كنت أعرف أن الكرة الأرضية أصبحت صغيرة كالقرية الواحدة. لكن لم أكن أعرف أنها انكمشت فأصبحت بحجم حوش طوطو (أحد الحارات المغلقة المأثورة بالمدينة المنورة). كذلك كنت أعرف ان جريدة "الرياض" أكثر الصحف السعودية والعربية انتشاراً في العالم. لكن لم أكن أعرف انها بهذا القدر من الانتشار فغطّت شتى أصقاع الأرض الى ان وصلت أقصى شمال بلاد الفايكنغ (النرويج) على أطراف القطب المتجمد الشمالي. المناسبة لهذه المقدمة هو انني وجدت يوم الأثنين 19 يناير رسالة في الايميل (الواقع كانت في الجنك) ولكن لفت انتباهي أنها معنونة بعنوان: "فانتازيا الصندوق السيادي النرويجي" وهو نفس عنوان موضوع هذه الزاوية ليوم الأحد 18 يناير وعندما فتحتها بحذر وجدتها تحتوي على موقع باسم عرب النرويج على الفيس بوك ومنشور على الموقع نص مقالي المذكور أعلاه. لكن الذي نشره (سامحه الله) قدم له بعبارات من تأليفه كالتالي: "أحد الخبراء الاقتصاديين في السعودية يقول ان الاقتصاد النرويجي غير مضمون وممكن ينهار بأي لحظة.. ويشرح فيه مقارنة بين الاقتصاد النرويجي والاقتصاد السعودي". وبالتالي كانت تعليقات القراء من اخواننا الأعزاء عرب النرويج قاسية (وهم معذورون). لقد كان أخف التعليقات وطئا تساؤل أحدهم ساخراً حيث يقول: "من وين ماخط (أظنه يقصد آخد) هذا الشهادة أنا بقول يروح يتعلم اقتصاد من جديد". لكم العتبى يا إخوتنا عرب النرويج وحقكم عليّ حتى ترضون. ولكن ما آفة الأخبار إلا رواتها فقد نقلوا عني مالم أكتبه وأنا بريء منه كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب. اسفعوا (خذوا) يا أحبائي عرب النرويج بناصية الراوي (ربما راوية) الذي نقل لكم المقال محرفاً فهو إما أنه نسي اللغة العربية ففهم المقال خطأ فاعذروه، أو أنه تغلّب عليه طبعه العربي المتسرّع (العرق دسّاس) فأراد استفزازكم حتى تعلقوا على ما نشره. عالعموم أنا أشكره على إعطائي فكرة كيف يفكر إخواننا عرب النرويج بعد أن عاشرت لمدة أسبوعين أحد النرويجيين (أحفاد الفايكنغ) الأصليين فكوّن عندي انطباعا عن النرويجيين أنهم من أفضل شعوب العالم رقياً في التعامل مع الناس. كان ذلك في أواخر التسعينيات حيث كان البروفيسور روبرت مابرو (حائز على جائزة الملك عبدالله للطاقة لعام 2007) مؤسّس معهد دراسات الطاقة بجامعة اكسفورد (أعرق الجامعات البريطانية) يعقد سمناراً سنوياً في معسكر الجامعة يحضره رؤساء وكبار المسؤولين في شركات البترول والمنظمات العالمية كأوبك ووكالة الطاقة الدولية وادارة الطاقة الامريكية وكبار المسؤولين في حكومات الدول المصدرة والمستوردة للبترول والمراكز العلمية لدراسات وبحوث الطاقة وبعض وسائل الإعلام. كان يسكن في الغرفة المجاورة لغرفتي في سكن طلبة جامعة أكسفورد المقفر (خلال العطلة الصيفية) أحد موظفي شركة البترول النرويجية. كنت أضبط مواعيدي على سماع خطواته يمر أمام غرفتي يبدأ يومه مع طلوع الفجر مرتدياً لباسه الرياضي كاملاً ليعود بعد نصف ساعة ثم نذهب سوياً الى قاعة الفطور حيث يدور بيننا حديث عن كل شيء بلا استثناء. سألته أحد المرات لماذا لا تخفضوا إنتاجكم للبترول للاحتفاظ به لأجيالكم القادمة؟ قال لي أنتم تنتجون أضعاف ما ننتج لماذا لا تحفظونه لأجيالكم القادمة؟ قلت له نحن ليس لدينا دخل آخر إذا لم ننتج البترول سنموت جوعاً. هز رأسه بأنه يوافقني الرأي. هذا الحوار يدل يا إخوتنا عرب النرويج أنني لم أقارن بين اقتصادنا الريعي أحادي مصادر المعيشة مع اقتصاد النرويج متعدد مصادر دخل المعيشة. وإنما فقط قارنت بين الصندوق السيادي للمتقاعدين النرويجيين وصندوقنا السيادي كاحتياطي لتمويل عجز الميزانية.

مشاركة :