أثارت حادثة حرق الطيار الأردني على يد تنظيم داعش بتلك الطريقة البشعة ضجة في الأوساط الدينية والسياسية على المستوى الإسلامي والعالمي، وخاصة أن الذين قاموا بعملية الحرق استندوا إلى بعض الرويات الضعيفة وقول منسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -. وقال ل"الرياض" المشرف على شبكة السنة النبوية وعضو مجلس الشورى البروفيسور فالح بن محمد بن فالح الصغير: إن ما أقدم عليه هذا التنظيم بهذا العمل الشنيع يجعلنا نقف على بعض المعالم التي يمكن من خلالها الوصول إلى الموقف الصحيح من هذه الحادثة ومثيلاتها التي تتكرر بين الحين والآخر على يد المغالين والمتطرفين. وأجمل عضو مجلس الشورى الصغير تلك المعالم في أن هذه المجموعة التي تطلق على نفسها الدولة الإسلامية، هي ليست بدولة ولا تستند إلى أي دليل شرعي في هذه التسمية وهذا الكيان، وبالتالي فلا يحق لها أن تقوم بتنفيذ الحدود والقصاص ونحوها على الناس، مهما زعموا وقالوا. وأضاف الصغير قائلاً: من أهم المبادئ التي جاء بها الإسلام هو الرحمة، الرحمة للمؤمنين، والرحمة للكافرين، والرحمة للدواب والبهائم، والرحمة لسائر المخلوقات من الهواء والماء والجبال والأشجار ونحوها، مشيراً إلى أن الإسلام رسالة رحمانية لكل الكائنات، وهو تصديق كلام الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). وبالنسبة للحيوانات يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته". أخرجه مسلم. ولفت عضو مجلس الشورى الصغير إلى أن الأسرى لهم معاملة خاصة في الإسلام، في طريقة الكلام معهم، وتقديم الطعام والشراب لهم، وكسوتهم ومداواتهم ونحوها، قال الله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً). وأشار الدكتور الصغير إلى نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التمثيل بالجثث قبل الموت وبعد الموت، إكرامًا لإنسانية الإنسان، وكان من وصيته عليه الصلاة والسلام لأصحابه في الحروب والغزوات "لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا". وزاد: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصريح العبارة عن الحرق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث فقال: إن وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروج إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما" أخرجه البخاري. وبين البروفيسور الصغير أن الروايات التي تستند إليها هذه التنظيمات غير صحيحة، فعلى سبيل المثال ما ورد عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أحرق "الفجاءة السلمي" حيًا غير صحيحة وضعيفة لوجود علوان بن داود البجلي المطعون فيه، وقد قال فيه البخاري: منكر الحديث. وكذلك الرواية الواردة عن إحراق خالد بن الوليد - رضي الله عنه - برأس خالد بن نويرة غير صحيحة وضعيفة في سندها الذي فيه "محمد بن حميد الرازي" الذي قال عنه ابن حبان: كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات. وختم المشرف على موقع السنة النبوية الصغير بمناشدتها أبناءنا وبناتنا بالالتفاف حول علمائهم وقياداتهم والتمسك بعقيدتهم الإسلامية الصحيحة، والالتزام بتعاليم الإسلام السمحاء دون إفراط أو تفريط، وعدم الانخداع بهذه التنظيمات المتطرفة وأفكارها الدخيلة على إسلامنا لتشويه صورته المشرقة وتنفير الناس منه.
مشاركة :