لندن - يصوت النواب البريطانيون في 15 يناير/كانون الثاني على اتفاق بريكست الذي تفاوضت حوله لندن مع الاتحاد الأوروبي، كما أعلن ناطق باسم الحكومة البريطانية الثلاثاء. وستستأنف النقاشات حول هذا النص الأربعاء والخميس في مجلس العموم ويمكن أن تمدد حتى الجمعة، لكن اعتماده يبقى مهددا لأن عدة نواب من مؤيدي ومعارضي بريكست على حد سواء يعارضونه. وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها ستواصل العمل مع بروكسل للحصول على ضمانات من شأنها إقناع النواب وذلك بعدما أجرت محادثات مع مسؤولين أوروبيين خلال فترة الميلاد. وأمام مخاطر الوصول إلى طريق مسدود والخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، ما يعني قطعا حادا للعلاقات التي نسجت منذ أكثر من أربعة عقود، تنظر لندن في إمكانية تأخير موعد الخروج من الاتحاد كما أفادت صحيفة "تلغراف" الثلاثاء. وأفادت عدة مصادر أوروبية للصحيفة البريطانية أن السلطات البريطانية "تدرس إمكانيات" طلب تمديد محتمل للمادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي التي تحدد أسس مغادرة دولة عضو في التكتل، لكن الحكومة البريطانية سرعان ما نفت هذه المعلومات. وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون بريكست مارتن كالانان عند وصوله الثلاثاء لحضور اجتماع بين وزراء أوروبيين في بروكسل "نحن واضحون جدا: سياسة الحكومة هي أن المادة 50 لا يمكن تمديدها". وأضاف "سنغادر الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (اذار) هذه السنة لأن هذا ما تنص عليه المادة 50، لأن هذا ما صوت عليه البرلمان وهذا ما ينص عليه القانون الوطني البريطاني الآن". تعرضت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين لضغوط من أجل توضيح ما هي الضمانات الإضافية التي يمكن أن تحصل عليها من الاتحاد الأوروبي، وذلك قبل تصويت النواب البريطانيين الأسبوع المقبل على مشروع اتفاق بريكست الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي، في حين كرر هذا الأخير قوله إنه لن يعيد التفاوض على مشروع الاتفاق. ومع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/مارس، اتهم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن رئيسة الوزراء بأنها "تضيع الوقت في محاولة "لابتزاز" البرلمان من أجل دعم اتفاق بريكست. وعاد مجلس العموم البريطاني من عطلة عيد الميلاد مستعدا لاستئناف مناقشة مشروع اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني وذلك قبل تصويت المجلس الأسبوع المقبل في منتصف يناير/كانون الثاني. وأرجأت ماي التصويت الشهر الماضي بسبب معارضة شديدة للاتفاق من جانب النواب، ووعدت بالمزيد من التوضيحات من جانب بروكسل. وقالت ماي بعد قمة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول ومحادثات مع قادة هولنديين وفرنسيين وألمان واسبان ومن الاتحاد الأوروبي في الأيام الأخيرة "نواصل العمل على الحصول على ضمانات وتعهدات إضافية من الاتحاد". وأشار مصدر حكومي إلى أن هذه الضمانات قد لا تكون جاهزة قبل استئناف النواب مناقشتهم اتفاق بريكست الأربعاء، لكن يُتوقع أن تكون كذلك بحلول موعد التصويت. إلا أن المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارغاريتيس سكيناس أكد أنه لن يعاد التفاوض على اتفاق البريكست. وقال "ليس هناك مفاوضات، لأن كل ما لدينا على الطاولة هو ما نعتبره معطى ومكتسب وموافق عليه". وهناك مخاوف في وستمنستر من أن تُرجئ ماي مجددا التصويت في حال لم تُحقق أي تقدم في بروكسل، ما يجعل بريطانيا أقرب إلى الخروج من الاتحاد من دون اتفاق. واستغرق التفاوض على الاتفاق نحو عامين، لكنه فشل في إرضاء جميع الفرقاء تقريبا في الساحة السياسية البريطانية. ونجت ماي من تحرك قام به حزبها لسحب الثقة منها، لكنها أجبرت على إرجاء جلسة تصويت كانت مرتقبة في مجلس العموم في ديسمبر/كانون الأول 2018 بعدما أقرت بأن الأغلبية كانت سترفض مسودة الاتفاق. ولا يزال النواب المؤيدون لبريكست في حزبها المحافظ في حالة ثورة مفتوحة بينما يميل قادة حزب العمال المعارض إلى إجراء انتخابات جديدة. وحذرت ماي الأحد الماضي من أن فشل الاتفاق سيزج ببريطانيا "في المجهول". ونفى المتحدث باسمها الاثنين إمكانية أن تُرجئ الحكومة موعد بريكست بعد أن قالت الوزيرة مارغوت جيمس إن ذلك قد يكون ضروريا لتجنب خروج بريطانيا من الاتحاد من دون اتفاق. ويريد حزب العمال إعادة التفاوض بشأن الاتفاق فيما يقول بعض مؤيدي بريكست إنه ليس هناك ما يدعو للخوف في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. ونقلت صحيفة "ديلي تلغراف" الاثنين عن وزير الخارجية السابق المؤيد لبريكست بوريس جونسون قوله إن مغادرة التكتل من دون اتفاق سيكون في الواقع الحل "الأقرب لما صوت الناس لصالحه". لكن كثيرين لا يوافقونه الرأي. وقد تلقت رئيسة الوزراء رسالة الأحد من 209 نواب دعوها فيها "للتوصل إلى آلية تضمن عدم تنفيذ بريكست من دون اتفاق". وستجتمع ماي بنواب من حزبها المحافظ في جلسات خاصة الاثنين والأربعاء في مسعى لإقناع المترددين في حين شدد أحد وزراء بريكست على أن لا يزال من الممكن أن يكون التصويت لصالح الاتفاق. وقال كواسي كوارتينغ لإذاعة "بي بي سي" إن "أسبوعا هو وقت طويل جدا في السياسة. لا نعرف ما هي الأرقام". وسيترافق كل ذلك مع حملة جديدة للحكومة تهدف إلى تحضير البريطانيين للتداعيات الكاملة لسيناريو الانسحاب من التكتل من دون اتفاق. وفي اختبار يجري الاثنين، ستتجمع عشرات الشاحنات في مطار غير مستخدم قبل أن تتوجه عبر طريق سريع إلى ميناء دوفر لتقييم كيفية تعامل البنية التحتية مع بريكست مفاجئ. ويتولى ميناء دوفر الجزء الأكبر من التجارة بين بريطانيا وأوروبا ويتوقع أن يتعرض لاختناقات سريعا ما لم يتم وضع ترتيبات جمركية. من أجل تهدئة المخاوف بشأن اتفاق بريكست، وعدت ماي بالسعي للحصول على "تطمينات سياسية وقانونية" من الاتحاد بشأن إجراء مؤقت مخصص لإبقاء الحدود مفتوحة مع إيرلندا بعد بريكست.
مشاركة :