القاهرة:«الخليج» حرصت مصر على أن تجعل من افتتاح مسجد الفتاح العليم، وكاتدرائية ميلاد المسيح، مناسبة لتحقيق المساواة، على أرضية المواطنة، وتوحيد الصف الوطني، بعيداً عن أية انقسامات، إلى جانب تحويل الحدث إلى مناسبة وطنية لكل المصريين، وتأكيداً لقوة الدولة المصرية، وجديتها في عهد جديد، ينطلق من أرض العاصمة الإدارية الجديدة، ذهب شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، ومعه رموز العمل الإسلامي إلى الكاتدرائية، وذهب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني إلى المسجد، للتهنئة والمباركة، في مشهد لم يتكرر في مصر منذ ثورة 1919، التي تقترب إتمام مئويتها.وظهرت هذه المعاني قوية في كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وشيخ الأزهر والبابا، حيث أكد السيسي، أنه لن ينسى للبابا جملته الشهيرة، بعد ثورة 30 يونيو «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، مطالباً المصريين بالحفاظ على مصر، قائلاً: «خلوا بالكم من بلادكم يا مصريين.. فالحفاظ على الوطن يساعد على البناء، وكلام قداسة البابا لازم نفهمه كويس».وأكد السيسي «إننا لن نسمح لأحد أن يؤثر فينا»، رافضاً مسمى «الفتنة الطائفية»، «فنحن جميعاً واحد، وسنظل هكذا، واليوم نسجل معنى شجرة المحبة، التي غرسناها لبعض، وسنحافظ على هذه الشجرة، حتى تكبر وتثمر من مصر للعالم كله، من خلال المحبة والتسامح والتآخي بين الناس وبعضها»، مطالباً المصريين باليقظة والوعي في مواجهة الفتن.وشدد شيخ الأزهر، لدى حضوره افتتاح كنيسة «ميلاد المسيح»، على معاني التسامح والأخوة بين المسلمين والأقباط، وأن هذا الحدث استثنائيّ، وربما لم يحدث من قبل على مدى تاريخ المسيحية والإسلام، فلم يحدث أن تم بناء مسجد وكنيسة في وقت واحد، وانتهيا في وقت واحد، لتجسيد مشاعر الأخوة والمودة المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين، مؤكداً أن الكاتدرائية الجديدة ستقف شامخة إلى جوار المسجد الجديد، في صمود، يتصديان لكل محاولات العبث باستقرار الوطن، وبث الفتن الطائفية.وأكد أن الحكم الشرعي في الإسلام، أو دولة الإسلام، هو ضمان كنائس المسيحيين، فالشرع يكلف المسلمين بحماية الكنائس، مثلما يحمون المساجد، محذراً من استدعاء فتاوى قيلت في زمن معين، وظروف خاصة، للقول إنه لا يجوز في الإسلام بناء الكنائس، فهذا ليس من العلم، وليس من الإسلام.وأكد البابا تواضروس الثاني، في كلمته من داخل مسجد الفتاح العليم، أن الحدث مناسبة غير مسبوقة في التاريخ، فهذا الأمر لم تشهده أي دولة على مستوى العالم، حيث مآذن المسجد الكريم، تعانق منارات الكاتدرائية، مشدداً على أنه كمواطن مصري يقف في المسجد، ويفرح مع كل المصريين، بهذه المناسبة السعيدة التي تسجل في تاريخ مصر 2019، موجهاً الشكر للرئيس السيسي على الوفاء بما وعد، ومقدماً الشكر للقوات المسلحة التي خططت وأشرفت على عملية التنفيذ، واهتمت بإنجاز هذا العمل العظيم في فترة وجيزة. ولم تنته هذه الروح بانتهاء مراسم افتتاح المسجد والكنيسة، ما يؤكد أن هذه الروح هي البداية لمناخ عام يستهدف نشر التسامح الديني في مصر، وأن هذه الروح ستمثل استراتيجية جديدة ودائمة للدولة المصرية خلال الفترة المقبلة، حيث جدد السيسي التهنئة، أمس، على صفحتيه بموقعي «فيسبوك» و«تويتر»، لكل المصريين، مغرداً: «عيد ميلاد مجيد.. ملؤه السلام والحب والرحمة على قلب كل مصري، وكل ضمير يقِظ، وروح تجاهد وتضحّي من أجل الحب والخير والأخوة والإنسانية.. كل عام والأخوة المسيحيين بخيرٍ وسلام».
مشاركة :