حتى لا تصبح القاهرة صنعاء أخرى

  • 2/8/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

كم كنت أفكر وأتساءل: ماذا لو التقت المملكة وتركيا ومصر ومعهم باكستان النووية ونجحوا في تكوين محور خير قوي يمثل وحدة اقتصادية، وقوة ردع عسكرية في آن تجمع حولها شتات بقية القوى المعتدلة في المنطقة، وتضع حداً لأطماع الدولتين اليهودية والإيرانية اللتين تدفعان المنطقة بأسرها إلى أتون هاوية لا يعلم مداها إلا الله. وهل تستطيع أي قوة على وجه الأرض أن تقف في وجه هذا المحور لو أصبح حقيقة واقعة؟ وهي الدول السنية القوية والمعتدلة في المنطقة، وبالمناسبة، لم يكن هذا الحلم بالبعيد المنال على الإطلاق، بل إن المملكة اتخذت خطوات حثيثة للم الشمل وتأليف قلوب الإخوة في تركيا لا نقول لتكوين حلف، بل على الأقل للاتفاق حول قواسم ومصالح مشتركة لأمتنا الإسلامية، حتى لا تصبح لقمة سائغة في فم نظام عرقي متطرف أصابه سعار الهيمنة والدم. ومنذ اندلاع ثورات ما يسمى بالربيع العربي بدأ ماراثون العدو إلى القاهرة، لامتلاك ورقتها الحاسمة بالتأكيد في حسم الصراع لصالح من يصل أولاً؛ هرولت إليها تركيا، وهرولت إيران، وبدا الأمر كما لو كان توافقاً على اقتسام قاهرة المعز بين القوتين أو على الأقل التقاء مصالحهما فيها، في ظل نظام إخواني لم يكن يمانع –على ما يبدو- في التعاون مع هاتين القوتين، إلى أن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن القوى الإقليمية، وغضب الأتراك من تهميش الإخوان في مصر والزج بهم في السجون، فكانت إيران أكثر اتزانا فألقت بثقلها في المشهد اليمني، وحققت تقدما غير مسبوق في تاريخه استثمارا للوقت حتى تبحث عن ثغرة جديدة تقود فيها للنفاذ إلى عمق المشهد المصري، وألقت الرياض بثقلها في المشهد المصري، واستردت القاهرة الأمل الأخير الباقي أمام حلم الوحدة العربية الإسلامية، فبوسع هاتين العاصمتين أن تجمعا شتات القوى العربية والإسلامية في المنطقة، وتوحدا جهودهما، وتنتشلاها من مستنقع الفوضى الذي تعج به المنطقة، حتى يستعيد الجميع توازنهم من جديد، ونقطع على قوى الغرب والشرق المتطرفة حلم سايكس بيكو الجديدة، وتبقى مصائر شعوب دول المنطقة بيدها وبيد قياداتها الوطنية المعتدلة، لا بيد أنظمة طاووسية طامعة تسعى إلى تنفيذ سيناريوهاتها النفعية على حساب مستقبل بلادنا وأجيالها. ولعل حديث الرئيس المصري مؤخراً في الإمارات الشقيقة عن أن أمن الخليج العربي خط أحمر لدى مصر، لم يكن رسالة للداخل الخليجي أو المصري على الإطلاق، بقدر ما كان رسالة لجميع من يعضون اليوم أصابع الغيظ من الحلم الذي تبخر قبل تحققه بثوانٍ معدودات، قبل أن تنقلب خريطة الشرق الأوسط الجديد رأسا على عقب. لكن علينا أن ندرك أن هذا ليس ملف الختام على الإطلاق، وأن محاولات الهيمنة على القاهرة والوصول إليها من قبل قوى الشر الطاووسية في المنطقة لن تتوقف، فإن لم يهيمنوا عليها فعلى الأقل تعطيلها عن أداء دورها بالقلاقل والاضطرابات حتى تصبح عديمة النفع لمحيطها العربي أو حتى لنفسها وهذا حلم من أحلام الدولة العبرية ومن يدور في فلكها، وهو المخطط الذي ينبغي أن نحول جميعا دون اكتماله، حتى لا تصبح القاهرة –لا قدر الله- صنعاء.

مشاركة :