يتعرّض المصابون بالخرف للاكتئاب أيضاً. لهذا السبب، قد يضطرون إلى أخذ مضادات الاكتئاب في نهاية المطاف. كشفت دراسة جديدة الآن أن هذه الأدوية قد لا تعالج هذا المرض وحده بل الخرف أيضاً! وفق بيانات «جمعية ألزهايمر»، يُصاب شخص من كل عشرة أشخاص في عمر الخامسة والستين وما فوق بداء ألزهايمر: يترافق هذا الشكل من الخرف مع ضعف الذاكرة والارتباك وصعوبة كبرى في أداء النشاطات اليومية الاعتيادية. كذلك، يمكن أن يواجه مرضى ألزهايمر مشاكل على مستوى صحتهم النفسية، لا سيما الاكتئاب. لذا قد يصف خبراء الرعاية الصحية مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (نوع من مضادات الاكتئاب) للمصابين بالخرف. في دراسة نُشرت نتائجها في مجلة «علم الأعصاب الكيماوي»، اكتشف باحثون من جامعة «واترلو» في «أونتاريو» بكندا، آلية مفاجئة: تبيّن أن مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية تكبح على ما يبدو نمو تجمّعات خاصة بالخرف في الدماغ. يقول الأستاذ برافين نيكار راو، أحد المشرفين على الدراسة: «إنها نتائج واعدة بالنسبة إلى المصابين بألزهايمر إذا كانوا يأخذون مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية. لا تسلّط هذه النتائج الضوء على المنافع التي يحصدها المصابون بالاكتئاب وألزهايمر فحسب، بل إنها قد تشكّل دليلاً لتطوير أي أدوية مستقبلية لمعالجة المرض». كبح صفائح البيتا أميلويد عند الإصابة بألزهايمر، تتعلق آلية أساسية في الدماغ بتراكم صفائح سامة تتألف من بروتينات البيتا أميلويد اللاصقة التي تتجمع فوق بعضها بعضاً. تؤثر هذه الصفائح في الإشارات التي تنقلها الخلايا العصبية (خلايا في الدماغ) في ما بينها، ما يمنع المعلومات من الوصول إلى الدماغ ويزيد احتمال نشوء الخرف. تُركّز علاجات ألزهايمر الراهنة على التحكم بأعراض المرض، لكن لا يستهدف أي منها حتى الآن تلك الآلية الكامنة. كذلك، قد يكون تطوير أدوية جديدة لألزهايمر مكلفاً جداً ويتطلب وقتاً طويلاً. لذا أراد الباحثون في جامعة «واترلو» اكتشاف ما إذا كان أي من الأدوية المستعملة الآن مفيداً لمعالجة الخرف. في الدراسة الراهنة، حلل راو وفريقه طريقة تأثير مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، لا سيما الفلوفوكسامين والفلوكسيتين والباروكسيتين والسيرترالين والإسيتالوبرام، على تجمعات البيتا أميلويد في الدماغ. استعمل الباحثون أشكالاً وكميات مختلفة من مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية في المختبر لتحديد الأنواع والجرعات التي تفيد المصابين بالخرف. اكتشف راو وزملاؤه أن الفلوكسيتين والباروكسيتين أعطيا أكثر أثر واعد، فقد نجحا في كبح نمو صفائح البيتا أميلويد بنسبة 74.8 % و76 % على التوالي. يأمل الباحثون بأن تُمهد هذه النتائج المبنية على استعمال أدوية سبق وصادقت عليها «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية لظهور علاجات فاعلة وآمنة لداء ألزهايمر. يوضح راو: «قد تُمهّد نتائجنا أيضاً لتطوير أدوية مستقبلية. يمكن اعتبار البنية الكيماوية لمثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية بمنزلة مخطط أولي لتطوير دواء يمنع تراكم البيتا أميلويد. يمكننا أن نستكشف احتمال تطوير أدوية جديدة بناءً على ذلك النموذج لمعالجة ألزهايمر». مع ذلك، يصرّ العلماء على ضرورة إجراء أبحاث إضافية للتأكد من تلك المنافع قبل أن يبدأ الأطباء بوصف مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية لمعالجة الخرف.
مشاركة :