واجه سوق النفط خلال العام الماضي تقلبات عنيفة، حيث ارتفعت أسعاره إلى أعلى مستوى في أربع سنوات خلال أكتوبر قبل الانخفاض بأكثر من 30 دولاراً للبرميل في الشهرين التاليين، ونشرت «بلومبيرج» تقريراً عن أبرز التوقعات إزاء سوق الخام خلال العام الجاري، وترجمه موقع «أرقام» الاقتصادي. تعرض النفط لعدد من العوامل المؤثرة على تحركاته، أبرزها المخاوف حيال الطلب وتخمة المعروض، ويستمر القلق هذا العام أيضاً مع مراقبة مدى امتثال أطراف اتفاق «أوبك» والمنتجين المستقلين لخفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يومياً.يرى محللون أن عدم اليقين حيال سوق النفط سيكون أشد من المعتاد خلال 2019 لا سيما في ظل وجود مخاطر جيوسياسية. تذبذب فقد قال ريان لانس، المدير التنفيذي لـ»كونوكوفيليبس»: «إن الشركة تتوقع استمرار تذبذب أسعار النفط نتيجة المعروض من الخام الصخري في أميركا الشمالية الذي يمكن أن يزيد وينقص بحسب معدل الاستثمار به». وزاد: «سوف تشهد أنشطة إنتاج الخام الصخري في أميركا الشمالية انتعاشاً بالتزامن مع زيادة أنشطة الاستكشاف والتنقيب، ولكن شريطة وجود عوائد مالية كافية لجذب المستثمرين». وأضاف لانس أن الصناعة تشهد تحديات أبرزها ضخ استثمارات عند وجود أسعار منخفضة للخام من أجل زيادة الإنتاج، وهو ما يضر بالتنافسية، ولكن لا يزال قطاع النفط الصخري في أميركا الشمالية نقطة مضيئة في الصناعة. وتسببت ثورة الخام الصخري في تعزيز مكانة الولايات المتحدة كأكبر منتج في العالم للغاز الطبيعي الخام والغاز الطبيعي المسال، ويرى لانس أن هذه الطفرة سوف تقود الصناعة في السنوات المقبلة. في الوقت ذاته؛ هناك مخاطر عدم يقين جيوسياسي على صناعة الطاقة، على رأسها احتمالات ضعف الطلب على الخام، وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. «أوبك» هذا وقد أفاد مدير المحافظ المالية لدى «بيمكو» جريج شارينو أن 2019 سيحدث تغيراً جوهرياً لمستثمري السلع، مقارنة بالأربع سنوات الماضية، نظراً لأن «أوبك» خرجت من بوتقة التنافس على حصة سوقية عام 2014، وخفضت إنتاجها، مما أسهم في دعم الأسعار. ورغم ذلك، سيكون هناك ترقب في 2019 لاتفاق «أوبك» والمنتجين المستقلين بخفض الإنتاج 1.2 مليون برميل، وإسهامه في خفض المعروض من الخام، الأمر الذي سيكون له تداعيات بالطبع على السوق. يتوقع «شارينو» أن يؤدي اتفاق «أوبك» إلى استقرار تدريجي لأسعار «برنت» وانخفاض حدة التذبذبات، ولكن في الوقت نفسه لا تزال أميركا قادرة على تجاوز التوقعات في مستويات إنتاجها من الخام. وأوضح شارينو أن على الأسواق متابعة مدى تأثير الضغوط التي تفرضها أميركا على صادرات النفط الإيرانية والتنازلات -تنتهي في الربع الثاني من عام 2019- التي منحتها لبعض الدول لاستمرار شراء الخام من طهران. بنهاية 2019، تستعد المنظمة البحرية الدولية لتشديد معايير محتوى الكبريت في وقود السفن، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الإقبال على خام خفيف منخفض الكبريت مثل «برنت». تراجع التخمة يرى الخبير الاستراتيجي لدى «جيه بي مورجان تشيس» ديفيد ليبوفيتز أن السوق سيشهد المزيد من السلوكيات المسؤولة من المنتجين، خاصة في صناعة النفط الصخري هذا العام. وأضاف ليبوفيتز أن منتجي النفط الصخري يبدون أكثر انضباطاً في ضخ إمدادات للسوق وفي الاستثمار، وهو ما سيمنح فرصة لتراجع تخمة المعروض التي ضغطت على الأسعار في السنوات القليلة الماضية. ومن غير المستبعد أن يشهد سوق النفط تغيرات نفسية لكل من المستهلكين والجهات التنظيمية، حيث كلما وقعت أسعار النفط تحت ضغوط، تعرضت وتيرة التوظيف وإنفاق المستثمرين لضغوط. شكوك صرح رئيس وحدة أسواق الخام في وكالة الطاقة الدولية نيل أتكينسون بأن التوجهات في سوق النفط هذا العام تبدو أكثر خطورة من المعتاد، نظراً لوجود الكثير من عوامل عدم اليقين المؤثرة على الطلب والعرض. قواعد وألمح أتكينسون هو الآخر إلى تشديد قواعد محتوى الكبريت في وقود السفن من قبل المنظمة البحرية الدولية، وعندها سيرى السوق مدى استعداد صناعة الشحن ومصافي التكرير لهذا التغير الكبير، ومدى حدوث تعطل في إمدادات الوقود من عدمه. بالنسبة للمعروض، هناك عوامل معقدة ستؤثر عليه من بينها اتفاق «أوبك» والمنتجين المستقلين الذي دخل حيز التنفيذ هذا العام، والذي من شأنه المساعدة في إعادة التوازن للسوق، وتقليص تخمة المعروض. إيران تترقب الأسواق أيضاً قرار الإدارة الأميركية بشأن احتمالية فرض جولة جديدة من القيود على مشتري الخام الإيراني، وأيضاً مدى التراجع في إمدادات فنزويلا، وقدرة ليبيا على الحفاظ على وتيرتها الإنتاجية، دون تعطيل أنشطتها. وقد أعربت وكالة الطاقة الدولية عن أملها في تراجع حدة التقلبات في سوق النفط هذا العام، على غرار ما حدث في 2018، فلن يكون من الجيد أن يرى المستهلكون سعر الخام أعلى 80 دولاراً للبرميل، كما حدث أوائل أكتوبر، ولن يكون جيداً للمنتجين انخفاض الأسعار إلى 55 دولاراً، على حد وصف أتكينسون;
مشاركة :