يواصل مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن مارتن غريفيث، جولة جديدة في المنطقة، على أمل الدفع نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة (غرب)، الذي توصل إليه طرفا النزاع اليمني، في مشاورات السويد، الشهر الماضي. هذه المرة يتسلح غريفيث بالتقدم الذي أحرزه في المشاورات، وتوافق كل من الحكومة اليمنية وجماعة «الحوثي» على الالتزام بالاتفاق، فضلاً عن قرار لمجلس الأمن يسمح للأمم المتحدة بنشر فريق لمراقبة وتسهيل تنفيذ الاتفاق.لكن بعد مرور أكثر من عشرين يوماً، لم يتغير الوضع في نزاع معقد له امتدادات إقليمية، إذ يدعم تحالف عسكري عربي - تقوده الجارة السعودية - القوات الحكومية ضد الحوثيين المتهمين بتلقي دعم إيراني. ويقول ركن التوجيه المعنوي في قوات «العمالقة» الحكومية، محمد شلي، للأناضول، إن «القتال ما يزال يتجدد بين الطرفين (..) المسلحون الحوثيون خرقوا اتفاق وقف إطلاق النار مرات عديدة». وتستمر الخروقات رغم تواجد فريق المراقبين الدوليين في الحديدة، ما دفع الفريق إلى القول إن الاتفاق يترنح، خاصة وأن الجنرال لم يتمكن من إحراز أي تقدم. ويتابع شلي: «مليشيا الحوثي نكثت بالعهود والمواثيق، وحتى اليوم تعيد ترتيب وضعها العسكري وتدفع بتعزيزات كبيرة من المسلحين والأسلحة الثقيلة، في ظل التزامنا بالاتفاق». تلويح بهجوم بحسب اتفاق السويد، على رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار رفع تقرير أسبوعي إلى مجلس الأمن يرصد التقدم في تطبيق الاتفاق، لكن كاميرت ما يزال يتعامل مع الملف بدبلوماسية. منذ بدء مهامه، أصدر كاميرت بياناً واحداً يوضح طبيعة الأوضاع في الحديدة، تعليقاً على تسليم الحوثيين ميناء الحديدة إلى قوات خفر سواحل تابعة لهم، بدعوى أنهم ينفذون الاتفاق. اعترض كاميرت على تلك الخطوة، وقال إن «أية عملية إعادة انتشار لن تكون ذات مصداقية إلا إذا تمكنت جميع الأطراف والأمم المتحدة من مراقبتها والتحقق من أنها تتماشى مع الاتفاق». لكن الحكومة اليمنية ترى أن كاميرت «لم يكن حازماً في الضغط على الحوثيين لتنفيذ الاتفاق»، بحسب المتحدث باسم قوات «العمالقة» الحكومية، مأمون المهجمي. مساعي غريفيث المبعوث الأممي الخاص باليمن وصل، السبت، العاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، ضمن محافظات أخرى منذ سبتمبر 2014. والأحد، التقى غريفيث قيادات في جماعة الحوثي، في مقدمتهم زعيمها عبدالملك الحوثي. وقال المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام، إن الحوثي أكد على ضرورة تسريع تطبيق اتفاق السويد. ويفيد مصدر في الإدارة الحوثية، غير المعترف بها دولياً، إن «المبعوث الأممي التقى كاميرت في صنعاء، وأبدى غريفيث اعتراضه على ما تحقق حتى اللحظة، وقال إن ما حصل لا يُشجع». ويردف المصدر للأناضول، مفضلاً عدم نشر اسمه: «أبدينا لغريفيث استعدادنا لتنفيذ الاتفاق، وأبلغناه بالخطوات التي أنجزت حتى اللحظة فيما يتعلق بتسليم ميناء الحديدة إلى السلطة المحلية وقوات خفر السواحل، لكن الطرف الآخر يبحث عن عرقلة الاتفاق، كونه لا يمتلك سلطة القرار». وغادر غريفيث صنعاء، الاثنين إلى الرياض، ويبدو أنه غير راضٍ عما توصل إليه من نتائج مع الحوثيين، حتى أنه رفض الإدلاء بأي تصريحات لصحافيين. صياغة مطاطية يذهب مراقبون إلى أن صياغة اتفاق السويد قابلة لتفسيرات متعددة، ما جعل كل طرف يصر على تفسيره وفق ما يراه مناسبا له، وهو ما عقد من مهمة الجنرال كاميرت في تنفيذ بنود الاتفاق. في ظل غموض الصياغة، يرى الحوثيون أنهم هم السلطة المحلية التي يجب أن تُسلم إليها محافظة الحديدة، بينما ترى الحكومة أنها هي التي تملك التحدث باسم السلطة المحلية. وتطالب الحكومة بإعادة الوضع في الحديدة إلى ما قبل سبتمبر 2014، وتتهم الحوثيين بإلباس قواتهم في المحافظة زي الأمن المحلي، وتدوين أسمائهم في كشوف السلطة المحلية. ويفسر المحلل السياسي اليمني مصطفى الجبزي، تعثر الاتفاق بأن «صياغته مطاطة، وتطبيقه يتطلب وقتاً. ومن المبكر أن يتسرع أحد بإعلان فشل الاتفاق، وإن كان عملياً في حكم المتعثر».;
مشاركة :