أول فرقة موسيقية أهلية في المملكة «2-2»

  • 10/1/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الجزء الأول من المقال الذي نشر في الأسبوع الماضي، ذكرت بأن (الفرقة الفضية) ذاع صيتها على مستوى المملكة من خلال الحفلات التي كانت تقيمها لتلفـزيون شركة أرامكو ولنادي الضباط في قاعدة مطار الظهـران .. إلخ.. وفي هذا الجزء الثاني والأخير سوف استكمل مسيرة الفرقة والحركة الفنية في المنطقة الشرقية بعد حلها. تحضرني حادثة طريـفة حدثت في عام 1965م ولاتزال عالقة في ذاكرتي. فبينما كانت الفرقة تحيي إحدى حفلاتها في نادي الضباط بقاعدة مطار الظهـران، إذ تقدم أحد الضباط المشرفين على الحفل وهمس في أذن المايسترو توفيق جاد، ثم خرج وعاد ومعه رجل أسمر اللون وصبي يرتديان ثيابا وغترة وطاقية بدون عقال، لم يكن أحـد من الحاضريـن أو أعضـاء الفرقـة آنذاك يعرف أيا منهما. وبعد أن صافحـا المايسترو وأديا التحيـة لجميـع الحضـور، أخذ المايسترو توفيق جاد المايكروفون وأعلن أنه يوجد لدينا ضيفان من مدينة جدة، وقام بتقديمهما لنا قائلا: هذا هو الأستاذ عمر كدرس عازف الكمان في فرقـة إذاعـة جدة وهذا الصبي هو موهبة مكتشفة من قبل الأستاذ عمر كدرس وهو يمتاز بصوت جميل وقوي واسمه (محمد عبده) . ثم تناول عمر كدرس آلة الكمان من توفيق جاد وأخـذ يعزف عليها بعض التقاسيم الجميلـة، ثم بعـد ذلك أعادها وتناول آلة العـود وتبعه محمـد عـبـده بصوته الجهور والعـذب حيث شـدا ببعض الأغاني التي لم تكن معروفـة آنذاك لكنها لقيت استحسان وإعجاب كل الحضور بمن فيهـم أعضـاء الفرقـة الموسيقية. ثم استمـر الحفل على ذلك المنوال بالتناوب، نصف ساعة للفرقة ونصف ساعة للضيفين. لقد كان محمد عبده في بداية مشواره الفني آنذاك وكان في زيارة إلى المنطقة الشرقية مع الفنان عمر كدرس بهدف تسجيل بعض أغاني محمد عبده لتلفزيـون شركة أرامكو. لقد استمر نشاط الفرقة الفضيـة حتى عام 1967م، أي حتى نكسة حزيـران الموجعـة. فقد ابتعد الكثير من الناس عن أجواء الموسيقى وأصبحت تداعيات النكسة هي الشاغل الوحيد لدى غالبية الناس، كما أن بعض أعضاء الفرقة الذين كانوا يعملون لدى شركة أرامكو قد أتيحت لهم فرص الابتعاث للخارج لمواصلة تحصيلهم الجامعي، مما أفـرغ الفرقـة من كثير من أعضائها البارزين، الأمر الذي أدى إلى انحلالها تماما تاركة وراءها فـراغا موسيقيا أفـقـر الحركة الفنية في المنطقة الشرقية في الوقت الذي كانت الحركة الموسيقية والغنائية في المنطقة الغربية قد بلغت شأوا من التقدم والشهـرة وصلت إلى خارج المملكة. غير أن ذلك الفراغ سرعان ما تم ملؤه من قبل عناصر ودماء موسيقيـة جديدة. ففي عام 1969م، وبعد أن افتتحت محطة تلفزيون الدمام، والتي كانت تعمل مستقلـة عن محطة تلفزيـون الريـاض شأنها في ذلك شأن محطة تلفزيـون جدة والمدينة المنورة قبل أن يتم مركزة البث التلفزيـوني وتصبح محطة بث واحدة فقط لكل مناطـق المملكة، في تلك الفترة تم إنشاء فرقة موسيقية للعمل مـع محطة تلفزيـون الدمام، وكان على رأس مؤسسي الفرقة الموسيقية عازف الأورغ اللبناني «فرانسوا زوين»، ويعقوب كاشغـري «عازف العود» نائبا له، ومحمــد الســنان ومبـارك عـنبر على آلـة الكمـان .. وعازفون آخرون.. وكان عدد أفراد الفـرقـة يزيـد على العشرة عازفـين، وكانت الآلات المستخدمة في الفرقة هي العود والقانون والناي والأكورديون وحوالى خمس آلات كمنجة. كما أن الفرقة كانت تشارك في برنامج ثقافي أسبوعي اسمه «ثـوان وأرقام» الذي كان يقدمه الإعلامي البارز آنذاك الأستاذ فهمي بصراوي، الذي كان يقدم قبل ذلك برنامجا ثقافيا لتلفزيـون شركة أرامكو عنوانه «المباراة الثقافية بين المناطق الثلاث» أي منطقة الظهـران ورأس تنورة وابقيق.. وفي نفس العام قـام محمـد السـنان بإنشاء فرقـة موسيقية في مدينة القطيف كان اسمها «فرقـة الأمل الموسيقية»، وكانت تضم مجموعة من الموسيقيين كان أغلبهم عازفين على آلة الكمان بالإضافة إلى أخيه حسن السنان على آلة العود.. كانت أول أعمال فرقـة الأمل الموسيقية المشاركة في الحفل الكبير الذي أقامه الناديـان الرياضيان الكبيران في مدينة القطيف وهما نادي البدر ونادي الشاطئ .. منهين بذلك حقبـة من التنافس المصحوب بالعداء والضغينة بين الفريـقين باندماجهما في فريق واحد أطلق عليه نادي «الترجي» وهو النادي الموجود حاليا. وكان نجم الحفل الممثل الكبير والمنلوجست القديـر الأستاذ الفنان عبد العزيـز الهـزاع.. لكن سرعان ما تلاشت تلكم الفرقتين نظرا لظروف غير مشجعة لاستمـرار الحركة الفنية آنذاك.

مشاركة :