على رغم البرد القارس، يجتمع حوالى 30 صياداً على ضفاف بحيرة كرينكا المتجمدة في شرق أوكرانيا «للتنفيس» عن همومهم، لكن قلة منهم تنجح في نسيان الحرب. ويقول فاسيلي أوفتشيروك: «الحرب حولنا، لكننا نحب الصيد، لذا نأتي إلى البحيرة». وعندما كان خط الجبهة قريباً بين حزيران (يونيو) وأيلول (سبتمبر) الماضيين من هذه البحيرة الواقعة على مسافة 40 كيلومتراً من شمال شرقي دونيتسك، استمر هذا المتقاعد البالغ من العمر 72 سنة بالمجيء، حتى لو كان يضطر إلى الهروب في بعض الأحيان. وابتعدت الاشتباكات عن المنطقة اليوم، وهي تدور على بعد ثلاثين كيلومتراً منها، في ديبالتسيفي المحاصرة من الانفصاليين الموالين لروسيا. وتساعد الرياح الجليدية التي تعصف بهذه البحيرة المتجمدة على كتم ضجيج القصف. وكثيرون هم الذين ينشدون هذا الصمت لمجرد «اللذة» أو «للتنفيس» أو «للاسترخاء». حفر أندري تسيوبكيو (71 سنة) ثلاث حفر في الجليد على مقربة من فاسيلي. وهو كان توقف عن الصيد عندما بلغت المعارك أوجها. وأقر هذا العامل المنجمي السابق الذي يصطاد السمك منذ العام 1953 قائلاً: «اشتقت كثيراً إلى الصيد». وهو عاود المجيء إلى البحيرة منذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، من دون أن يخفي فرحته. ويحفر الصيادون بعض الحفر في الجليد ويحضرون الصنارات ويمدون الخيوط... وينتظرون. ويقول فاسيلي الذي اصطاد ثلاث أسماك في خلال خمس ساعات: «ليست الأحوال مواتية للصيد اليوم، فالرياح قوية». وعندما يكون الصيادون بانتظار الأسماك، تخطر الحرب في بالهم. ويقر فاسيلي، وهو يصب الشاي في كوبه: «من الصعب التفكير في أمور أخرى. نحن هنا، لكن الشباب يحاربون على الجبهات. وأنا أفكر في نهاية هذا كله وفي سبل الإعمار وماذا سنترك لأحفادنا». ولا يغيب هذا النزاع الذي أودى بحياة أكثر من 5 آلاف شخص في خلال تسعة أشهر، عن بال أندري، الذي يقول: «أتساءل كيف سنصمد، وما العمل لتتوقف الحرب». وهو لا يعرف كيف ستتطور الأمور، لكنه على اقتناع بأن «زاخارتشينكو (رئيس جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد) سيربح». ويقول غينادي الذي يفضل عدم كشف اسمه كاملاً: «أتساءل متى ستنتهي الحرب. وهذه المسألة دوماً في بالي». ويضيف عامل الكهرباء هذا، الذي خسر وظيفته بسبب الحرب بعدما أغلق معمل الكهرباء أبوابه: «أفكر أيضاً في عملي». ولا يصطاد غينادي السمك لكسب المال، فزوجته تعمل في دونيتسك. لكنه يعترف قائلاً: «أتساءل كل ليلة هل ستعود سالمة إلى المنزل».
مشاركة :