سفراء – مكتب الرياض: حذرت أستاذ علم النفس المشارك بجامعة الملك خالد الدكتورة بشرى إسماعيل أرنوط الآباء والأمهات من تجاهل أحاديث أطفالهم، وعدم الاستماع الجيد لهم، وحرمانهم من التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، معتبرةً ذلك بالتسبب بعدد من المشكلات النفسية، والأزمات العصبية. و أشارت إلى أن الدراسات أثبتت أن الاستماع الجيد للأبناء، والتحاور معهم مهم جدًا حتى وإن اختصرت مدته ، وقالت : الإنصات الجيد لهم له أهمية كبيرة في نموهم، كما أنه محدد قوي لشخصيتهم، وصحتهم النفسية.. مشيرةً إلى ضرورة أن يشارك الأبوان أبناءهم اهتماماتهم المختلفة، كاللعب، والأمور اليومية الأخرى, وأن يمنحوا الفرصة للتعبير عن أنفسهم، وآرائهم ، وأن يكونوا مستمعين جيدين لهم. كما كشفت أن الاستماع الجيد هو أن يكون استماعًا باهتمام، وبكل الجوارح ، والتي يعبر عنها من خلال ملامح الوجه، ولغة الجسد وإيماءاته التي تكون بمثابة رسائل إيجابية يبعثها المستمع الإيجابي للمتكلم أي للطفل ، حيث تتجلى قوة الإنصات الفعال في الرسائل غير اللفظية، وفي الاتصال غير الشفوي الذي يرسلها الأبوان لأبنائهم من خلال الابتسامة في وجه الطفل، ونبرات الصوت المعبرة عن الحنان ،والمحبة ، والمعبرة عن الموافقة، وتفهم ما يقوله الطفل، لافتة إلى أن تلك الحركات التي تبعث الثقة، والطمأنينة في نفس الطفل، كما تعيد له توازنه النفسي، مما يقضي على المشكلات النفسية ، وعلى رأسها العناد والقلق والتوتر. وشددت بشرى على أهمية دور الأسرة في تنمية شخصية الطفل مؤكدةً أن أسرة الطفل هي الجماعة الإنسانية الأولى التي يتلقى منها العناية والرعاية والتهذيب، كما تسهم في تنمية شخصيته وتطورها, أو على العكس قد تسهم في طمس شخصيته وتحطيمها من خلال سلبياتها، وعدم تقديرها للطفل وإهمالها له ، وعدم اعترافها بقدراته. وحذرت من لجوء الأبوين إلى استخدام بعض الأساليب الخاطئة في تعاملهم مع الأبناء, كأسلوب التسلط الذي يسيطر فيه الأبوان على الطفل في كل الأوقات ، ويتحكمان في أعماله وتصرفاته في جميع مراحل النمو, أو أسلوب التعنيف الذي يلجأ إليه الأبوان من تهديد، أو غيره من الأساليب التحطيمية والقمعية. وأكدت على ضرورة أن يتعلم الأبوان مهارات الحوار الجيد مع الطفل، من خلال حضور دورات تدريبية، أو ورش عمل أو ندوات أو قراءة كتب قد تسهم في رفع ثقافة الأبوين تجاه أبنائهم . وبينت أن الحوار الجيد مع الطفل يجب أن يتسم بعدة شروط , منها : أن يستمر الأبوان بثناء والاستماع له، بالإضافة إلى إظهار ملامح الاطمئنان لما يقوله ؛ لأن ذلك يثبت له أن والديه يرحبان بالحوار معه ، مع الابتعاد عن إشعاره بأنهما مجبران على تحمل حديثه, وأن يحرصا على عدم النظر إلى الساعة أثناء حوارهما معه حتى لا يشعرانه بأن ما يقوله مضيعة للوقت, أو أن ليس لديهم الوقت الكافي للحديث معه ؛ مما يجعله يرتبك ويتعجل في الكلام، كما أن ذلك قد يصيبه بعد التعبير بالشكل الجيد, كما يجب أن يتم تركيز النظر أثناء الحوار معه على عينيه دون صرف النظر إلى أشياء أخرى, وأن يربتا على كتفه كعلامة تشجيعية, وأن يعانقاه يستخدما طرق التواصل الجسدي التي تقوي علاقتهما بأطفالهم , وأن يعبرا عن فهمهم كلام الطفل من خلال حركات الرأس أو بقول ( أكمل أنا أسمعك) أو بقول ( نعم كلام جميل) وأن يجتنبا مقاطعته عند الحديث، أو إيقاف كلامه ؛ لأن ذلك قد يشعره بالارتباك وعدم الأمان, مما يؤدي إلى كبته وتقليل تقديره لذاته. كما يجب أن يحرص الأبوان على تشجيعه لطرح الأسئلة، والتعبير بطلاقة عما يجول في خاطره, وأن يحرصا على تلخيص ما قاله باختصار ؛ لأن ذلك يكون برهانًا له على أن الوالدين فهماه بشكل جيد، وذلك يزيد من ثقته بنفسه، وقدرته على التعبير عن أفكاره وانفعالاته بشكل دقيق وجيد، ويزيد من قدراته الإبداعية، وقالت أرنوط : الحوار يتيح للطفل التعبير عن أفكاره، ومشاعره، وأحاسيسه، وينمي لديه سمات الشخصية الإيجابية من كفاءة الذات، والثقة بالنفس، وتقدير الذات، ومفهوم الذات الإيجابي ، والاطمئنان والأمن وأضافت ينمي لدية أيضًا الذكاء الانفعالي والاجتماعي، ولا شك أن هذا يعزز من الأمن النفسي ؛ ومن ثم يكون الطفل سويًا وسليمًا نفسيًا ومتوافقًا مع ذاته ووالديه، والمجتمع بشكل عام . كما بينت أن عدم إعطاء الأبوين لأطفالهم فرصة كافية للحديث أو التحاور معهم يؤدي إلى زرع بذور الشك في نفس الطفل بأنه غير مقبول، أو غير مرغوب فيه لدى والديه ؛ ومن ثم لدى الآخرين، وبالتالي يؤدي إلى الشعور بالقلق، والتوتر والخجل، واللجوء للعزلة, وهذا كله مؤشر لاحتمال كبير أن يصاب هذا الطفل بالمشكلات النفسية ، مثل : الخجل ، الانطواء ، العناد ، الكذب، القلق، الأزمات العصبية ، مثل : قضم الأظافر ، وشد الشعر ، وترميش العينين، إدمان الانترنت، السرقة ، الهروب من المدرسة، ضعف التحصيل الدراسي، مشكلات النطق واضطراباته ، اضطرابات القراءة والكتابة، والقلق الاجتماعي، والعزلة، وسوء التوافق الدراسي، والاجتماعي ، واضطراب العلاقة بالآخر، الأنانية ، اضطرابات الهُوية ، و غيرها من المشكلات النفسية . واقترحت أرنوط إعداد مقرر دراسي باسم ( مهارات التواصل ) يتناول تعريف التواصل، وأهميته للفرد، والمجتمع ، بالإضافة إلى تقديمه مهارات تنمية التواصل وطرقه المتباينة ، ويجزأ في تدريسه للطلاب والطالبات من الصف السادس الإبتدائي وحتى المستوى الجامعي ، وقالت : ذلك من شأنه أن ينمي مهارات التواصل والاستماع والإنصات والحوار الجيد لدى الابن ، ويولد لديه اتجاهًا إيجابيًا نحو تعلم وتعليم مهارات التواصل. كما أوصت بضرورة عقد دورات و ندوات و محاضرات و لقاءات علمية حول الحوار الأسري عامة ، وحوار الوالدين مع الطفل خاصة من أجل الارتقاء بمستوى الحوار الأسري و المجتمعي ، و التغلب على الكثير من المشكلات النفسية التي يعاني منها الأطفال والمراهقون .
مشاركة :