مجازر الأرمن في عيون "لقيطة إسطنبول"

  • 1/11/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يا ترى عندما يكون الماضي كئيباً موحشاً، فهل من الأفضل للمرء أن يعرف عنه أكثر أم أقل؟ وهل من الأفضل أن نتمحور حول الماضي أم ندع ما مضى يغادرنا كي نتوجه بأنظارنا إلى المستقبل؟ أم أن ما نحتاجه للمضي قدما أفراداً، ومجتمعات، خلطة من الذاكرة والنسيان معاً؟ سؤال تناوبت عليه (نون النسوة) في ختام تجوالهن القرائي المتدفق في عوالم رواية «لقيطة إسطنبول» للكاتبة التركية إليف شافاق، وقد كانت موضوع نقاش صالون القراءة الشهري لندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع بحر الثقافة أبوظبي، في جلسة عقدت مساء أمس الأول في مقر الندوة بالممزر ـ دبي. فعبر عائلتين، واحدة تركية، والثانية أرمنية، حيث لا مكان فيها للرجال، فهم إما غائبون وإما ملعونون، سافرت أسئلة حضور الجلسة مع دلالات، ورمزية تلك العبثية القدرية، والمصادفات الغريبة التي جمعت بين مصائر أربعة أجيال من نساء الكاتبة شافاق في تجوالهن الأفقي والعمودي بين إسطنبول وأميركا، في أزمنة عدة، مترامية الأطراف، يربط بينهن ماض مملوء بالذكريات المتعبة والقاسية. وفيما رأى بعض الحضور ضمن جلسة نقاش «لقيطة إسطنبول» التي قدمتها المهندسة هالة عادل الكثير من الإطالة، والثرثرة الحكائية البطئية أحياناً، والمتعبة للقارئ، وهو يتتبع مسار أحداث مصائر شخصياتها المتشعبة في تقاطعها مع مصادفات غيبية في مدن وأزمنة مترامية، بطريقة تشبه الغرائيبة الماركيزية، رأت د. مريم الهاشمي، مديرة الجلسة، دور هذه التشعبات في عكس جرأة وتميز الرواية بقدرتها على إيصال وجهة نظر كلا الطرفين (الأرمني والتركي)، عبر تميز شافاق في مواجهتها لسؤال الذاكرة والنسيان عند كلا الطرفين بشكل محايد. وبينما بقي سؤال الإعلامية عائشة سلطان عضو مجلس إدارة الندوة: هل رواية لقيطة إسطنبول قصة لفتاة لقيطة فقط، أم أن اللقيطة هنا هي إسقاط رمزي ودلالي ملغز لصراع مجتمعي وفكري تعانيه إسطنبول الحاضر مع الماضي؟، خاصة أن اللقيطة تعكسها مجموعة نساء من أجيال مختلفة، يبحثن عن مفهوم للتعايش والانتماء، حيث ينظر الكثير منهن وممن عايشن عصر إسطنبول الكوزموبوليتية، بحنين إلى زمن تعايش المسلمين واليونانيين واليهود والأرمن معاً، ويعتبرون أن ذلك الزمن الجميل ذهب كما جاء في قول شافاق «إنها تشبه المدينة لكنها ليست كذلك. مدينة مراكب. إننا نعيش في سفينة... الحي الذي يسكن فيه أخي مكتظ بالمولدوفيين. وغداً سيذهبون. وسيأتي آخرون.. هكذا هي»، إلا أن سلطان أكدت أن إليف شافاق في روايتها «لقيطة إسطنبول» نجحت بشكل كبير، ليس في إعادة سرد تاريخ بلادها بعيون الذاكرة النسائية الجمعية فقط، بل نجحت في محاولاتها الجريئة لقول ما كان مخفياً لعقود عديدة، وربما هنا تكمن أهمية ودور الأدب الكوني.

مشاركة :