قال الشيخ عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يفرحون بِقُدوم الشتاء لِمَا يجدون من لذة الطاعة وحلاوة العبادة.وأوضح «السديس» خلال خطبة الجمعة اليوم بالحرم المكي، أنه كان ابن مسعود يقول: «مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، و يقصر فيه النهار للصيام»، وبكى معاذ بن جبل عند موته وقال:«إنما أبكي على ظمأ الهواجر، و قيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء»، و قال الإمام ابن الجوزي: «يَنْبغي للإنسان أن يَعْرِف شَرَفَ زمانه، وقدْر وقته، فلا يُضَيِّع منه لحظة في غَيْرِ قُرْبَةٍ».وأضاف: أنه يشهد لذلك أكمل الهدي، هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أوقاته خير مثالٍ يُقْتَدى، وترويحه أزكى دليل يُحتذى، توسُّطًا واعتدالًا، وسُموًّا وكمالًا، فقد كان بأبي هو وأمي أظهر الناس حزمًا ولُطفًا، وأوفاهم أُنسًا وعطفًا، وقال الإمام ابن القيم: «لو كان الزمان كله فصلا واحدًا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه، فلو كان صيفًا كله لفاتت منافع مصالح الشتاء ولو كان شتاءً لفاتت مصالح الصيف، ففي الشتاء تغور الحرارة في الأجواف وبطون الأرض والجبال فتتولد مواد الثمار وغيرها وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرد الذي به حياة الأرض وأهلها».وتابع: وذهب الإمام ابن رجب: «إنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يَرْتَعُ فيه في بساتين الطاعات، ويَسْرَحُ في ميادين العبادات، ويُنَزِّه قلبه في رياض الأعمال المُيَسَّرة فيه»، وروى البيهقي بسند صحيح من حديث جابر وأنس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة»، قال بعض العلماء: "إنما وصفها بالبرد؛ لأن الغنيمة إنما أصلها من أرض العدو ولا تُنَال إلا بمباشرة الحرب والاصطلاء بِحَرِّهَا، يقول: فهذه غنيمة ليس فيها لقاء حرب ولا قتال".
مشاركة :