النعمة: العفو من أعظم صفات المؤمنين

  • 1/12/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قال فضيلة الداعية عبدالله بن محمد النعمة في خطبة الجمعة، أمس، بجامع الإمام ‏محمد بن عبدالوهاب: «إن الخلاف بين الناس غريزة فطرية أودعها الله عز وجل في نفوس البشر، وجعل سبحانه لهذه الغريزة أسباباً ودواعي تؤدي إلى غليانها في النفس، وثورانها في المجتمع، حتى بين القريب وقريبه والأخ وأخيه والزوج وزوجته». وأضاف فضيلته أن الخلاف يورث الفتنة وينشر القطيعة حتى يفرق بين المحب وحبيبه والصاحب وصاحبه، وحتى يهجر الولد أباه، والزوج زوجه، والأخ أخاه، والجار جاره، مما يفكك روابط المجتمع ويجعله لقمة سائغة في أيدي أعدائه، لافتاً إلى أن الله تعالى نهى عن التهاجر بين المسلمين وأمر بإصلاح ذات البين، والعفو والتسامح والصفح، وجعل ذلك من أعظم القربات وأجل الطاعات، لأنه السياج المنيع الوافي للأخوة الإسلامية التي رغب فيها الإسلام، والدرع الحصين لوحدة الأمة التي حرص الإسلام على تماسكها وسلامتها.أضاف: جاء العفو عن الناس، والتجاوز عن الزلات، والصفح عن الأخطاء، من أعظم صفات المؤمنين، وهو أدب جليل من آداب الإسلام، وركيزة كبرى من ركائز السعادة والخير، فالعفو خلق الكرام، وصفة العظماء من الناس الذين لا يحملون الحقد، ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، بل يرجون الله والدار الآخرة، ومن عرف بالعفو عن الناس، والصفح عن أخطائهم وزلاتهم ساد وعظم في القلوب، وزاد عزه وإكرامه، وكثر أجره عند الله تعالى وعند خلقه. وأضاف أن العفو من أسماء الله تعالى، وصفة من صفاته، فهو سبحانه يعفو عن الخطايا والسيئات، ويتجاوز عن المذنبين من عباده، ويغفر لهم ذنوبهم وإن عظمت، ويمهل لهم، ويدعوهم إلى التوبة والإحسان. وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ). وأشار إلى أنه جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يُداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه. وفي رواية: (فقال الله: أنا أحق بذا منك، تجاوزوا عن عبدي)، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (بلغنا أن الله تعالى يأمر منادياً يوم القيامة فينادي: من كان له عند الله شيئاً فليقم، فيقوم أهل العفو، فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس). وتابع النعمة: ندب الله تعالى عباده إلى العفو، وحثهم عليه، ووعدهم بجزيل الأجر والثواب، وجعل العفو في مقدمة صفات المتقين الصالحين من عباده؛ فقال سبحانه: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: (ومن شهد مشهد العفو والصفح والحلم، وفضله وحلاوته وعزته، لم يعدل عنه إلا لعشى في بصيرته)، وصدق والله فيما قال، فإن في العفو والحلم والصفح من الحلاوة والطمأنينة والسكينة، وحسن العاقبة، وشرف النفس وعزها، ورفعها عن تشفّيها بالانتقام، ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام، ومن جرب عرف، وما كان الانتقام يوماً ما قائداً أو دليلاً على الخير والشرف والعز. وأكد فضيلته أن العفو عن الناس والصفح عما بدر منهم، لا ينقص القدر، كما يتوهم بعض الناس، ولا يعني الضعف والخضوع، بل هو الحكمة والعقل، والقوة والفضل، لافتاً إلى أن الشجاع الحكيم العاقل من ملك نفسه عند الغضب، وليس الحليم من ظلم فحلم، حتى إذا قدر انتقم، ولكن الحليم من ظلم فحلم حتى إذا قدر عفا وتفضل، وكلما ازداد الذنب والخطأ عظماً، ازداد العفو والصفح فضلاً وأجراً، وأفضل العفو ما كان عند القدرة، وعن مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عِزاً)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من أقال مسلماً، أقال الله عثرته يوم القيامة). وقد قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله لرجل جاءه يشكو أن رجلاً ظلمه: (إنك إن تلقى الله ومظلمتك كما هي خير لك من أن تلقاه وقد اقتصصتها).;

مشاركة :