احتدم السجال في لبنان حول القمّة الاقتصادية التنموية المزمع عقدها في 19 و20 يناير (كانون الثاني) الحالي نتيجة اعتراض رئيس البرلمان نبيه بري على دعوة ليبيا بعدما كان قد طالب بتأجيل القمة لعدم مشاركة سوريا، ورأى البعض أن موقف بري هو رسالة للنظام السوري بعد فتور العلاقة بينهما. ومع بقاء رئاسة الجمهورية خارج سياق هذا السجال، وتأكيد مصادرها أن موعد القمة لا يزال قائما، جاء الردّ عبر اللجنة الإعلامية المنظمة للقمة بالتأكيد أنه سبق لبري أن وافق على دعوة ليبيا وهو ما وصفه مكتب بري بالمعلومات المختلقة، فيما نقلت معلومات عن توجّه نواب ووزراء في «الثنائي الشيعي» لمقاطعة القمة. يأتي ذلك في وقت أكد فيه الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس مكتب الأمين العام السفير حسام زكي بعد وصوله إلى بيروت لمتابعة الإجراءات اللوجيستية الخاصة، «أن القمة في موعدها، وأن التجاذبات اللبنانية في شأنها داخلية لا تخص الجامعة المعنية بانعقادها». وقالت مصادر الرئاسة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» التحضيرات للقمة لا تزال مستمرة ولغاية الساعة لم يأتنا أي طلب من جامعة الدول العربية أو أي دولة لتأجيلها»، في وقت بدأ إرسال الدعوات إلى المشاركين». من جهتها، أكّدت مصادر اللجنة الإعلامية للقمة، لـ«الشرق الأوسط» أنه لا أحد يريد الدخول في سجال مع رئيس البرلمان وبيانها كان لتوضيح الأمور وليس أكثر، مضيفة: «لو كان بري اعترض على هذا الأمر في وقت سابق كنّا على الأقلّ عملنا على معالجة القضية بالطريقة المناسبة». من جهته، وضع القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش موقف بري في إطار محاولته تسليف النظام السوري موقفا بعد الفتور في العلاقة بينهما عبر الدعوة إلى تأجيل القمة إذا لم تدع سوريا، ليعود بعد ذلك ويتطرق إلى قضية دعوة ليبيا. وقال علوش لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن بري على علم بأن القمة ستؤجّل فارتأى التصرف على هذا الأساس»، مضيفا: «السجال الحاصل اليوم يعكس إشكالية حيال انعقاد القمة، وهو الأمر الذي قد يستدعي اتخاذ قرار تأجيلها، وقناعتي هي أن الغموض غير البنّاء حول هذا الأمر قد يؤدي إلى اتخاذ هذا القرار». وبعد اعتراض بري على دعوة ليبيا على خلفية قضية اختطاف الإمام موسى الصدر ودخول المجلس الشيعي الأعلى على الخط، محذرا من تداعيات هذه الدعوة في الشارع، رمت اللجنة الإعلامية المسؤولية في ملعب الرئيس بري، وقالت في بيان «إن التحضيرات للقمة بدأت منذ شهر أغسطس (آب) الماضي بالتنسيق بين مختلف الإدارات الرسمية»، مشيرة إلى أن رئيس اللجنة العليا المنظمة للقمة ورئيس اللجنة التنفيذية زارا كلا من بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والوزراء المختصين وأطلعاهم على كل الترتيبات المتعلقة بالقمة والدول المشاركة فيها والمواضيع المقترحة لوضعها على جدول الأعمال، والموازنة التقديرية الخاصة بها وغيرها من المواضيع، ووافق الجميع على النقاط التي عرضت وصدرت في وقت لاحق المراسيم الخاصة بالقمة. وفيما يتعلّق بدعوة ليبيا وسوريا أوضحت اللجنة: «أبلغ رئيس البرلمان عضوي اللجنة العليا موافقته على دعوة ليبيا على أن توجه الدعوة عبر القنوات الدبلوماسية، فتم ذلك بواسطة مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية. أما حول سوريا، فأوضح عضوا اللجنة لبري أن هذه المسألة مرتبطة بقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، وليس قرارا لبنانيا». وذكّرت اللجنة أنه خلال القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002، شاركت ليبيا في القمة بوفد رفيع المستوى. وجاء ردّ بري عبر مكتبه بنفي معلومات اللجنة المتعلقة بدعوة سوريا وليبيا، واصفا إياها بـ«المختلقة والعارية من الصحة»، مبديا «استغرابه الشديد أن يصل هذا الأسلوب من الاختلاقات والتلفيقات لهذا المستوى من القضايا والمقام». وأكد أن «وزير المال علي حسن خليل زار رئيس الجمهورية بناءً لطلب الرئيس بري محتجاً على توجيه دعوات إلى الليبيين». وبينما لم يصدر أي موقف عن «حزب الله»، جاء موقف المجلس الشيعي الأعلى الذي عقد اجتماعا طارئا أعلن على إثره دعم موقف بري، وحمّل السلطات اللبنانية مسؤولية التقاعس عن القيام بواجباتها في هذه القضية. كما حذر المجلس من «تجاهل ردود الفعل الشعبية التي قد تنتج عن الإصرار على دعوة الوفد الليبي».
مشاركة :