دور الجامعة الإسلامية بالمدينة في نشر السلفية وتأسيس «أول» منهج سلفي «أكاديمي» معاصر 4-10

  • 1/12/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تقديم المترجم: هنا دراسة مهمة بقلم الباحث مايكل فاركوار، أستاذ مساعد في العلوم السياسية، جامعة لندن. ونشرت الدراسة في مارس 2016. وهي مقتبسة من أطروحته للدكتوراه عن التعليم الديني في السعودية. وسوف نختصر اسم الجامعة الإسلامية بالمدينة ليصبح «جاسمد» في الورقة. وشملت هذه الجهود استبدال أساتذة في جاسمد صنّفوا من المتعاطفين مع فكر وممارسات جماعة الإخوان المسلمين؛ ليحل مكانهم أساتذة من أنصار السلفية الهادئة والمطيعة التي تتمثل في منهج الدكتور ربيع بن هادي المدخلي، أستاذ الحديث في جاسمد. (17) وفي تحول جرى في النصف الأول من التسعينيات الميلادية، وقد يكون أيضا مرتبطاً - جزئيًّا - بجهود الحكومة لتقليص نشاط الأساتذة الأجانب الناشطين سياسيا، أصبح الأساتذة السعوديون في هيئة التدريس في جاسمد يشكلون الأغلبية بالنسبة إلى مجموع أعضاء هيئة التدريس، واستمرت النسبة في الزيادة طوال عقد التسعينيات الميلادية. (18) جاسمد: من الإقصاء إلى الانفتاح وعند كتابة هذه الورقة (في عام 2015) تستعد جاسمد لتدشين كليات جديدة متخصصة في الحاسوب والطب والعلوم التطبيقية والهندسة والصيدلة. (19) وتأتي هذه التحركات الجديدة في سياق ما وصف في الصحافة السعودية بـ «الانفتاح» في السنوات الأخيرة لإحدى الجامعات التي كان يُنظر إليها في السابق باعتبارها قلعة «إقصائية». (20) ونُشر أيضاً أن جاسمد تلقت الموافقة على قبول الطالبات، وتنفيذ برامج للتعلم عن بُعد ضمن خطة لزيادة عدد طلابها؛ بل ستوظف جاسمد موظفين غير مسلمين في مواقع جديدة خارج حدود الحرم المدني. (21) ويرتبط هذا التحول برئيس جاسمد السابق الدكتور محمد علي العقلا، الذي عُين رئيسًا لجاسمد في عام 2007، ومن ثمّ مددت رئاسته أربع سنوات في بداية عام 2011. (22) وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2011 التي تعرضت لها الولايات المتحدة، وموجة الإرهاب الديني الذي ضرب المملكة العربية السعودية منذ عام 2003، والدور المتنامي للمملكة في «إصلاح صورة الإسلام» في سياق «الحرب على الإرهاب» التي تقودها الولايات المتحدة، استضافت جاسمد مؤتمرات حول مواضيع مثل «التطرف» و»مكافحة الإرهاب». (24) وبحلول عام 2002 كانت جاسمد قد قدّمت أكثر من 28000 منحة دراسية منذ افتتاحها عام 1962 لشباب من جميع أنحاء العالم. (25) ولم تشمل هذه المنح الدراسية فقط التعليم المجاني؛ بل شملت أيضاً مساندة مالية لتغطية تكاليف أمور، كتذاكر الطيران من بلد الطالب إلى المدينة، وتذاكر لزيارة بلد الطالب كل سنة في الإجازة، والسكن، والكتب، والملابس، والمعيشة، ومرتب شهري للمصروفات اليومية الشخصية (*). (26) وتشير عوامل، من قبيل رفض المنحة ومعدلات الانسحاب من الدراسة (drop-out) الكبيرة، إلى أن إجمالي عدد الخريجين في الفترة نفسها ربما كان أقل بكثير. وتشير إحصائيات أخرى نشرتها الجامعة إلى أن عدد الطلاب الذين أنهوا في الواقع مستوى البكالوريوس حتى عام 1997 بلغ 11781 طالبًا، مع كون مجموع الخريجين السنوي قد ارتفع من 43 خريجًا في الدفعة الأولى عام 1965 إلى 609 خريجين في 1997. (27) وفي عام 2010 قال الدكتور العقلا في حوار مع هدى الصالح من جريدة «الشرق الأوسط» إن الجامعة قد خرجت ما يزيد على 30000 خريج (**). (28) وتكشف قائمة خريجي الدفعة الأولى التي تتكون من 43 خريجًا عن أن هؤلاء الطلاب ينتمون بالكامل تقريبًا إلى دول ذات أغلبية مسلمة ناطقة باللغة العربية، خاصة في الشرق الأوسط وإفريقيا (***). (29) وتشير حقيقة كون أوطان هؤلاء الطلاب الأوائل تتماثل بشكل كبير مع أوطان الأعضاء الأجانب في المجلس الاستشاري الأول للجامعة إلى أن استقدام وجذب أولئك الطلاب في تلك المرحلة المبكرة ربما جرى - جزئياً - بواسطة أولئك العلماء الأجانب في المجلس وغيرهم من الأساتذة الأجانب عبر شبكات اتصال خاصة بهم. وتكشف قائمة أوطان الطلاب في أواخر الستينيات الجهود الرامية إلى توسيع النطاق الجغرافي لاستقدام الطلاب، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وجنوب - شرق آسيا وإفريقيا. (30) وواصل المجال الجغرافي لعملية استقدام الطلاب الذي يقاس بعدد الدول التي يُستقدم الطلاب منها في الاتساع في العقود التالية، وبدأت الجامعة في نهاية المطاف في تحقيق تقدم ملموس في اختراق مجتمعات الدول ذات الأقلية المسلمة في أوروبا وشمال أمريكا. (31) وبحلول فبراير 2011 ذكرت جاسمد أن عدد منسوبيها بلغ 13000 طالب من 160 دولة. (32) ومع مرور الوقت حقّق العديد من خريجي جاسمد بروزاً مدهشاً باعتبارهم علماء دين من المستوى الرفيع، وأيضاً باعتبارهم نشطاء وشخصيات عامة بارزة داخل وخارج الدوائر التي توصف عادة بالسلفية. وداخل الدوائر السلفية يمكن العثور على خريجي جاسمد في جميع أنحاء العالم؛ إذ يتبنون طيفًا من الآراء المهمة حول قضايا رئيسة، بما في ذلك جواز النشاط السياسي وغيره من القضايا الحساسة. هوامش المترجم: (*) كما ذكرنا في هامش سابق، يشير المؤلف في الهامش رقم (26) إلى أنه في عام 1977 - على سبيل المثال - كان مقدار الراتب الشهري لطلاب المرحلة الجامعية 525 ريالاً سعوديًّا. ولكن يشير مصدر معلوماتي شفهي حديث إلى أن المكافأة ارتفعت إلى 850 ريالاً شهريًّا في مرحلة البكالوريوس، وتصبح المكافأة 1000 ريال في مرحلة الدراسات العليا، إضافة إلى مبلغ مقطوع بدل كتب ومراجع سنوياً. (العيسى) (**): انظر الملحق رقم (1): حوار الأستاذة هدى الصالح من جريدة «الشرق الأوسط» مع مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة السابق. وأشارت جريدة المدينة، في 15 يناير 2017، (الملحق رقم 2) إلى أن مجموع خريجي جاسمد بلغ 74000 طالب منذ تخرج دفعتها الأولى عام 1964 حتى نهاية عام 2016. ونظراً للفارق الهائل بين الرقمين (30000 خريج في تقدير العقلا و74000 خريج حسب جريدة المدينة) فمن الأرجح أن العقلا كان يقصد 30000 خريج «أجنبي». والله أعلم. (العيسى) (***): يقول المؤلف في الهامش رقم (29): كانت البلدان الموجودة في القائمة هي: المملكة العربية السعودية، الأردن، سوريا، فلسطين، اليمن، تونس، الجزائر، السودان، الصومال، مالي، إندونيسيا، الهند، وتركستان. المصدر: دليل الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عام 1971، ص 59. (فاركوار-العيسى) يتبع

مشاركة :